إعــــلانات

مقاولو وأثرياء بومرداس تحت هاجس الاختطافات

بقلم زهية.ك
مقاولو وأثرياء بومرداس تحت هاجس الاختطافات

العشرية السوداء هجّرتهم من الأرياف و”الفدية” حاصرتهم في المدن

سجلت ولاية بومرداس منذ بداية السنة 8 اختطافات، 4 منها فاشلة، في ظرف شهر واحد، 3 اختطافات نفذتها الجماعات الإرهابية المسلحة في حق أثرياء وميسوري الحال بمناطق عديدة بولاية بومرداس بعد أن جفت ينابيعها واشتد الحصار على معاقلها، لتلجأ إلى مطالبة رجال الأعمال والمقاولين بمنح فدية مقابل إطلاق سراح الشخص المختطف، ويعتبر “نبيل” ثالث مختطف في هذا الشهر استهدفته الجماعات المسلحة أمام منزله الكائن على بعد أمتار من ثكنة حراس السواحل بدلس.
بحي شعبي متواضع “بحي الميناء” ببلدية دلس على بعد 65 كلم عن الولاية، يقع بيت المختطف “نبيل” الذي استهدفته جماعة مسلحة ليلة الأربعاء في نهاية الأسبوع الفارط من أمام منزله الواقع على بعد أمتار فقط من السد الأمني المتواجد بمدخل الميناء، وكذا الطريق المؤدي لثكنة حراس السواحل التي استهدفها التفجير الإنتحاري في 8 سبتمبر 2007. وصلنا الحي وسألنا عن إسم العائلة، وكان كل من سألناه عن اسم العائلة يجيب “هل تبحثون عن عائلة المختطف؟”، باعتبار أن الخبر إنتشر وسط أهالي سكان كل أرجاء البلدية وخارجها. طرقنا الباب، فخرج الأخ الأكبر “س.نبيل” وبعد أن عرف هويتنا راح يصف حالته النفسية السيئة التي تعيشها العائلة منذ اختطاف ابنها، مفضلا عدم التحدث إلى الوالدة وخاصة زوجة نبيل التي هي على وقع الصدمة، باعتبار أنها عروس زفت إلى زوجها منذ مدة لا تتجاوز العام وستضع مولودها الأول هذه الأيام، لذلك فضل التحدث إلينا عند الباب، حيث كان المنزل يعج بالضيوف والأقارب الذين توافدوا لمواساة العائلة. وعن كيفية إختطاف نبيل ذي السابعة والعشرين ربيعا، والذي يشتغل أمام منزله في محل ملك له مختص في غسل وتشحيم السيارات، يقول الأخ الأكبر “نبيل ثالث إخوته الذكور ويشتغل بمحله الكائن تحت منزله بذات الحي ونحن عائلة ميسورة وعادية وأبناء أحد تجار مدينة دلس العاديين”، ويضف “نبيل مثقل بالديون، حيث اقترض مبلغ 32 مليون سنتيم من وكالة تشغيل الشباب و70 مليون سنتيم اقترضها من بنك التنمية المحلية”. وعن كيفية اختطاف أخيه يقول: “أنا أخوه الأكبر وأشتغل عند أحد المقاولين”، ويضيف: “كان نبيل جالسا مع أصدقائه في حدود الساعة العاشرة ليلا من ليلة الأربعاء الفارط أمام المنزل ـ ويشير بإصبعه إلى المكان بالضبط ـ الذي اقتادوه منه، عندما باغتته جماعة إرهابية مسلحة وأمرته بالصعود في سيارة أحد أصدقائه من نوع “تويوتا كورولا”، فتم اقتياده إلى وجه مجهولة”، ويواصل الأخ بمرارة وتنهد عميق “بعدها بدقائق، اتصلوا بي هاتفيا وقال لي الشخص المتصل بأنهم جماعة المجاهدين وطلبوا مني أن لا أقلق على أخي وأنه بخير، كما أخبروني عن مكان سيارة “التويوتا” التي وجدتها مركونة في حدود الرابعة فجرا من صباح ذلك اليوم على بعد أمتار فقط من المنزل، ثم طلبوا مني توفير قيمة مالية كبيرة بهدف إطلاق سراح نبيل سالما”. ورغم إلحاحنا لمعرفة قيمة المبلغ، إلا أنه رفض إطلاعنا على السعر الذي حددته الجماعة المسلحة خوفا من تأثير ذلك على عملية المفاوضات الجارية بين الطرفين وكذا على حياة أخيه، قائلا “طلبوا مني مبلغا لا أستطيع توفيره وقلت له أنه كبير جدا وفوق طاقتي”، ويواصل “وفي الصباح عاودوا الإتصال بي وقاموا بتخفيض المبلغ. وعند إصرارنا، توصلنا إلى معرفة أن قيمة المبلغ لا تفوق 100 مليون سنتيم”. وكانت مصادرنا قد أفادت أن الجماعة المختطفة طالبت العائلة بمبلغ قدره مليار سنتيم وبعد المفاوضات تم تخفيضه إلى 400 مليون سنتيم. وعن كيفية تدبير المبلغ يقول أخ نبيل :”لقد تدخلت أفراد العائلة والأحباب بهدف جمع القليل منه أملا منها في إنقاذ حياة أخي”.

أخ نبيل: “لا أحد يؤكد إن كان المختطفون إرهابا أو جماعة أشرار”

وأكد أخ “نبيل” أن عملية اختطاف أخيه لا يستطيع أي أحد حاليا تأكيد ما إذا كان وراءها جماعة إرهابية مسلحة أو جماعة أخرى متخفية تحت غطاء إرهابي، تهدف لابتزاز المواطنين وتجريدهم من الأموال، موضحا بأن عائلته ميسورة الحال وليست من أصحاب الملايير بالنظر لقيمة المبلغ الذي طالبت به الجماعة المختطفة، مقارنة بما اعتادت عليه مطالبة المقاولين ورجال الأعمال بمبالغ تصل في كثير من الأحيان أو تتجاوز المليار سنتيم، قائلا: “يستطيع أي شخص القيام بعملية الإختطاف، خاصة في هذا الوقت الذي أضحى فيه الإنسان لا يعرف صديقه من عدوه”.
وكانت مصالح الأمن خلال العام الفارط قد سجلت 13 حالة اختطاف أقدمت عليها الجماعات الإرهابية المسلحة، نفذته بمختلف قرى ومداشر ولاية بومرداس، مستهدفة بذلك الأثرياء من مقاولين ورجال أعمال وكذا أجانب، بالتخطيط لسيناريو عملية الإختطاف مسبقا بعد الترصد والتقصي عن الأثرياء وساعات عملهم ودخولهم وخروجهم من وإلى منازلهم.

“الإبتزاز والإختطاف بمساحات الكروم”

من الأساليب التي تلجأ إليها الجماعات الإرهابية المسلحة في عمليات الإختطاف، خاصة بالمناطق الشرقية لولاية بومرداس كدلس، سيدي داود وبغلية، أين تنتشر أغلب مناطقها بزراعة مساحات شاسعة من ثمار الكروم، هي ظاهرة الإبتزاز بمساحات الكروم، حيث تعمد الجماعة الإرهابية إلى ترصد تحركات صاحب المئات من الهكتارات من مساحات الكروم لتقوم بتحديد المساحة التي يملكها الفلاح المستهدف، وتغتنم فرصة بداية جني المحصول مع أول فترات الصيف. وبعملية بسيطة بعد حساب عدد الأجور ومعرفة سعر العنب في السوق، تصل إلى تحديد قيمة المبلغ الذي يجنيه الفلاح بعد بيع محصوله والمقدر بالملايير. وكخطوة أولية متمثلة في أول إنذار، تطالب الفلاح بتقسيم قيمة الأرباح بينها وبينهم. وإذا رفض، تقوم بقطع عنقود من العنب يصل وزنه إلى الكيلوغرام الواحد وتتركه على الأرض، وإذا أقدم الفلاح لتفقد محصوله يعثر عليه، حيث يصل الأمر إلى اختطافه ومطالبة أهله بفدية أو أخذ المبلغ مباشرة من الفلاح الذي لا يجد من حل سوى بمحاولته تخففيض المبلغ ومنحه في سرية تامة.

بعد 27 يوما.. مختطف الثنية لايزال في أيدي الجماعات المسلحة

تنقلنا إلى مدينة الثنية إلى منزل المختطف “أ.أحمد” البالغ من العمر 67 سنة، أين استقبلتنا الزوجة في حالة نفسية متدهورة وخوفها من تدهور حالة زوجها الصحية، باعتبار أنه مصاب بمرض القلب والروماتيزم قائلة: “بعد 27 يوما، لم يظهر عنه أي خبر ولن تعاود الجماعة التي اختطفته الاتصال ولم تطالبنا حتى بفدية”، وأوضحت الزوجة أن عائلة المختطف “نبيل” بدلس من أحباب وأصدقاء العائلة أين استنكرت هذه العمليات التي تستهدف العائلات في عقر دارهم وأمام الملأ.

رابط دائم : https://nhar.tv/cNSQI
إعــــلانات
إعــــلانات