''محشاشة'' وبيت دعارة في مسجد الجزائر الأعظم

المسجد الأعظم يتحوّل إلى مستودع لبيع الخمور ولعب القمار بعد صلاة المغرب
تحوّل مشروع المسجد الأعظم الذي أطلقه رئيس الجمهورية، والذي سخّرت له الدولة ميزانية ضخمة من أجل تجسيده، إلى ما يشبه ”محشاشة” لبيع مختلف أنواع الخمر من طرف عمال صينيين، قاموا بتحويل أحد الشاليهات المخصّصة لتخزين المعدّات إلى مستودع لبيع ”البيرة”، ومشروب صيني مُسكر معروف باسم ”الخلطة الصينية”.”النهار” التي قامت بزيارة ميدانية للموقع، وقفت على الفضيحة التي طالت موقعا من المفترض أن يتحوّل إلى مَعلَم ديني وثقافي وحضاري، ورُصدت له ميزانية مليار أورو على مساحة 40 ألف متر مربع لاستيعاب 120 ألف مصلٍّ، وكانت الزيارة في المساء خلال الساعات القليلة التي تلي نهاية أوقات العمل، عندما يخلو المكان من العمال، ويبقى بعض العمال الصينيين فقط، الذين اتّخذوا من أحد الشاليهات وكرا لترويج الخمور، فيما تم تحويل زوايا أخرى من الموقع إلى مساحات للكراء لعقد اللقاءات الغرامية.وقبيل دقائق قليلة من صلاة المغرب، بدأت أفواج العمال والمهندسين الصينيين تتوافد على الموقع، أين يُفضّل أغلبهم اقتناء خمور صينية تقليدية الصنع، وهي مشروب أخضر يتم تعبئته داخل قارورات مياه معدنية بسعة لتر ونصف اللتر، وتباع بـ500 دينار للقارورة الواحدة.اقتربنا أكثر فأكثر من”الشاليه”، قبل أن نتردّد لحظات في دخوله، لكن بمجرد ما أن لمحنا تواجد جزائريين داخله، استجمعنا قوانا وهممنا بالدخول، أين كانت مفاجأتنا بالوضع كبيرة.كان بائع الخمور صيني الجنسية، وحوّله يتجمّع أبناء جلدته من العمال والمهندسين، وهم منهمكون في تبادل أطراف الحديث، ووسط كلمات صينية ممزوجة بالقهقهات والصراخ اقتربنا من البائع، وطلبنا منه بيعنا بضع ”بيرات”، ليلبّي حاجتنا.بعد ذلك شرعنا في التلصّص على المحيط عبر إلقاء نظرات خاطفة على الأجواء داخل الشاليه، فوقعت بين أعيننا طاولة كان يتجمّع حولها عدد من الصينيين، حيث كان الرجال الخمسة بصدد لعب القمار.وبمرور الوقت، ازدادت ثقتنا في أنفسنا حيث استأنسنا الوضع، واعتدنا عليه، وزاد معه شغفنا باستطلاع المزيد، فرُحنا نجوب المكان بأبصارنا هنا وهناك، دون لفت انتباه أحد، فيما كنا قد عمدنا إلى تشغيل كاميرا تصوير صغيرة الحجم وغير ظاهرة للعيان، لتوثيق ما رأيناه.وما شدّ انتباهنا هي تلك الجرأة التي يتمتّع بها هؤلاء الصينيون من خلال قيامهم بعرض مختلف المشروبات الكحولية المحلية والأجنبية ومن مختلف الأنواع العالمية وبأسعار جدّ معتبرة، دون خوف من حسيب أو رقيب، وهو ما جعلها -خاصة المشروب الكحولي الصيني الذي يتم جلبه من بلد المنشأ-، محل إقبال من طرف الكثير من الشباب الجزائري من مختلف الأحياء السكنية المجاورة.وبمرور الوقت، اكتشفنا وجود زوايا أخرى من الموقع، تحوّلت هي الأخرى إلى أماكن لارتكاب الرذيلة، حيث يتم تأجير بعض الغرف للراغبين في الاستفراد بعشيقاتهم ومرافقاتهم لممارسة الفاحشة أو لجماعات الشباب للعب الميسر.بعد ذلك، تحدّثنا إلى أحد الشباب القاطنين بحي مجاور كان في نفس الموقع، حيث قال إنه تعوّد المجيء إلى ورشة المسجد الأعظم منذ 54 يوما لاقتناء ”الخلطة الصينية”، والتي قال عنها أحسن مشروب كحولي احتساه في حياته، مضيفا أن ذلك المشروب يُشرف على إعداده مهندس معماري صيني رفقة 5 عمال من مواطنيه، إلى جانب إشرافه على إدارة المكان وتسييره.
المدير العام لمؤسسة المسجد الأعظم لـ”النهار”:”من حــق الصينييـن احتساء الخمـر لكـن…”
من جهته، كشف المدير العام لمؤسسة المسجد الأعظم، علوي محمد، في اتصال بـ”النهار”، أن ارتكاب مثل هذه الأمور داخل ورشة المشروع يُعدّ خرقا للأخلاق والقانون، مضيفا أن المكلّفين بالأمن داخل موقع المشروع يتحمّلون مسؤولية كل الأمور التي تحدث داخل قاعدة الحياة التي يعيش فيها الصينيون البالغ عددهم 1200 عامل، مرجّحا أن يكون هذا الأمر يقع بالتواطؤ مع أعوان أمن الورشة.وحول استباحة شرب الخمر والمتاجرة به داخل ورشة المسجد الأعظم، كشف علوي، أنه من حق الصينيين احتساء الخمر، إلا أنه يمنع منعا باتا تحويل المشروع إلى مستودع وشاليهات لارتكاب المحرّمات، بالإضافة إلى أن بيع الخمر للجزائريين يُعدّ خرقا للقانون وللأعراف ومُنافٍ للأخلاق، مضيفا أنه فيما يخصّ ممارسة الرذيلة ووجود نساء صينيات يبيتون في الورشة، فإن القاعدة تضمّ 02 من المائة من النساء يعملون كمهندسات وإداريات وتقنيات وعاملات عاديات، مشدّدا في نفس الوقت على أنه سيقوم بالتحقّق من الأمر.
مدير إدارة المشروع: ”أعوان الأمن مسؤولون بعد الخامسة مساءً”
كشف مدير إدارة مشروع مسجد الجزائر الأعظم ”قويدري”، أن الإدارة غير مسؤولة عن الورشة بعد انتهاء فترة الدوام على الساعة 5 مساء، مضيفا أن الإدارة لم تبلّغ عن هذه التجاوزات وأنها ستحقق وتتحرّى الأمر.وحول وجود مسؤولين جزائريين تابعين للمؤسسة يداومون ليلا، أكد قويدري، أن هناك مجموعة من المهندسين يعملون ليلا، إلا أنه ليس من صلاحيتهم مراقبة ما يجري في الورشة.