إعــــلانات

نصف قرن‮ ‬وما تزال أعين فرنسا على الجزائر

نصف قرن‮ ‬وما تزال أعين فرنسا على الجزائر

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Tableau Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Times New Roman”;
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}

أكدت الأحداث المتعاقبة التي شهدتها الجزائر على مدار سنة كاملة الشكوك التي طالما راودت الجزائريين بشأن استمرار العقلية الاستعمارية لدى حكIام فرنسا، مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية أو مواقفهم المعلنة.

فسنة الثورات العربية كما يحلو للبعض تسمية عام 2011، كانت بمثابة فرصة رآها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ذهبية وسانحة لفرض منطقه ورؤيته في الجزائر، وتحويلها مجددا إلى بقرة حلوب، خيراتها حلال على باريس وشعبها مجردغاشيأوأنديجان، لدى الكولون الجديد. ولم يكف باريس الاستمرار في رفضها الاعتراف والاعتذار عن جرائمها في الجزائر خلال فترة الاستعمار، بل تعدت طموحات فرنسا هذه المرة إلى حدود اللامعقول، عندما حاولت تأليب أذنابها داخل الجزائر وتحريكهم للتحريض على الفوضى وإسقاط النظام، وفرض نظام جديد يأتمر بما يرد من قصر الإيليزيه، ويتحرك وفقا لأهواء نابليون القرن الواحد والعشرين.

ما تعرضت له الجزائر على مدار سنة كاملة، بين بالدليل والبرهان، أن ما كان يردد في أحاديث الصالونات من عباراتحزب فرنساوأذناب فرنسالم تكن مجرد قصص من وحي الخيال، ولا أيضامبالغة سياسيينفي وصف الوضع الراهن، بل كانت حقيقة مبنية على وقائع، تأكدت نوايا من يقفون وراءها بمرور الأيام، حتى أصبحت الجزائر محاصرة من الغرب بـخصم حميملا يخفي تحالفه مع فرنسا على حساب الجزائر منذ عشرات السنين، ومن الشرق بنظام فتي لا يقوى على قول كلمةلالحكام باريس، ومن الجنوب بمنطقةفوضىمفتوحة على الهواء الطلق تثير الهواجس والمخاوف أكثر وتشتت الانتباه عن المخاطر الأخرى في الغرب والشرق ومن الداخل. فرنسا التي دعمت نظام المخزن المغربي منذ نهاية الستينات، ليس حبا في المغرب ولا في شعبه، وإنما نكاية في الجزائريين وزكارةفي الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي رفض أن ينحني بـموسطاشاتهأمام المستعمر القديم، هي التي ما تزال تدعمه في أي مسعى يهدف لزلزلة الجزائر لكن دون جدوى. أما اليوم، وقد فتحت ثغرات أخرى في الشرق والغرب، فإن الخطر تعاظم وزاد، وأصبح الحلم الفرنسي باسترجاعالفردوس المفقودعبارة عن خطوة واحدة فقط تفصل عن تحقيق الهدف والوصول للمبتغى، بمنظور حكّام باريس، ولو بفرض وصاية غير مباشرة على الجزائر والجزائريين على الطريقة الأمريكية المجسدة في أفغانستان.

تنامي ظاهرة كره الإستعمار لدى جيل ما بعد الإستقلال

يــا فرنسا إن ذا يوم الحســاب..!

بتاريخ 20 فيفري 2010، قال وزير الخارجية الفرنسي، آنذاك، برنارد كوشنير، في حوار أجرته معه صحيفة فرنسية، ؤنه على فرنسا انتظار جيل جديد يخلف جيل الاستقلال في الحكم بالجزائر،وبعده ربما سيكون الأمر أقل تعقيدا”. وكان حديث الوزير الفرنسي واضح المعاني والدلالات، حيث إنه أشار إلى تردي العلاقة مع الجزائر، ونصح بوجوب انتظار زوال جيل الثورة للشروع في تطبيع العلاقة.

لكن بعد قرابة عام ونصف، ثبت بالدليل أن ما قاله وزير خارجية ساركوزي في ذلك الوقت، لم يكن سوى فهم خاطئ ينضاف إلى سلسلة الأخطاء التي ما فتئت فرنسا ترتكبها كلما تعلّق الأمر بالجزائر والجزائريين، حيث ما تزال حملة كره فرنسا ومعاداتها آخذة في الانتشار في أوساط الجزائريين بعد إصرارها على رفض الاعتذار عن جرائمها، حتى في أوساط صغار الشباب من مواليد جيل ما بعد الاستقلال بـأكثر من 35 سنة.

اليوم، يكاد يكون كل شاب جزائري، واع بشكل أو بآخر بأن العقلية الاستعمارية ما تزال سائدة في فرنسا، وأن أعين باريس على مستعمرتها السابقة ما تزال ترصد كل عثرة للانقضاض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة واسترجاعالفردوس المفقود، بدليل التهافت الكبير الذي سجل أمس من طرف شبابفايس بوكعلى قصف صفحة الرئيس الفرنسي على الموقع، لدرجة فاقت التعاليق الآلاف، بمختلف اللغات واللهجات والتعابير في ظرف سويعات.

وبالرغم مما يعانيه الجزائريون في موطنهم، من مشاكل متراكمة دفعت البعض منهم إلىالحرڤةفي خيار انتحاري، غير أن الوطنية التي أظهرها الشباب الأقل من 30 سنة، خلال أزمة المباراة الكروية مع مصر، ثم موقعة أم درمان، وصولا إلى ما تعرفه ليبيا حاليا، وقبلها مقاطعتهم دعوات التظاهر والتخريب في 17 سبتمبر، تثبت أن جيل ما بعد الاستقلال بثلاثين سنة ليسوا  أقل وطنية من جيل الثورة، أن على حكام باريس أن يخافوا حقا من جيل قادم، أكثر من خوفهم من جيل فجر ثورة نوفمبر، ذلك لأن حدود الغضب لدىالمصاغرفاقت كل صبر وتعجز أي حكمة عن كبح جماحه.

عوامل تاريخية تتحكم في كراهية الجزائريين لكل تدخل أجنبي

لهذه الأسباب لن تنتقل الفوضى من ليبيــا إلى الجزائر

يتعجب كثير من الأشقاء العرب وخصوصا في ليبيا، من سر موقف الشارع الجزائري المناهض للثوار والمتعاطف مع نظام القذافي، في وقت تعاطف الرأي العام العربي وحتى العالمي مع ثورات تونس ومصر ثم ليبيا.

لكن ما أهمله المتعجبون هو أن الشارع الجزائري تفاعل مع ثورة ليبيا في بدايتها، بقدر تفاعله مع ما جرى في مصر وتونس، أملا في إسقاط نظام لا يحظى بدعم الشعب، وتمكين هذا الأخير من فرض اختياره بنفسه، لكن التطورات التي حصلت في ليبيا، بعد حشر الدول الغربية أنفها في الشأن الليبي، وصولا إلى التدخل العسكري لحلف الناتو، بقيادة فرنسا، جعلت الجزائريين يغيرون حساباتهم ويتغير معها تعاطفهم مع الثوار، لأسباب تاريخية لو سأل عنها قادة فرنسا والناتو أسلافهم في الخمسينيات من القرن الماضي لأجابوهم بالتفصيل الممل.

في الجزائر، ما يزال يتذكر جيل الثورة ويذكرون أحفادهم، بأن فرنسا قتلت من قتلت، وشردت من شردت وعذبت ونكلت، بمساعدة من حلف الناتو. وما يزال الموروث الشعبي من عهد الثورة يحتفظ بمصطلحالطيارة الصفراالتي ترمز لطائراتالناتوالتي أمد بها الغرب فرنسا لمساعدتها على دفن الجزائريين تحت التراب وهم أحياء، فكيف يتحول مستعمر الأمس ومن ساعده في جرائمه إلى محرر وبطل اليوم ترفع راياته وأعلامه وسط التهليل والتكبير؟.

في الجزائر، ما تزال الذاكرة تحتفظ بموقف باريس من أول ثورة عربية عصفت بنظام زين العابدين بن علي وأجبرته على الهرب إلى السعودية، حيث كانت فرنسا رغم انتشار المظاهرات في كامل أنحاء تونس تستعد لمد نظام بن علي بالأسلحة والقنابل والذخائر لقمع شعبه، فيما كان ساركوزي ووزراؤه يحاولون التقليل من شأنثورة البوعزيزيقبل أن يدركوا أن قطار الثورة على نظام بن علي قد انطلق دون رجعة.في الجزائر، ارتاب الجزائريون من تدخل الصهيوني برنارد ليفي في ثورة ليبيا، وقيامه بدور الوسيط بين فرنسا وثوار الصالونات في بنغازي. وكان محل هذا الارتياب نابعا من كره وبغض وراثي يحمله كل جزائري في جيناته ودمه، لكل صهيوني، لدرجة أن الجزائريين ينفردون عن باقي الشعوب العربية باستعمال عبارةيهوديفي السب والشتم.

معاهد دراسات عالمية عاجزة عن توقع سلوكات الشعب الجزائري

هذه هي ”العقلية” الجزائرية لمن لم يفهمها!

يقول المثل العربيإذا خدعتني في المرة الأولى فأنت غدار.. أما إن خدعتني للمرة الثانية.. فأنا الأبله، مثلما يقول الرسول عليه الصلاة والسلامالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين”.

ولأن الغرب لم يتوصل بعد لكيفية فهم المسلمين وديانتهم، بشكل عام، وعلى وجه الخصوص الجزائريين الذينداخوافي فهمعقلياتهم، المتأثرة بتعاليم وأحكام دينهم ومورثوهم الثقافي، فإنهم عجزوا على مدار الأشهر الماضية في فهم سبب عدم انجرار الجزائريين نحوموضةالفوضى وقلب الأنظمة، دون حساب العواقب، فراحت معاهد الدراسات والبحوث الاستراتيجية في كبرى عواصم العالم، تبحث وتنقب لمعرفة سبب امتناع الجزائريين عن اتباع سبل جيرانهم في ليبيا ومصر وتونس، لكن دون التوصل لنتيجة. وإن جرى حقا أن تم التوصل لنتيجة تذكر، فإنها لن تكون سوى على شاكلةهذا شعب لا يمكن أن نفهمه”.

في كافة بلدان العالم العربي، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخصفايس بوكإلى غول تخافه الأنظمة العربية، أكثر من خوفها من جيش جرار بتعداد مليون جندي مقاتل، حتى أصبح موقعفايس بوكالعدو رقم واحد للأنظمة العربية، باستثناء الجزائر، لأن الجزائريين فهموا بشكل مبكر تفاصيل اللعبة وخفاياها، فحولوا سلاح الخصوم والأعداء إلى سلاح مضاد، فكان أن عجزت قناةالجزيرةالتي ساهمت في إسقاط الأنظمة في تونس، ومصر وليبيا، عن مجرد التحكم في صفحتها على موقعفايس بوكلكثرة ما تلقته من هجومات من جانب شباب جزائري، احتل القناة القطرية افتراضيا واكتسحها، ومنعها حتى من التحكم فيما تملك، وهكذا تحولتالجزيرةمنبُعبُعتخافه الأنظمة في شتى أنحاء العالم العربي، إلى مجرد لعبة لتمضية الوقت بالنسبة إلى شباب جزائريين، أرادوا قول كلمةلسنا أطفالا ولسنا أغبياء، بطريقتهم الخاصة.

العقليةالجزائرية التيدوختكبار الخبراء في علم الاجتماع السياسي وجعلت المحللين والمراقبين يقفون مشدوهين دون فهم أو استيعاب، رفضت أيضا التدخل الأجنبي حتى وإن اعترفت في آن واحد بوجود مشاكل، رافعة شعاراحنا في احنا والبراني يسامحنا، في إشارة إلى عدم وجوب الاستنجاد والاسقواء بالأجنبي، مهما كانت صفته أو جنسيته، وهو الأمر الذي جعل السواد الأعظم من الجزائريين ينقلبون من مساند أو متعاطف مع ثوار ليبيا خلال بداية الأزمة إلى ناقمين عليهم كارهين لهم بعد تدخل الناتو وبالأخص فرنسا في الشأن الليبي وانتهاكها سيادة ليبيا.

رابط دائم : https://nhar.tv/mOiqE
إعــــلانات
إعــــلانات