مقاول وابنه يكبّدان مشروع مصنع تكرير السكر خسائر بأكثر من 12 مليار سنتيم

كشفت التحقيقات الداخلية المنجزة بمصنع تكرير السكر بأولاد موسى، بعد الخبرتين المالية والتقنية، وجود ثغرة مالية قدرت بأكثر من 12 مليار سنتيم، تسبب فيها حسب الملف القضائي الذي تحوز النهار على نسخة منه، مقاول وابنه ومسير مضخة الإسمنت المسلح ومتهم آخر متواجد في حالة فرار، في فضيحة فساد هزت مجمع «لابال» الذي أوكلت له مهمة إنجاز مشروع مصنع تكرير السكر بالشراكة مع «يونيون كريستال» الفرنسية، وتبين من أوراق الملف بأن المقاول تم تعيينه كمدير وشريك بالثلث من طرف مجمع «لابال» لإنجاز المشروع، ويتعلق الأمر بالمدعو «ط.جمال» المتابع باختلاس أموال خاصة من خلال تحويل وجهة مواد البناء المتمثلة في الإسمنت إلى أغراض أخرى، والتصرف فيها من خلال بيعها لمقاولين خواص .
المتهم: تلقيت أوامر شفهية بالتصرف في مادة الإسمنت من مدير المجمع
أفاد المتهم «ط.جمال» عند الحضور الأول بأنه بدأ العمل رفقة مسير مجمع «لابال» كشريك معه بالثلث في الشركة المسماة «آس.سي.إي» الكائن مقرها بأولاد موسى ببومرداس، وبخصوص بيعه الخرسانة المسلحة للمدعوين «ب.ع» و«ب.ع» والمدعو «ب.ر» أصحاب الحظائر الخاصة ببيع مواد البناء، فكان ذلك بأمر شفهي من مدير المجمع، وعن عملية التسيير فإنها كانت تتم بحضور أحد أفراد عائلة المدير العام للمجمع، وعن علاقته بتسيير مصلحة أجور العمال فقد نفاها وأرجعها لعمل المحاسب «ز.أ»، وعن الخرسانة المسلحة فقد قام أخ مدير المجمع بأخذ كمية معتبرة وقام بواسطتها بتسييج منزل عمته الكائن ببلدية بن طلحة، كما كان يأخذ بصفة مستمرة المواد الأولية المتمثلة في الإسمنت إلى المصنع الخاص بصناعة الفرينة المسمى «جي.أر.دي» المتاخم لمصنع «أس.سي.إي»، كما قام شقيق رئيس المجمع بأخذ بعض المواد الأولية إلى مصنع القهوة بأولاد موسى من أجل تهيئته.
إسمنت المصنع يستعمل في استكمال بناء شركات ومساكن أقارب رئيس المجمع
وأفاد المتهم «ح.كمال» بأنه بدأ العمل بالمصنع نهاية 2012 كمسير للآلة المركزية الخاصة بصناعة الإسمنت المسلح، وأنه كان يقوم بذلك وفقا لتعليمات يتلقاها من المتهم «ط.جمال» بملء الشاحنات من أجل القيام ببيعها، وأثناء إشرافه على منصبه بالمصنع سبق له أن تلقى اتصالا من مدير المجمع «د.ل» يطلب منه إرسال شاحنات مملوءة بالخرسانة المسلحة إلى أماكن مختلفة التي توجد فيها الوحدات التابعة للمجمع، كما أن شقيق مدير المجمع سبق له هو الآخر أن اتصل به من أجل إرسال شاحنات مملوءة بالإسمنت إلى كل من بلدية خميس الخشنة ومرة إلى بلدية بن طلحة وبالضبط إلى مسكن عمته، كما أن والد رئيس المجمع طلب منه شفهيا أن يسلم له مادة الإسمنت المسلح من أجل استعمالها في مصنع الفرينة والسميد المحاذي لمصنع «أس.سي.اي».
مدير مجمع «لابال» ينفي تقديمه أمرا للمتهم بالتصرف في الإسمنت المسلح
وبسماع الرئيس المدير العام لمجمع لابال «د.ل»، بتاريخ 17 جوان 2015، أفاد بأنه عين بداية سنة 2012 المتهم «ط.جمال» كمدير عام على مستوى مصنع «sci لابال» بأولاد موسى بموجب مقرر كتابي، وهذا من أجل متابعة إنجاز مشروع مصنع تكرير السكر مع شركائهم الفرنسيين وأوكلت له مهمة اقتناء المواد الأولية ودفع مستحقات المستأجرين من عائدات الشركة، وكان هو يقوم بدفعها للممونين وله صلاحية التوظيف، وأضاف: «وبحصول المتهم على عطلته السنوية شهر أوت، توجهت إلى المقر للوقوف على سير العمل فوجدت تقدم عدة أشخاص إلى المصنع من أجل اقتناء الإسمنت والإسمنت المسلح والرمل على أساس أنهم سبق لهم أن اقتنوا المواد من عند المتهم، واكتشفت أنه قام بتغيير وجهة المواد الأولية التي كان من المفروض أن ينجز بها المشروع، وقام ببيعها لمقاولين»، وهو ما أدى به لإجراء تحقيق داخلي رفقة طاقمه الإداري، أين تبين أن المتهم قام ببيع المواد لحسابه الخاص، وهو ما يعني بأنه خالف الاتفاق لأن مهمته تكمن في إنجاز مصنع تكرير السكر وليس بيع المواد الأولية. وما ميز جلسة المحاكمة بمحكمة بودواو، والتي دامت تسع ساعات نظرا لثقل الملف ومواجهة المتهم بالشهود الذين تناقضت تصريحاتهم، هو استبعاد رئيسة المحكمة الممثلة القانونية التي تأسست كطرف مدني، هذه الأخيرة التي أكدت على مسامع المحكمة بأنها هي من أملت عليهم الشهادات وقاموا بإمضائها من دون الاطلاع عليها، وقد التمست النيابة العامة تسليط عقوبة 8 سنوات حبسا، وبعد المداولات القانونية تم إدانة المقاول»ط.ج» بالحبس 5 سنوات عن جنحة اختلاس أموال خاصة.