إعــــلانات

هكذا يموت أعوان الحماية المدنية أثناء أداء مهامهم

هكذا يموت أعوان الحماية المدنية أثناء أداء مهامهم

الثلاتي با توفي

في تفجيرات مركز أمن الدار البيضاء و الرائد دربال توفي و هو ينقذ شابا من الغرق و 101 عون للحماية سقطوا في ميدان الشرف من بينهم  21 شهيدا اغتالتهم أيادي الإرهاب رابح الابن الوحيد لعائلته و كمال لم يفرح بمولودته الجديدة وتوفيق يؤجل حفل خطوبته تقاسمت ”النهار” بداية الشهر الجاري الآلام والأحزان مع الحماية المدنية التي فقدت اثنين من أبنائها   وهما ”سعودي كمال” البالغ من العمر 39 سنة، و”معدن رابح” صاحب 27 سنة، اللذان فارقا الحياة بعد تعرضهما لحادث مرور أليم أثناء عودتهما رفقة زملائهما من دورية لإطفاء النيران كانت تهدد حياة السكان في منطقة تاشاشت الناظور الحساسة، إضافة إلى إصابة الرائد ”توفيق طاطار” بجروح بليغة على مستوى الرجل اليسرى أدت إلى بترها إلى حد الركبة، في حادثة موازية بسبب انفجار قنبلة تقليدية أصابته حينما كان يقوم بإجلاء مصاب آخر بنفس المكان ويحاول إبقاءه على قيد الحياة.

”حفل خطوبة ابني كانت مقررة الخميس القادم لكن كل شيء بالمكتوب”

وجدت”النهار”صعوبة في الصعود إلى الطابق الثاني لمستشفى محمد بوضياف بالبويرة، حيث كان يرقد في مصلحة الإنعاش وهو يتقاسم الغرفة مع الشخص المختل عقليا الذي ذهب لإسعافه في مفارقة عجيبة، وهذا بالنظر إلى العدد الكبير من الأهل والأصحاب الذين تدفقوا على المصلحة للاطمئنان على حالته الصحية، والذين زادوا المكان حرارة عما هو في الخارج بفعل دموعهم وصراخهم، دخلنا إليه وهنأناه على السلامة، بدا قويا ومتماسكا رغم المصاب الكبير الذي ألم به، غادرنا الغرفة بإلحاح من الطبيب المشرف على حالته وتوجهنا إلى الردهة، حيث جذبتنا دموع والده الحارة والذي تقدمنا منه ودردشنا معه حول ابنه فقال ”لقد ذهب لآداء واجبه المهني، ابني دفع ضريبة حب الوطن وغريمه سيلقى جزاءه عند الله”. وعن ابنه يقول ”توفيق أكبر أبنائي، من بين ثلاث إناث وثلاثة ذكور، كان يستعد لحفل خطوبته هذا الخميس، كان فرحا جدا بالحدث.. يوم الحادثة صلينا معا وتناولنا القهوة معا في حدود السادسة والنصف بعد أن طلبت من شقيقته أن توقظه”.. يصمت ليواصل الإجابة عن أسئلتنا ”التحق بعمله الذي يحبه في جانفي 2008 بعد تلقيه تكوينا في برج البحري، لقد عرفت بالحادث عن طريق زميل لي في العمل كوني أعمل سائقا في البلدية، لقد قال لي أن الحماية تبحث عني فتوقعت الأمر”، ويواصل الحديث بالقول ”والدته لا تزال تجهل الأمر كونها مصابة بداء السكري وصدمة كهذه ستقتلها لا محالة فهو بكرها وأقربهم إلى قلبها، سننتظر حتى يتماثل للشفاء وأحضرها لزيارته وإن سألت عنه سأقول لها أنه في مهمة.. هي في منزلنا تنتظره في قرية أولاد طاطار، المسكين كان مطيعا جدا، ولم يغضبن يوما، لقد كنا نحضر لحفل خطوبته هذا الخميس ووالدته جد فرحة، الله غالب كل شيء بالمكتوب”. الضحية من مواليد سنة 1979 يعرف بكرمه وحسن أخلاقه، مستواه جامعي، أين درس في الجامعة ثلاث سنوات كاملة لكن الظروف أجبرته على تركها، وأدى خدمته العسكرية بثكنة البرواقية ومنها نقل إلى الاغواط، وفور خروجه التحق بصفوف الحماية المدنية التي يحبها كثيرا برتبة رقيب، محبوب جدا لدى زملائه والجميع يشهد له بالشجاعة ورقة القلب.

”كمال” لم تكتمل فرحته بمولودته الثانية ”روضة”

قبل مغادرتنا لمدينة الأخضربة، عرجنا على حي قندهار حيث تقطن عائلة العون الشهيد كمال سعودي، 39 سنة، متزوج ووالد لطفلين، بديع أربع سنوات وروضة جاءت إلى هذه الدنيا 10 أيام فقط قبل وفاة والدها، استقبلتنا العائلة المفجوعة في ابنها ويتصدرها الوالد الذي صبر رغم كل شيء، وفي حديث مقتضب له معنا بسبب كبر سنه أخبرنا أن ابنه كان بارا به إلى أقصى الحدود وأن آخر مرة جالسه فيها كانت حينما رافقه إلى حلاق الحي كالعادة وقص له شعره ولحيته، ولم يره بعدها بحكم عمله الذي يبدأ بوحدة الهاشمية باكرا. طلبنا بعدها مقابلة زوجته، والتي لم تتمكن من جمح دموعها مطولا بالرغم من محاولاتها الكثيرة، وقالت”كمال كان نعم الزوج ونعم الوالد، كان حنونا، محبا للخير، أمنيته كانت إرسال والده لأداء فريضة الحج خصوصا وأنه يتيم الأم، كما كان يحب ”بديع” كثيرا وكان يأمل أن يدرس ويتخصص في مجال يعود على البلاد بالفائدة..كان يحلم دائما ويتساءل كيف سيصبح ابنه حينما يكبر” تتوقف برهة بعد أن تنتابها موجه بكاء حادة غيرت من نبرة صوتها لتواصل ”لقد نهض كعادته، صلى الفجر ثم عاد إلى فراشه إلى غاية السادسة والنصف صباحا، أين نهض وتناول قهوته، ودّعني وقبل والديه وغادر على أمل العودة إلينا وإلى ابنته ”روضة” التي استبشر خيرا بقدومها، رحمه الله”. وقد التحق بسلك الحماية المدنية عام 1991 برتبة عون حماية مدنية، حيث كان حسب زملائه يمارس مهنته ضمن وحدة الأخضرية، ومؤخرا تم تحويله إلى وحدة الهاشمية، يشهد له الجميع بالانضباط في العمل، متزنا وخلوقا، وكما قال زملاؤه ”ملفه يتحدث عنه”، تزوج قبل ست سنوات ورزق بابن يدعى”بديع” ورزق منذ 10 أيام بدرة جديدة أسماها ”روضة”، وهو الرابع بين إخوته الذكور لكنه الأقرب إلى قلب والده.

والد رابح معدن يؤم صلاة جنازته

تنقلنا إلى الأخضرية لحضور جنازة الفقيد الثاني لأسرة الحماية المدنية، العون رابح معدن، على إثر حادث انزلاق خطير للشاحنة التي كانت تحملهم على مستوى منطقة تاشاشيت الناظور ذات المسالك الوعرة على بعد 25 كلم عن البويرة مركز. حيث رافقنا أسرة الحماية المدنية التي اجتمعت في مدينة الأخضرية لتشييع جثمان أحد أبنائها المدعو”رابح معدن”، والذي أحبها كثيرا وأبى إلا أن يغادرها بعد ثمانية أشهر فقط من العطاء كعون حماية ضمن فرقة التدخل السريع لوحدة الأخضرية، ليوارى جثمانه في مقبرة ”لقوير”. بشجاعة كبيرة ومنقطعة النظير، وبرباطة جأش وصبر كبيرين، أصر والد الشهيد ”رابح” أن يؤم صلاة الجنازة على ابنه الوحيد الذي ذهب فداء للمهنة التي أرادها تلبية لرغبة والده بعد أن لمس فيه  حب الوطن وحب مساعدة الناس، وهذا في حدود الرابعة زوالا. وكنا قد وصلنا إلى بيت المرحوم ”رابح” في حدود الثانية والنصف مساء مرفوقين برجال الحماية المدنية، كانت الجموع كبيرة من أهل، جيران، أصحاب وزملاء مهنة، السير بينها واختراق الصفوف كان ضربا من المستحيل ولكننا واصلنا التقدم بهدوء وسط علامات استفهام كثيرة عمن نكون، إلى أن وصلنا إلى والده الذي كان يتوسط الجلوس، اقتربنا أكثر فلمحنا مسحة من الحزن تكسو محياه التي نقش عليها الزمن ما أراد، ورغم حجم المصيبة إلا أنه بدا راضيا بقضاء الله وقدره وحدثنا عن الفقيد ذو الـ27 ربيعا الذي غادر الحياة بعد أن قضى ثلاثة أيام في غيبوبة تامة داخل مصلحة الإنعاش بمستشفى تيزي وزو، استجمعنا قوانا وعزيناه في ابنه وواسيناه في مصابه، وهنا فاجأنا بقوة صبره قائلا ”أطلب له الستر وأن يكتب الله له الشهادة، ابني مات شهيدا في سبيل الله والوطن”، مسترجعا ذاكرته ليخبرنا أن آخر مرة جلس فيها إلى ابنه كانت صبيحة اليوم المشؤوم، حينما استيقظ باكرا كعادته وتناول فطور الصباح مع والديه، وقبل خروجه قبل جبينه وجبين والدته وقال لهما ”في أمان الله، ادعولي، تبقاو على خير”.. يصمت قليلا ليضيف ”قلت له الله يسهل ولم أكن أعلم أنه آخر حوار يجمعني بابني الوحيد، آخر جلسة لنا معا حدثني عن عمله بشغف كالعادة وشجعته بدوري كعادتي كونها مهنة نبيلة وكلها خير، لا أزال أذكر كلماته وضحكاته المدوية في أرجاء المنزل رحمة الله عليه”.

”شقيقي رابح لا تستحقه هذه الدنيا كان ملاكا”

قدرنا وبشدة حجم مأساة هذه العائلة الصغيرة ومصابها الكبير، غير أن مهمتنا قادتنا إلى ما وراء جدران منزلها البسيط بساطة نفوسهم، طرقنا الباب ودخلنا ونحن نطوف بين وجوه المعزيات باحثين عن شقيقاته، كون والدته كانت ترافق جثمانه من تيزي وزو نحو الأخضرية بعدما لم تفارقه طيلة فترة بقائه في المستشفى بالرغم من غيبوبته كما روى لنا والده، دخلنا الردهة ومنها إلى غرفة صغيرة مظلمة تقع قبالة المدخل الرئيسي والتي قادتنا إليها إحدى شقيقاته لنتحدث في هدوء، تلك هي غرفة الشهيد، بها سريرين منفصلين تلفاز صغير وجهاز كمبيوتر، وما إن فتحنا الباب حتى فاجأتنا إحدى خالاته بالبكاء والنحيب فما كان على مرافقتنا إلا محاولة تهدئتها قبل أن تجلس إلينا وهي تحمل بين يديها مصحفا شريفا ومصرة على أن تقرأ على روح فقيدهم ما تيسر لها من ذكر الله حتى يكون زادا له يرافقه في رحلته الأخيرة نحو الدار الآخرة.. قدمنا لها التعازي وعرفناها من نكون وسألناها بعض الأسئلة المقتضبة كون نفسيتها كانت لا تسمح، ومع هذا ضغطنا عليها قليلا فقالت: ”شقيقي رابح هذه الدنيا لا تستحقه كان ملاكا” لتضيف ”يوم الأربعاء قبل جبين والدتي وقال لها ”اتهلاي في روحك” كان شقيقي الوحيد بيننا نحن أربع بنات، كان العين الوحيدة لنا وسندنا في هذه الحياة، حلمه كان إنقاذ الناس فكان له ذلك رحمة الله عليه”. حاولنا جمع معلومات أكبر حول الفقيد لكن شدة تأثرها وانهيارها حالا دون ذلك، وفي رد لها على سؤال حول ما كان يحبه في الأكل قالت ”كان ما يتشرطش في الماكلة، وما يقلق حتى واحد كان هادئ وفحشوش وحسن العشرة خصوصا معنا نحن شقيقاته البنات.. لا أزال أتخيل طيفه في البيت وهو يمازحنا ويكسر جدار الصمت ولا تزال ضحكاته الملائكية تزلزل الأرجاء، العزاء فيه لا يكفينا ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، قدر الله وما شاء فعل”.

كان رابح حديث العهد بسلك الحماية المدنية، حسبما أخبرنا به أهله وأصحابه وجيرانه قمة في الأخلاق، من مواليد 3 جانفي 1982 بالبويرة، كان مجيئه إلى هذه الدنيا فرحة مضاعفة لوالديه، كان تلميذا نجيبا، تحصل على البكالوريا عام 2001 بعد دراسته في جامعة التكوين المتواصل، لينتقل بعدها إلى الجامعة، أين درس محاسبة مالية، ولم يكتف بهذا القدر من الشهادات بل درس شعبا كثيرة آخرها كانت تقني سامي في الإعلام الآلي، التحق بسلك الحماية المدنية بتاريخ 15 سبتمبر 2008 برتبة عون، كان مثالا يحتذى به في بر الوالدين وطاعة الخالق، محبا لشقيقاته الأربعة، كيف لا وقد كان والده يكرر وبصبر كبير ”ابني رابح شرفني”، كان المرحوم فكاهي الطبع حازما في صلاته ووقت استراحته يقضيه في البيت أمام جهاز الكمبيوتر.

”الشاحنة هوت من علو 580 متر وتدحرجت مرات عدة”

التقينا خلال تشييع جنازة الشهيد رابح معدن بزميله في المهنة والصديق المقرب من الشهيد الثاني ”كمال سعودي” والذي رافقهما في خرجة الموت تلك وتقاسم معهما لحظات الألم والمعاناة كاملة، والذي بدت جراحه ظاهرة.

هنأناه على النجاة وعزيناه في زميليه ثم طلبنا منه استرجاع شريط ذكرياته بالرغم من آلامها، وكان لنا ذلك حيث قال ”بعد إكمالنا لمهمتنا المتعلقة بإطفاء الحريق الذي شب في منطقة آيت لعزيز في أعلى الجبل، صعدنا لتناول وجبة الفطور بعد الزوال بعد عمل شاق، صعدنا بعدها الشاحنتين، سارت شاحنتنا قبل أن يبلغنا الفريق الذي كان معنا بوجود حريق آخر، حاولنا التوقف، تعثرت الشاحنة وهوت إلى الأمام من علو فاق 580 متر، تدحرجت الشاحنة مرات عدة ونحن داخلها، ملنا معها إلى الأمام دفعة واحدة، حاولت التمسك بأي شيء أمامي لأني أيقنت الهلاك، رابح لا أذكر شيء عنه، ولكن كمال كان يمس بي من الخلف، تسارعت الأحداث وأنا أرى بعض الزملاء يقفزون قبل وصول الشاحنة إلى الوادي، آخرهم كان السائق، في هذه اللحظات أفلتني كمال وقذفه الضغط من النافذة، نظرت أمامي وأيقنت الهلاك فقفزت بدوري من فتحة النافذة الأخرى بعد أن علق الباب، كانت دقيقتين للفزع لن أنساهما ما حييت.. استفقت فورا بعد الارتطام نظرت حولي وكانت الشاحنة في الأسفل وعلمنا أن رابح لا يزال عالقا بداخلها، جلت ببصري باحثا عن كمال فوجدته ملقى على الأرض وبه إصابة بليغة على مستوى الرأس، ضممته إلي وكان حينها في سكرات الموت نزعت حزام لباس العمل وكذا الحال بالنسبة لثلاث زملاء آخرين ورفعناه إلى الأعلى، أيقنت هلاكه فلقنته الشهادة وانتظرنا قدوم سيارة الإسعاف، الأولى كانت مملوءة والثانية حملته، بعدها تنقلت معه إلى المستشفى حيث غادرنا إلى الأبد”، وبخصوص رابح يقول ”لم أعرف عنه شيء لقد التقيناه في المستشفى”.

ارتفاع شاهق وبقايا الشاحنة المتناثرة شاهدة على قوة الارتطام

كانت عقارب الساعة تشير إلى تمام السادسة إلا ربع حينما قررنا التنقل إلى مكان الحادث الذي أودى بحياة العونين بعد الفراغ من توديع الشهيدين، قاطعين مسافة تزيد عن 45 كلم للوصول إلى مكان الحادث الذي يقع على قمة جبل شاشيت الناظور الموجود على تراب بلدية آيت لعزيز المتاخمة لجبال بوغني بتيزي وزو، الطريق ترابية ومسالكها وعرة بحيث تصعب على السيارة الصغيرة المرور فما بالكم بشاحنة ؟ واصلنا التقدم صعودا إلى أن بلغنا ارتفاع 950  متر عن سطح البحر وهناك ثراء لنا من بعيد حطام الشاحنة العالق بين الصخور في منظر تقشعر له الأبدان وحاولنا تصور مدى الذعر والألم اللذين عانياه المرحومان برفقة زملائهما، ثم واصلنا حتى محطة الاستقبال التي تضم الكثير من المراحيل الهامة والقريبة من بساتين الأشجار المثمرة وبعض التجمعات السكانية، وهنا ترجلنا رفقة مرافقينا ونزلنا بعد مشقة إلى حيث علقت الشاحنة.

وتحدث لنا دليلنا عن حساسية هذه المنطقة التي تجب حمايتها وتأمينها قدر المستطاع كونها تضم المراحيل التي تعد رئة الولاية الاتصالية وكذا الأشجار المثمرة فضلا عن السكان القريبين من المكان الذي التهمته ألسنة اللهب عن آخره ”رغم صعوبة التدخل والمسالك المؤدية إليه إلا أن الحماية المدنية لم تدخر أي جهد لحماية الأشخاص والثروة الغابية، والتي تنقلت إلى هناك في شاحنتين مرفوقة بسيارة لأعوان حماية الغابات، وبعد فراغهم من العمل بعد مجهود مضني نقلنا إليهم وجبة الغذاء في حدود الرابعة والنصف والتي تناولوها قبل المغادرة وأخذ قسط من الراحة، غير أن صعوبة المسلك أدت إلى انجراف إحدى الشاحنتين والتي كانت تقل 9 أعوان من بينهم رقيبن، ملازم و7 أعوان، ولحسن الحظ كانت شاحنة أخرى هناك فطلبوا الإسعاف وأجلُوا الضحايا على متن سيارة حرس الغابات والتي سلمتهم في الطريق إلى سيارة الإسعاف.

خمسة أعوان للحماية تدخلوا لإطفاء النيران فالتهمتهم

الثلاثي ”با” توفيوا في تفجيرات مركز أمن دائرة الدار البيضاء

الرائد دربالة توفي وهو ينقذ شابا من الغرق

في لقاء طبعته العاطفة الجياشة، الذكريات الأليمة وعلى طاولة للشاي نقلت ”النهار” شهادات بعض من إطارات وأعوان الحماية المدنية حول عمليات اغتيال ووفاة زملائهم أثناء تأدية مهامهم، غير أن الجميع اتفق أن رجل الحماية المدنية يسبل نفسه لأجل أن يعيش الآخر رافعين شعار إنقاذ الأشخاص، الحيوانات والممتلكات.

الرائد دربالة توفي وهو ينقذ شابا من الغرق

قُدر أن يستشهد الرائد دربالة أحد إطارات الوحدة الوطنية للحماية المدنية بولاية سطيف في ميدان الشرف وهو ينقذ حياة شابين تعرض للعرق بأحد شواطئ البوني ”عنابة ”، هي شهادة إطار بالوحدة الوطنية للتدريب والإنقاذ بالدار البيضاء بالعاصمة كمال منور، مشيرا إلى أن الرائد دربالة توفي متأثرا بسكتته القلبية التي أردته قتيلا في بضع دقائق حيث وبمجرد انتهاء عملية الإنقاذ لشابين من الغرق توقف قلبه مباشرة، موضحا أنه وبالرغم من أن الرائد كان في عطلة سنوية إلا أن نداء الواجب جعله يسرع لإنقاذ حياة بشرية.

ويواصل الملازم بالوحدة الوطنية للتدريب والإنقاذ بالدار البيضاء الذي كان شاهدا على وفاة ثلاثة من زملائه راحوا ضحية تفجيرات قصر الحكومة ومركز أمن شرطة الدائرة في 11 من شهر أفريل من سنة 2007 و يتعلق الأمر بالمدعو ”فاتح بويران” والملازم بوحوي وأخيرا ”بدود غون”.

يلقبون بالثلاثي ”با” وتوفيوا في تفجيرات مركز امن دائرة الدار البيضاء

كانوا في استعداد للخروج للمشاركة في عملية الإنقاذ عقب التفجير الإرهابي لقصر الحكومة سنة 2007 ركبوا سيارتهم من نوع ”لوقان” وانتظروا جرس الإنذار، للخروج غير أن سرعة الإرهاب الجبان كانت أسرع لتودي بجياتهم وتجعلهم أشلاء متانثرة، ليضيف ذات المتحدث في لقاء مع ”النهار” أن الثلاثي ”با” كان بالقرب من مركز أمن دائرة الدار البيضاء رفقة زميل آخر يدعى قشي عبد الغني البالغ من العمر 28 سنة الذي قدر  له أن يعيش لكن بجروح خطيرة شوهت جسده 100 بالمائة حيث لا يزال تحت المراقبة الطبية والعلاج، وبالمقابل و لما ”تلحق الساعة” فلا رجعة لقضائه سبحانه وتعالى، هي عبارة قالها محدثنا ليواصله كلامه و يوضح أن المدعو بدود كان في عطلة تعويضية غير أنه فضل أن يتوجه إلى العمل ليكون الأجل  ينتظره وتكون النهاية الفاجعة.

وأضاف إطار الحماية المدنية في حديثه لـ ”النهار” انه هو الذي اشرف على مخطط تسيير عملية إنقاذ في تفجيرات قصر الحكومة سنة 2007 الذي كاد أن يؤدي بحياة 200 إطار للوحدة الوطنية للتدريب والإنقاذ بالدار البيضاء، كانوا بصدد الاستعداد للخروج والتوجه لقصر الحكومة لولا حادث عطل قائد مخطط الإنقاذ عن الخروج في الوقت الذي أوضح أن العديد من أعوان الحماية المدنية بجروح خطيرة بقصر الحكومة باعتبار أن القنبلة تم وضعها بوحدة الحماية المدنية.

خمسة أعوان للحماية تدخلوا لإطفاء النيران فالتهمتهم

قال الملازم ”م. ع” بالوحدة الوطنية للحماية المدنية بالدار البيضاء المسؤول الأول عن مخطط تدخل لإطفاء حريق شب بأحد العمارات الواقعة بحي 38 مسكن لو بآلاف بالدار البيضاء وحيث توجهت فرق الإنقاذ إلى عين المكان وكالعادة انقسمت إلى فوجين فوج تكلف بالإنقاذ وآخر بإطفاء النار التي كانت خطيرة باعتبار أن الدهليز المتسبب في اشتعال النيران كان يحوي على مواد سريعة الالتهاب مثل البنزين والطلاء وغيرها مما تسبب في انفجار خطير أدى إلى جرح خمسة أعوان من الحماية المدنية نقلوا على الفور إلى المستشفى.

إرهاب الطرقات يقضي على أعوان الحماية المدنية

قال ”م. ن” عون من الحماية المدنية بوحدة الدار البيضاء بالعاصمة أنه شهد حادثة وفاة زميله العون ”د. ل” البالغ من العمر 2٦ سنة عندما سارع للتدخل على مستوى الطريق السريع للدار البيضاء بعد وقوع حادث مرور أليم وأثناء عملية إقامة الحواجز تفاجأ بسيارة مسرعة كانت سببا في وضع حد لحياته في بضع دقائق، وللإشارة فإن الضحية التحق منذ 3 سنوات بوحدة الحماية المدنية للدار البيضاء التحق بالقطاع مؤخرا.     

آمال لكال

إعانات مالية وتكفل اجتماعي بضحايا حوادث العمل في الحماية المدنية

101عون للحماية سقطوا في ميدان الشرف منهم 21 شهيدا اغتالتهم أيادي الإرهاب

كشف مدير المديرية العامة للحماية المدنية مجقان مقران أن عدد أعوان الحماية المدنية الذين توفيوا أثناء أداء مهامهم يقدر بـ101 عون و تسجيل 84 جريح خلال عشرية كاملة، من بينهم 21 عونا آخر استشهدوا على غدر من أيادي الإرهاب.

وأوضح مدير الإعلام والإحصاء بالمديرية العامة للحماية المدنية أن 80 إطارا من الحماية المدنية لقوا حتفهم في حوادث عمل متفرقة اغلبها أثناء العمل وفي عمليات التدخلات لإخماد مثلا الحرائق أو إنقاذ الغرقى بالشواطئ خاصة غير المحروسة خلال الفترة الممتدة بين سنة 1991 و2009، مشيرا إلى أن إدارة مصالح الحماية المدنية تقوم بالتكفل الكلي بعائلات الضحايا سواء المتوفين أو المجروحين الذين تسبب الحادث في استحداث إعاقة دائمة لهم، والذين يتم التكفل بعلاجهم داخل الوطن وحتى في الخارج إن اقتضى الأمر ذلك.  وقال مدير الإعلام والإحصاء بالمديرية العامة للحماية المدنية أن مصالح مديرية الشؤون الاجتماعية بالحماية المدنية تقوم بمتابعة ملف الضحايا المتوفى من خلال تحويل راتبه الشهري إلى عائلته بالإضافة منح دية معتبرة إلى الأهل مع إعانة مالية أخرى تمنحها له تعاضدية العمال إن كان منخرطا فيها، في الوقت الذي يتم التكفل بالضحايا الذين يصابون بإعاقات من خلال تحويلهم إلى منصب عمل في الإدارة.    

آمال لكال

رابط دائم : https://nhar.tv/SlSGr
إعــــلانات
إعــــلانات