إعــــلانات

هروب إلى الواحة أو سفر إلى الشمال وشباب يشتغل في البناء

هروب إلى الواحة أو سفر إلى الشمال وشباب يشتغل في البناء

تحل قريبا

عطلة الصيف، إذ توشك الامتحانات على نهايتها، وقد أخذ الكثير من الناس بغرداية يفكرون في كيفية قضاء هذه الفترة الصيفية التي تدوم نحو ثلاثة أشهر، فمنهم من يلجأ إلى بساتين الواحة، وبعضهم يريد السفر إلى الشمال طلبا للأجواء اللطيفة وهروبا من الحرارة، وهناك من يتطلع إلى إنجاز مشاريع مفيدة كتدارس كتاب الله وحفظه أو تعلم حرفة، بينما تختلف مآرب الشباب بين العمل في ورشات البناء أو في محلات تجارية أو “قتل الوقت” في الفراغ.

الواحة مكان مفضل للاصطياف، لكن ..

تقربنا من بعض المواطنين بغرداية لمعرفة رأيهم في الموضوع، فكان ردهم أن أفضل مكان لقضاء العطلة بغرداية هو التوجه إلى الواحة المعروفة محليا باسم “الغابة”، وهو فضاء أخضر بالنخيل والأشجار. وتوجد الواحة في محيط كل قصور وادي ميزاب وأغلب مدن الولاية، منها ضاية بن ضحوة ومتليلي وزلفانة وسبسب. وقد تعود سكان المنطقة منذ القديم على الذهاب إليها مع بداية فصل الصيف للتمتع بلطافة الجو، لذلك فإن الهندسة المعمارية لمسكن الواحة تتميز بالبساطة والانشراح ويحتوي على بستان وظيفته اجتماعية يجتمع فيه أفراد العائلة أوقات الصباح والمساء، كما يجتمع فيه الأبناء للعب والترفيه بعد فراغهم من ساعات الدراسة بالمدرسة القرآنية التي تتواصل طيلة فصل الصيف. لكن الميزة التي توفرها الواحة بدأ السكان المحليون يفتقدونها بمرور السنوات بفعل عوامل عدة، من أهمها تزايد عدد أفراد العائلة الواحدة فأجبرتها الظروف على تقسيم العائلة الكبيرة إلى عائلات صغيرة واتخاذ ما في الواحة مسكنا دائما لها صيفا وشتاء، مما أفقدها طابعها المميز. من جهة أخرى، شهدت واحة قصر غرداية بدرجة خاصة تدهورا فظيعا في محيطها البيئي العام بعد أن غمرتها بشكل كامل مياه فيضانات أكتوبر الماضي، ولا زالت آثار تلك النكبة قائمة بانتشار أنقاض البنايات المنهارة في كل الأحياء وبظهور حشرات زاحفة وطائرة مثل الناموس الذي يؤرق مضاجع السكان، وبدأ الكثير من المواطنين يعزفون عن قضاء صيف هذا العام في الواحة بسبب تدهور محيطها وبيئتها التي تلوثت. وفي المقابل، يوجد عدد من العائلات التي تسافر سنويا إلى الشمال لقضاء عطلتها هناك بحثا عن الجو اللطيف وابتعادا عن أجواء الحرارة، ويتعلق الأمر بالعائلات التي تملك سكنات لها بإحدى مدن الشمال أو تلجأ مؤقتا لاستعارة مسكن لأحد الأقارب، وهناك من يؤجر سكنات لظرف لا يتجاوز الشهر في الغالب في بعض المناطق الاستجمامية والحموية مثل حمامات بوحنيفية بولاية معسكر أو في مدينة القالة، حيث تتوفر سكنات عائلية للإيجار. أما التوجه إلى الخارج فهو أمر يكاد يكون محصورا على عدد قليل جدا من العائلات ويكون مقصدها تونس، فيما يعتبر البعض الآخر أن أفضل عطلة له هي أداء مناسك العمرة ويرجئها إلى شهر رمضان المعظم لاحتساب الأجر. العطلة عند الشباب عمل ومخيمات وأيضا فراغ، توجهنا بالسؤال كذلك لعدد من الشباب بعضهم تلاميذ في مؤسسات تربوية، فكان لكل جيل تفكيره ولكل عمر طموحاته وانشغاله. تقربت “النهار” من تلاميذ بإحدى ثانويات غرداية، وكان رد “يوسف” حول الموضوع “سأستغل العطلة الصيفية بالعمل في ورشة بناء لكسب مبلغ مالي يعينني على شراء بعض حاجياتي الضرورية حتى لا أثقل كاهل والدي بالمصاريف وتوفير مبلغ آخر لوقت الحاجة”، وعندما سألته إن كان له زملاء آخرون سيعملون معه في ورشات البناء، فقال” نعم، هناك الكثير بل أغلب الطلبة الذين يعملون في الصيف يطلبون العمل في ورشات البناء وفي طلاء المباني والسكنات لأن المدخول جيد يصل إلى غاية 500 دينار في اليوم الواحد”. أما “إلياس” فقال أنه سيعمل مع والده في متجره والذي سيدفع له في نهاية العطلة مبلغا من المال لسد بعض حاجياته. بينما يرى “نذير” العطلة الصيفية من زاوية أخرى حيث قرر الدخول في تربص لحفظ القرآن الكريم بعد نهاية امتحانات نهاية السنة الدراسية، وأبدى عزمه على استظهار كتاب الله وقال أن هذا المشروع تم التخطيط له بتشجيع من والديه. وعلى النقيض من “نذير”، بعض الشباب لم يرسموا أي برنامج لعطلتهم، حيث صرح لنا تلميذ آخر أنه ” لا يوجد مخطط محدد لقضاء العطلة، إنما سأعيشها كأنها يوم عادي”.  أما بعض التلاميذ المنتمين للأفواج الكشفية والنشطين في الجمعيات الرياضية والثقافية فلهم نصيب من الحظ، حيث يقول “يونس” إنه سيشارك في مخيم صيفي كشفي بإحدى المدن الساحلية من الوطن. ومعروف أن الأفواج الكشفية وعدة جمعيات بغرداية تنظم سنويا رحلات إلى شواطئ البحر، حيث تقيم هناك مخيمات تثقيفية تربوية وترفيهية، ويتم التوجه عادة إلى مناطق ساحلية معروفة في ولايات ذات مناظر طبيعية جميلة مثل مستغانم، تيبازة، بجاية وسكيكدة. وفيما يخص الأطفال الصغار فلهم زاوية نظر أخرى للأمور، ويبادرون فور نهاية دراستهم بطرح السؤال على أوليائهم حول مكان قضاء العطلة، ويضع بعض الأولياء بدائل أخرى عن السفر إلى الشمال، وذلك بتوفير وسائل ترفيهية كشراء ألعاب أو جهاز كمبيوتر والسباحة في أحواض صغيرة داخل المنزل أو التنزه في المناطق الاستجمامية القريبة على قلتها مثل منطقة زلفانة السياحية.

جمعيات وهيئات تتكفل بالأطفال

تبادر جمعيات نشطة تهتم بشؤون الطفولة على تنظيم برامج وأنشطة صيفية في المطالعة والتدريب الصيفي للأطفال قصد تشغيلهم عن فراغهم ولكسب العلوم والمعارف وتساعدهم على تعلم أمور جديدة ومهمة تجعلهم جزءا فعالا في المجتمع وتزيد من ثقتهم بقدراتهم. ومن بين أبرز الجمعيات في هذا الإطار جمعية الطفولة السعيدة في مدينة العطف التي تقيم سنويا مراكز للمطالعة والترفيه للأطفال طيلة الفترة الصيفية، وتمكن هؤلاء الأطفال من الانشغال في نشاطات تربوية وترفيهية مفيدة تبعد عنهم ملل العطلة وفراغها وتبعث فيهم روح المثابرة والنشاط. وفي نفس الإطار، تكثف المدارس القرآنية من نشاطها لتحفيظ القرآن الكريم للناشئة في مختلف بلديات ولاية غرداية، ومثال ذلك التربص الصيفي الداخلي الذي تنظمه مؤسسة الشيخ عمي سعيد بغرداية، وسيكون التربص هذه السنة ابتداء من 20 جوان المقبل إلى غاية 27 جويلية إلى جانب التربص الذي ينظمه سنويا معهد الحياة في مدينة القرارة لنفس الغرض والذي تخرج منه العشرات من حفظة القرآن الكريم خلال السنوات الفارطة، هذا إلى جانب تنظيم تربصات لتعلم الصلاة للبنين والبنات من قبل هيئات اجتماعية خيرية. وبخصوص الفتيات تفتح بعض النسوة منازلهن لتعليم هذه الشريحة المهمة من المجتمع حرفا يدوية في الخياطة والطرز والحياكة والنسيج، حتى لا يشعرن بدورهن بالفراغ، ويغتنمن وقت الصيف في تعلم حرفة تفيدها في حياتها الزوجية مستقبلا.

رابط دائم : https://nhar.tv/s137D
إعــــلانات
إعــــلانات