إعــــلانات

هؤلاء يعيشون الاضطراب والفوضى إلى أجل غير مسمى!

هؤلاء يعيشون الاضطراب والفوضى إلى أجل غير مسمى!

إن العقدة التي ظلّت تلازم أغلب شبابنا العربي، هي شعوره بالدونية إزاء واقعه المعيشي، فهو يرى بأن الغرب وأوروبا بالخصوص، هي مصدر الحضارة، نظير ما يشاهده ويتابعه من بريق ولمعانٍ.

بل من إعلام يصف له الجنة في أسمى معانيها، من دون إدراك ووعي منه بحجم الفوارق والمفارقات التي تتصف بها أغلب المجتمعات والدول.

والخصوصيات الدالة على التنوع والتباعد والاتساق وهذه سنة الحياة {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} لذلك فهو يتشبث بالتقليد حتى لا نقول الذوبان في حياة الآخر، الذي يراه أكبر وأقوى منه، فهل من الأجدر أن نقول إن غياب عوامل الوعي هي الأساس، أم نوظف مصطلحا آخر كالمعرفة والثقافة والوازع الديني؟.

أشياء من هذا القبيل جلّها تشكّل حضورا واسعا في عقول لا نستطيع تحديد أعمارها، فتجد شخصا عربيا بلغ من العمر عتيا، لا يزال يتأثر ومولعا بالتقليد، وفي المقابل، تجد شابا جامعيا متمدرسا يفعل نفس الأمر، إذا، فالمسألة ليست مسألة أعمار بقدر ما هي مسألة فهم وتفسير واستنباط وقراءة تمحيصية للذات، وتأثيرها المباشر وغير المباشر في العالم وفي المجتمعات الأخرى، فمقولة ابن خلدون «المغلوب مولع بتتبع الغالب» لا تزال تلقى بمفعولها بقوة.

لقد حاولنا أن نجد تفسيرا وافيا لهذا التأثر المشين، انطلاقا من احتفالات رأس السنة الجديدة، ولماذا ينغمس معظم الناس، أسرا وأفرادا في طقوس لا يفقهون لها آخرا ولا أولا؟! فإذ سألت شابا مثلا: «لماذا تحتفل بهذه اللحظات؟»، فيجيبك إجابة بسيطة نمطية.

وإذا استرسلت معه، وجدت نفسك في دائرة من الخواء الفكري والروحي، فالمهم التقليد فقط، وتخرج بنتيجة مفادها أن المعني يدفع مع الكل بكلتا يديه عربة بحمار ميّت، ثم تحاول أن تتفلسف معه قليلا، على شاكلة أنه عيد ميلاد «عيسى المسيح» عليه السلام.

وأن الأوروبيين مخطئون مئة من المئة في تحديد هذا التاريخ، لأن القرآن الكريم يقول إنه ولد في الصيف، ولو سلّمنا بأنهم غير مخطئين، فما علاقتك يا صاحبي أنت بالحدث؟.

ولماذا الشاب الأوروبي لا يحتفل بمولد نبيّك المصطفى أو بعاشوراء أو بمحرم؟، أليست محطات هامة في تراثنا؟، أم أنه وجب علينا التفريط في هذا التراث والمقدسات ورميها في مزبلة التاريخ؟، نعيش بأجسادنا هنا وبأرواحنا هناك مفصولي الفكر والهوية!، أم أننا كشعوب وأفراد لا نريد العيش بلا هويات وتقاليد ومناسبات تبعث في نفوسنا الرشد والطمأنينة؟!

من هذا المنطلق، صنع الإنسان العربي من حوله دائرة من التذليل ومشنقة تستدرجه وتستدعيه متى شاءت ورغبت إلا من رحم ربك، لأنه دوما ظل ولا يزال ينخرط من دون تبصر وبصيرة، ثم يمارس موبقات كبرى.

وهي نقطة تدل على حجم احتقار الذات وجلدها بناءً على قناعات شكلية لا صلة لها بواقع صاحبها، حيث يقول بعض الملاحظين، إنه على العربي إذا كان يعيش في بلاد الغرب، لا حرج في ذلك، خاصة إذا اعتنق دينا غير دين أهله وأمته وبدّل جنسيته.

أما أن تعيش في بلاد المسلمين وقناعاتك وفكرك غير فكرهم وتمارس طقوسا وتقاليد ليست منهم، فأنت تعيش طول الدهر «شيزوفرينيا» مفصول الشخصية ومضطربا نحو أجل غير مسمى.

الجزائريون ليسوا وحدهم في هذا المضمار، بل كثير من أمثالهم في هذا العالم الثالثي والعربي بالخصوص ممن يعيشون صدمة كبرى، لا يجدون لها تفسيرا، بل هي ككرة الثلج تكبر في نفوسهم، حتى تقتل فيهم خصوصياتهم، فلاهم عرب أقحاح ولا أوروبيون أفراح.

ونتذكر هنا مقولة المفكر والعلّامة محمد عبده حين قال: «زرت بلاد الغرب فوجدت إسلاما بلا مسلمين وعدت إلى بلاد العرب فوجدت مسلمين بلا إسلام»، فشتان إذا في من يتلذذ التقليد الأعمى على غير قناعات، وهو يدرك بأنه ينحو صوب المنحدر!

رابط دائم : https://nhar.tv/nFEGU
إعــــلانات
إعــــلانات