إعــــلانات

هكذا عدنا من الموت.. بعد 5 أيام!

هكذا عدنا من الموت.. بعد 5 أيام!

الصّيادان «نور الدين» و«رضا» يرويان تفاصيل تيهانهما في عرض البحر لـ “النهار”:

 بواخر جزائرية رفضت مساعدتنا والضباب الكثيف حال من دون عودتنا

 سنعود للصيد و«اللي مكتوب في الجبين ما ينحوه اليدين»

بعد خمسة أيام من الترقب وانتظار قضاء الله وقدره، تمكن الصيادان «نور الدين» و«رضا» من العودة من رحلة بعيدة من سريدينيا الإيطالية إلى أرض الوطن، بعد أن قامت باخرة شحن بريطانية بتبليغ القوات البحرية الجزائرية، والتي تدخلت فور إبلاغها بالخبر.

ورغم خبرة «نور الدين» الطويلة في مجال الصيد، والتي فاقت 30 عاما، إلا أن الرياح جرت بما لا يشتهيه، يوم الجمعة الماضي، أين خرج في ساعة مبكرة قبل الفجر، رفقة صديقه «رضا» لاصطياد ما يمكن أن يجود عليهما به البحر من خيرات، إلا أن الضباب الكثيف حال من دون ذلك.

وبكثير من الفرح الذي امتزج بعلامات التعب والإرهاق جراء الترقب وانتظار فرج الله، روى لنا «نور الدين» الذي التقته «النهار» بالمركز الاستشفائي مصطفى باشا، رحلة الموت التي كادت أن تودي بحياته رفقة صديقه «رضا» صاحب 26 ربيعا، الذي لم يستفق بعد من الصدمة التي تعرض إليها.

يقول «نور الدين» الذي ارتسمت على وجهه علامات التعب الشديد بسبب قلة النوم والجوع: «انطلقنا يوم الجمعة من أجل اصطياد سمك التونة، كل الأمور كانت عادية إلى أن اشتد الضباب واستحالة الرؤية، وبعد ساعات تيقنا من تعرضنا إلى التيهان، فلم نكن نعرف أين كنا ولا في أي مكان وصلنا إليه».

وواصل قائلا وهو يتحسس بزته الخضراء: «تعرضنا للجوع الشديد، لم نجد ما نشربه أو نأكله، لقد تحوّل الطُّعم الذي كنا نصطاد به الأسماك إلى وجبتنا التي سدت رمقنا ليوم واحد فقط، بعدها كان الجوع يقطّع أمعاءنا، وتوسلنا خالق السماوات أن يحيطنا برحمته ويخرجنا مما كنا فيه».

الإنجليز أنقذونا بعد أن رفضت البواخر الجزائرية إنقاذنا!

كان «نور الدين» يسرد ما وقع له وأنفاسه بالكاد يلتقطها، بعد أن لفحت الشمس وجهه، حيث روى لنا: «خلال تواجدنا في البحر لم نتمكن من الاتصال بعائلاتنا، لأن الشبكة كانت منعدمة، ولكن الحمد لله كي سلكنا..البحر واعر بزاف، كنا نرقدو بالدالة أو بالأحرى نغفو لبرهة، وننتظر مصيرنا في أي لحظة، ورغم أني ابن البحر، لكن أن أجد نفسي في عرضه من دون مأكل أو مشرب فقد صدمني الأمر.

ولكن تحليت بالصبر رفقة صديقي رضا»، ثم سكت لبرهة وقال: «في كل لحظة كنا ننطق بالشهادتين وأتوسل خالقي أن يجد لنا مخرجا من الأزمة التي كنا فيها، خاصة وأن البنزين نفذ منا، لقد مرت 4 أيام من دون أن تظهر علامات الفرج، ولكن دعاوي الخير أثمرت في نهاية المطاف».

وبلهجة الفرح للعودة إلى الأصدقاء والعائلة، قال رضا: «وجّهنا نداءات استغاثة عدة أيام ورفعنا علما أخضرا كان بحوزتنا، صارخين بكل ما أوتينا به من قوة من أجل أن تسمعنا البواخر الجزائرية التي مرّت علينا، ولكن لا حياة لمن تنادي، رغم أنهم رأونا لكنهم واصلوا طريقهم، لم نطلب منهم أن ينتشلونا.

ولكن على الأقل كان حريا بهم الاتصال بالسلطات في الجزائر أو حتى تزويدنا بماء أو أكل، ولكن شاءت الأقدار أن تمر أمس باخرة إنجيلزية بالقرب منا، حيث تكفل بنا الطاقم جيدا بتقديم الأكل والشرب لنا، بعد أن قضينا 5 أيام في عرض البحر».

وقال صاحب الـ 26 ربيعا: «ما هي إلا ساعات قلائل حتى تدخلت بعدها القوات البحرية الجزائرية، التي تكفلت بنا وتم نقلنا إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي، حيث تم إخضاعنا للمراقبة الطبية والحمد لله خرجت سلامات».

«سنعود إلي الصيد واللي مكتوب في الجبين ما ينحوه اليدين»

وبعد أن سرد «نور الدين» مغامرته الصعبة في عرض البحر، سألناه عن مدى جاهزيته للعودة إلى الصيد فقال: «لن أتوقف عن الصيد مهما حدث، وكل واحد يدّي واش كتبلو ربي، بمجرد أن أستعيد عافيتي، سأعود إلى مزاولة مهنتي التي أزاولها منذ 35 عاما، فأنا قبل كل شيء وليد البحر وأسترزق منه».

أما رضا فأجاب: «الصيادة هي حرفتي، وما نقدرش نحبس، راني نخدم فيها عندي 7 سنين، واللي ربي كاتبهولي راني قابل بيه».

وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان

أما أقارب وأصدقاء الصيادين الذين ابتهجوا لعودتهما سالمين غانمين، فأجمعوا على كرمهما وأخلاقهما، حيث قال لنا أحد أصدقاء نور الدين: «لقد كان يخرج في العديد من المرات للصيد ويمنح كل ما يصطاده للزواولة، كما ساهم في إنقاذ الكثير من الغرقى، وتمكن من العثور على العديد من الأشخاص الذين فقد أهاليهم الأمل في أن يوروهم الثرى، ولكنه في الكثير من المرات خاطر بنفسه وتمكن من تحقيق ما عجز الكثيرون عن القيام به».

رابط دائم : https://nhar.tv/0pacP
إعــــلانات
إعــــلانات