إعــــلانات

يزدريني وأنا اليتيمة التي اخترته أن يقاسمني الحياة

يزدريني وأنا اليتيمة التي اخترته أن يقاسمني الحياة

من الصعب سيدتي أن تجد المرأة نفسها وحيدة بعد أن فارق ذووها الحياة، فيكون سلواها الوحيد أن تتزوج وتكوّن أسرة تمكّنها من تدارك ما فاتها وتعويض ما فقدته، إلا أن ذلك سرعان ما تلاشى وأفل بعد أن وجدت نفسي قاب قوسين أو أدنى من أبلغ ما كنت أطمح إليه.فبعد أن تعرّفت عليه وأخبرته بأني يتيمة الوالدين وبأني أعمل حتى أعيل نفسي وأحفظ ماء وجهي من طلب يد العون والسؤال والحاجة، قبل بي وتقدّم لخطبتي من ذويّ وكلّه أمل أن يعيد إليّ البسمة التي طالما غابت عن محياي، فسعدت وهلّلت للمرحلة التي خلتها ستقلب حياتي رأسا على عقب، ولو أن حياتي قلبت حقا رأسا على عقب إلى أني لم أكن أدرك أن هذا الانقلاب سيكون بالسلب.فمباشرة وبعد زواجي، اكتشفت أمورا عديدة في زوجي؛ فهو لم يكن بالقدر الذي وعدني به من الحنان والإحساس الجميل، فهو لا يفوّت فرصة أن يوجّه إليّ نظرات الاحتقار والازدراء، وقد بلغت به الجرأة أن عايرني ذات مرة؛ حيث أنه أخبرني بأنه لولا خوفه من كلام الناس لكان طلقني، فأنا لا أملك أهلا يتشرّف بمصاهرته لهم ولا بنفوذهم، كما أنه فاجأني بأنه يموت غيرة وغيظا من رفقائه الذين يفاخرون بأهل زوجاتهم الذين يساعدونهم في كل الأمور المستعصية، وكأني به لا يفقه في أمور الحياة شيئا.في البدء كنت أفسّر الأمور على أنها مجرّد وجهة نظر تنمّ عن إحساس زوجي بالفراغ والوحدة من جهة، كما أني كنت أخمّن بأنه سرعان ما سيتغير بعد أن يكون لنا أولاد، إلا أني وجدته يخبرني أيضا بأنه يأسف لحال أبنائنا الذين لن يكون لهم من الأخوال مثلهم مثل أترابهم ما يجعلهم يعيشون مرفوعي الرأس، فآلمني ذلك كثيرا لدرجة لا يمكن تصوّرها، وبتّ أخشى كل كلمة ينبس بها رفيق دربي، لأنها تقع على مسامعي كالنار التي تحرق الفؤاد.لست أفهم أي درب أسلكه سيدتي، فازدراء زوجي لي يقتلني في اليوم ألف مرة، كما أني لا أستطيع التحمّل أكثر من هذا الضغط الذي قد يؤدي انفجاره إلى أن أصاب بانهيار عصبي؛ خاصة وأنه لا وليّ لي يدفع عني بلاء هذا الرجل وغطرسته، فماذا عساي أفعله سيدتي كي أخرج من هذه البوتقة السوداء، وهل الطلاق حلّ لما أعانيه إن أنا سدّت الأبواب في وجهي؟

الحائرة من الوسط

الرّد:

من المؤلم أن تكون الرجولة مرادفة لبعض من الوعود والأكاذيب التي سرعان ما تصطدم المرأة بها في أولى سنوات بل أيام الزواج، مما يؤدي إلى آلام نفسية في غاية العمق والقوة، وهذا ما ألمسه من قصتك أختاه، حيث إنك وضعت كل أحلامك وآمالك وآمانيك بين يدي رجل لم يقدّر فيك ما عشته من أسى وشجن، فراح يزيد من عمق الجراح التي كان يعدك بأنه سيداويها، وعوض أن يكون الطبيب كان العلّة التي قلبت أحلامك الوردية إلى سرطان يأبى مفارقة جسمك وفكرك وكل كيانك.أفهم ما تعانيه من غبن أختاه، ولست بالمرّة أشجّعك على تبنّي قرار الانفصال؛ فنحن في مجتمع لا يرحم، ومتى كانت المرأة هي السباقة لطلب ذلك فصدّقيني أنه ما من أحد سيرحمها مهما كان الزوج مخطئا في حقها.عليك أختاه أن تصبري على ما أنت فيه مع هذا الزوج، خاصة وأن مسيرة الرباط الذي بينكما ما فتأت أن بدأت، حيث إنه مازال بينكما الكثير من الوقت حتى تتعرّفا إلى بعضكما بعض، فقد يكون وقع كلماته عليك مؤلما من فرط حساسيتك وطيبة قلبك ورغبتك الملحّة في أن تعرفي الاستقرار والسكينة، ولعلّ أكثر ما أنصحك به الصبر على تصرّفات هذا الرجل الذي سرعان ما ستتغيّر تصرّفاته معك إن لم يكن آجلا فعاجلا، وهذا بفضل تفانيك في الإحسان إليه والسهر على خدمته على أحسن وجه.من جهة أخرى، أنصحك أختاه أن تتماسكي أمام زوجك وأن تهزمي الضعف الذي يسكن داخلك حتى تجعلي زوجك متأكدا من قوّتك وقدرتك على تحمل مسؤولية الأسرة التي اتفقتما معا على بناء صرحها على أسس التفاهم والمحبة. تأكدي أختاه.. أنك سرعان ما ستتعوّدين على رباطة الجأش التي ستمكّنك من التغلّب على مواطن الضعف التي خلقتها المأساة التي عشتها في صغرك وشبابك والمتمثّلة في اليتم وفقدانك والديك، كما سيكون لقدوم ولي العهد الذي سيجمع بينك وبين زوجك نقطة تحوّل تتحوّل فيه الآلام والتضحيات إلى أخذ وعطاء متبادلين، قليلا من الصبر أختاه.. وسرعان ما ستتصلّح الأمور وتأخذ مجراها الطبيعي. وكل ما أتمناه أن تبقي متمسّكة بالإيمان والصبر إلى غاية انبلاج هذه الغمة وعودة المياه إلى مجاريها عن قريب بإذن الله.

ردّت نور

رابط دائم : https://nhar.tv/etdJ7