إعــــلانات

مساكن بدون جدران، أمراض، روائح كريهة وبرد قارص يخيم على يوميات منكوبي غرداية

مساكن بدون جدران، أمراض، روائح كريهة وبرد قارص يخيم على يوميات منكوبي غرداية

روائح كريهة، قاذورات منتشرة هنا وهناك، كراسي مبعثرة تشغلها نسوة أكملن -اذا صح القول- أشغال المنزل ويتبادلن أطراف الحديث. هي حالة بعض منكوبي فيضانات غرداية، عشية زيارة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة للولاية، للوقوف على

  •  حالة مواطني الولاية عقب مرور ثلاثة أشهر عن النكبة. هي عائلات كانت تقيم على طرفي الوادي وأخرى تضررت منازلها بعد أنغمرتها المياه، نقلت بعد الفيضانات مباشرة إلى المدراس ثم بعد ذلك إلى قصر المعارض بغرداية
  • أحضروا لنا بعض المساعدات وفور ذهاب المسؤولين أخذوها
  • “أدخلي..تفضلي..ربي يخليك..قولي لهم يديرولنا حّل، من نهار جابونا، واحد ما طل علينا” هي كلمات لنساء مللن العيش وسط القذارةوأطفال صدموا بعد أن حصلوا على معدلات دنيا في نتائجهم الفصلية.
  • “حورية. ب” امرأة في العقد الرابع من العمر حدثتنا والدموع في عينيها : “منذ أن جلبونا إلى هذه “الخربة” ونحن نعاني، لديا ولدانيعانيان من القصور الكلوي وأنا مضطرة لنقلهما يوميا إلى المستشفى لأنهما يتعرضان لنوبات حادة بسبب البرد، ادخلي لتري بأمعينيك المعاناة التي نعيشها”، هي الدعوة التي ندمنا على تلبيتها، لأن الروائح التي كانت تعم المكان، أشعرتنا بالغثيان، ما اضطرناللعودة أدراجنا، وشرب كأس من الماء لنعود مجددا إلى المكان بحكم ضرورة نقل الواقع المر لهذه العائلات. فرن على الأرضوطاولة مصنوعة باليد، عليها قارورات ماء إلى جانب عدد من الصحون ، وبطانيات مترامية على الأرض، “هنا أعيش رفقة أبنائيالثلاثة، بعد وفاة زوجي شهر شعبان، شهر واحد قبل الكارثة”، بيت من دون سقف وجدران،  خشبه لا يقي حر الصيف ولا برودةالشتاء”. خرجنا الى الساحة التي كانت النسوة مجتمعات بها، حيث دار حديث وكلام عن ألمهن ومعاناتهن طيلة ثلاثة أشهر، تقولح. مليكة”، أم لأربعة أطفال؟: “لم نحصل على أي اعانات منذ عشرين يوما ونحن الآن مضطرون لشرب ماء الحنفيات الذي تسببفي مرض العديد منا، لأنه وبكل بساطة غير صحي. لقد نقلت، أمس، ابني ليلا الى المستشفى بعد أن تعرض لتسمم، ثبت أنه بسببالماء الذي شربه”، تسكت، لتضيف: “لو كان لدي مال لما تركته يشرب المياه القذرة، ولكن ما باليد حيلة” وماذا عن الإعانات التيخصصت لكم، ألم تستفيدوا منها، سؤال طرحناه، لنذكرها بالإعانات التي خصصتها الدولة للحيلولة دون معاناة هذه العائلات، حينهاتدخلت خالتي “عائشة ” لتقول: “أنا حاليا أقيم لدى جارتي، هنا بالمعرض، لأن بناتي رفضن البقاء معي وهن حاليا بمنزل جدهمبوسط المدينة، أتعلمين يا بنيتي لقد احضروا لنا أفران للطهي “طابونة” ثم فور ذهاب المسؤولين، جاءت شاحنة من البلدية ونقلت كلما تم منحنا إياه، لأي سبب لا نعلمه حتى الآن”، ربما هو فيلم حاولوا إخراجه ليرضى عنهم المسؤولون ولكنني سأفعل المستحيل غدالرؤية الرئيس وتقديم الشكاوى له”. ”
  • هدية العيد كانت علب “اللُبان” يظنونا كباشا..
  • من جانب آخر، أعربت مختلف النسوة اللواتي التقيناهن بمركز الإيواء عن خيبة أملهن في السلطات المحلية، التي لم تزرهم منذ أن تمنقلهم إلى المعرض. لتتدحل مرة ثانية السيدة حورية وتضيف: “لقد أحضروا لنا اللوبان في عيد الاضحى، تصوري أيحسبوننا كباشاتجتر، كنا نأمل في أن تكون هدية العيد أماكن تأوينا، غير أن مصالح الولاية جلبت للأطفال علبا من اللُبان “علك”، لست أدري متىتنفّذ تعليمات رئيس الجمهورية، الذي أمر بالتكفل الكلي بنا”.
  • تدور حالة من التذمر في المكان وتصيح كل واحدة من جهة لتعبر عن رأيها فيما يحدث، ونحن نتبادل أطراف الحديث تخرج شابة منخيمة منصوبة في وسط الفناء وتطلب منا مرافقتها للاطلاع على “السكن” الذي يأويها، كنت أرغب في أن أجد تلك الخيمة أحسنحالا من الأولى، لكن الكارثة كانت أعظم فالمسكن لا يحوي غطاء، جدرانه صنعت من الخشب، ترامت بها بعض الاغطية والأوانياللازمة للاطعام بالقرب من المراحيض، التي تجمع الكل سواء لقضاء حاجاتهم أو لغسل الملابس، روائح كريهة تنبعث من بعيدونساء منهمكات في غسل بعض الملابس، حاولنا الاقتراب منهن لنقل مشاغلهن، فكانت طلباتهن الترحيل الفوري إلى مساكن لائقة،لأن البرد نخر عظامهن وعظام أبنائهن وأزواجهن، في خيم أقل ما يقال عنها أنها لا تصلح لعيش الانسان. ولكم أن تتصوروا البرودةالتي تسيطر على المكان ليلا في ظل غياب وسائل التدفئة، تقول “خالتي زينب” :”لو أحضروا لنا قارورات البوتان لتكفلنا بشراءأفران التدفئة سواء الكهربائية أو الغازية”.. وماذا عن الكهرباء خالتي زينب، هل هناك مشكل في الانارة؟..تجيب بنبرة حادة :” بالطبع يا بنتي، فالانقطاعات تتكرر يوميا والأجهزة تفسد بسرعة”.
  • تركنا خالتي زينب تصارع برودة الماء وقذارة المكان والرائحة وتوجهنا لبعض الصغار الذين جرت بينهم مشادات عنيفة بسبب لعبةسرقت من أحدهم،  ولولا تدخل بعض النسوة لكانت العواقب وخيمة، فالطفل الذي كان يحمل اللعبة كان بيده الأخرى سكين يحاولالدفاع به عن نفسه، وبعد التهدئة حاولنا الحديث معهم، فنقلوا انشغالاتهم التي تعلقت أساسا بتراجع تحصيلهم الدراسي. محمد تلميذمرشح لاجتياز امتحانات الابتدائي، تراجع معدله الفصلي الى 8 من عشرين بعد أن كان من أنجب التلاميذ :”لقد كنت احصل علىأحسن المعدلات، لكن ظروف التمدرس وبعد المدرسة والـتأخر الذي نسجله كل يوم في الالتحاق بالمدرسة، جعلني أتراجع. أتمنى أننعود الى منزلنا حتى استطيع الحصول على شهادة الابتدائي وانتقل الى المتوسط” وماذا تتمنى أن تصبح في المستقبل؟ يرد ببراءة: “أرغب في أن أكون رئيس بلدية حتى يساعد العائلات الفقيرة” قالها بكل عفوية وانسحب جريا، وماذا عنك يا حلوة، هل كانتنتائجك جيدة؟ تقول “هاجر.ص: ” أنا أيضا سجلت تراجعا في معدلاتي، أدرس في القسم الثاني متوسط المشكل كله بسبب تأخر حافلةالنقل، فعوض ان تصل الى المعرض على الساعة السادسة لتقلنا الى المدرسة ونصل في الوقت المحدد، تذهب الى كل واد نشو ثمتعود وتصل إلينا في وقت متأخر في بعض الاحيان يجاوز الثامنة والنصف، وبالتالي فإننا نصل متأخرين الى المدرسة، وهوالمشكل الذي يجعلنا لا نحضر الكثير من الدروس الأساسية” 
  • غير بعيد عن ساحة الخيم كانت تجلس شابة في العشرينات من العمر، تنظر من بعيد إلى ما يجري وتترقب اقتربنا منها وسألناها عنسر ابتعادها عن الجميع، فقالت” :لقد اخبروني اليوم أن اسمي قد حذف من قائمة الوفد المستقبل لرئيس الجمهورية، أرجوك اريدك أنتبلغي رسالتي للسلطات المعنية، ما هو سر حذف اسمي، يقولون أني “جادورة “، لذلك منعت من مقابلته، حتى لا أكشف المستورربي وكيلهم”
  • محمد يحكي قصة فقدان شقيقه وأمين يطالب بلجنة تحقيق
  • تركنا المعرض وانتلقنا في وجهة ثانية الى حواف الوادي، الذي أحدث الكارثة. البداية كانت بمنزل محمد شقيق “ناصر” الشابصاحب الـ 28 ربيعا، يقول محمد ان شقيقه بحكم سهره ليلا لم يستيقظ يوم الكارثة باكرا، إلا انه تلقى مكالمة من أحد أصدقائه يخبرهبأن الوادي قد امتلأ عن اخره وبداعي الفضول، تنقل الشاب إلى عين المكان، حيث وقف وأصدقاؤه على حجم الكارثة غير أن ناصرلم يكن حذرا واقترب من حافة الوادي للاطلاع عن قرب على ما يجري، غير أن التربة الهشة التي وقف عليها انزلقت وهوت بهوسط الوادي الهائج، ورغم محاولات أصدقائه مساعدته على الخروج غير أن طول المدة التي قضاها يتخبط بين جنبات الوادي كانتكفيلة بالقضاء عليه وهو في ريعان شبابه، يقول محمد ان الشباب استعانوا بحبل لجذبه إلى الخارج وكان يصارع الموت بقوةوشجاعة وحاول التشبث بكل قواه، غير أن قواه خارت لقوة المد المائي، الذي كان يقذفه من جهة لأخرى”،.
  • الجولة التي قادتنا الى بعض المنازل، أحيت في ذاكرتي كارثة باب الوادي، فالتربة ما زالت على كل المستويات أمام المنازل وعلى السطوح حتى الاواني التي كان نصيبها الجذب الى الوادي ما زالت تطفو فوق الاتربة، محمد قال أن المنزل الذي يقطنه والداه امتلأ عن آخره بالمياه وفجر السطح، ما جعل العائلة تقضي أياما في العراء إلى حين ترقيعه بعض الشيء. عائلات أخرى استقبلتنا ورفضت أن تدلي بأي تعليقات سوى القول بأن الأشخاص الذين كان لهم نصيب في الحصول على المساعدات والشاليهات ليسوا من ذوي الحقوق. وذكر أمين 32 سنة متزوج وأب لثلاث أطفال أن هناك أشخاصا قدموا من ولايات مجاورة بعد الكارثة للاستفادة من المساعدات، في الوقت الذي لم يستفد المتضررون الحقيقيون منها، “نطالب بلجنة تحقيق في القوائم واعطاء كل ذي حق حقه”..هي الكلمات التي ودعنا بها منكوبي غرداية، على أمل أن تسمع السلطات المحلية مناشدتهم 
رابط دائم : https://nhar.tv/TE34J
إعــــلانات
إعــــلانات