إعــــلانات

وقفة مع النفس

وقفة مع النفس

أكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها، فضلا عن القيام بها علما وعملا، وإذا عرفوا قدرها فهم لا يعرفون الطريق إليها، وإذا عرفوا الطريق فهم لا يعرفون كيف يشرعون، وفي هذا الموضوع سنتطرق إلى حقيقة التوبة والطريق إليها عسى أن نصل إليها. كلنا مذنبون.. كلنا مخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله مرة، وتسيطر علينا الغفلة أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ، فلست أنا وأنت بمعصومين، والسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن يفتح له باب التوبة وأمره بالإنابة إليه والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوّثته المعاصي، ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته .

أتمنى النجاة وأرجو المغفرة ولكني أجهل الطريق إليها ولا أعرف كيف ابدأ، فأنا كالغريق يريد من يأخذ بيده، وكالتائه يتلمس الطريق وينتظر العون، وأريد بصيصا من أمل وشعاعا من نور، ولكن أين الطريق؟ إنه واضح كالشمس، ظاهر كالقمر، واحد لا ثاني له طريق التوبة.. النجاة، طريق الفلاح سهل ميسور، مفتوح أمامك في كل لحظة، ما عليك إلا أن تطرقه، وستجد الجواب، لأن الله تعالى دعا عباده جميعا مؤمنهم وكافرهم إلى التوبة، وأخبر أنه سبحانه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرا ومهما عظمت، وإن كانت مثل زبد البحر، فقال سبحانهقل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم»

التوبة هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه الله، هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط، هي الينبوع الفياض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة، هي ملاك الأمر ومبعث الحياة وطريق الفلاح، بداية العبد ونهايته، هي ترك الذنب مخافة الله، والندم على فعله والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه، هي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكف عن الذنب. قد تسألني لماذا أترك السيجارة وأنا أجد فيها متعتي؟ لماذا أدع مشاهدة الأفلام الخليعة وفيها راحتي؟ ولماذا أتمنع عن المعاكسات الهاتفية وفيها بغيتي؟ ولماذا أتخلى عن النظر إلى النساء وفيه سعادتي؟ لماذا أتقيّد بالصلاة والصيام وأنا لا أحب التقييد والارتباط؟ أليس ينبغي على الإنسان فعل ما يسعده ويريحه ويجد فيه سعادته، فالذي يسعدني هو ما تسميه معصية.

ما أردت من هذا المقال إلا سعادتك، وما تمنيت إلا راحتك، وما قصدت إلا الخير والنجاة لك في الدارين، فالتوبة سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار، سبب لنزول البركات من السماء وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين، وتكفير سيئاتك وتبديلها إلى حسنات، ألا تستحق تلك الفضائل أن تتوب من أجلها؟ لماذا تبخل على نفسك بما فيه سعادتك؟ لماذا تظلم نفسك بمعصية الله وتحرمها من الفوز برضاه، فجدير بك أن تبادر إلى ما هذا فضله وتلك ثمرته.

 

@ مراد قيدوم/ باتنة

رابط دائم : https://nhar.tv/r2JaA
إعــــلانات
إعــــلانات