10 سنوات عن رحيل مطرب الأغنية الشعبية الهاشمي قروابي

تمر عشر سنوات على رحيل الهاشمي قروابي، المطرب الذي أحدث “ثورة صغيرة” في موسيقى الشعبي واحتل قلوب أجيال من عشاقها وترك بصمة من الأناقة كانت تميزه كفنان متألق خلف وراءه تسجيلات مؤثرة ومدرسة يسير اليوم على خطاها العديد من الأتباع والفنانين.
وبالإضافة لتميزه بأداء بارع للقصيد على غرار “الحراز” و”يوم الخميس” وكذا “قرصاني اغنم”، فقد اشتهر الهاشمي قروابي رفقة العديد من مطربي جيله بالأغاني القصيرة التي كتبها له الشاعر والملحن محبوب باتي (1919- 2000)، وبفضلها انجذب شباب السبعينيات لموسيقى الشعبي. وبأناقته التي يشهد له بها الكثير من متتبعي الساحة الثقافية الجزائرية، فإن قروابي قد مارس أيضا، فنه بالحفلات العائلية الشعبية التي ساهمت في اكتساحه لأهم صالات العروض في الجزائر والخارج مكملا بذلك مسارا قد سبقه إليه آخرون. وبدأ الهاشمي قروابي -الذي وافته المنية في 17 جويلية 2006 عن عمر يناهز68 عاما- مسيرته الفنية بالإنضمام لأوبيرا الجزائر في 1953 وهو في سن الـ 15 -بعد عدة سنوات قضاها في صفوف فريق كرة القدم لحيه “المرادية”- حيث عرف بانجذابه للمسرح وبصوته المميز في الغناء. وقد ساهم مروره في سكاتشات رفقة رويشد وجلول باش جراح، في إبراز “شغفه بالفن السابع” حسبما أوضحه محمد كربة، الباحث في موسيقى الشعبي والشاعر والمنشط الإذاعي، والذي أبرز أيضا “حسه السينمائي” و”محبته الكبيرة للسينما” وكذا عشقه “كلاسيكيات المسرح“.
عطاء الهاشمي قروابي في فنون المسرح وأدواره كـ”رجل وسيم” جعلت منه “سوبر ستار الغناء”، يضيف كربة الذي يرى أيضا، أن هذه الصورة “تنطبق بشكل طبيعي على مطربي الشعبي”. بعد الإستقلال وبفضل عبقرية محبوب باتي، تمكن قروابي عبر أعماله الشهيرة على غرار “البارح” و”الورقة” و”الماضي”، وأيضا “ألو ألو” من تملك قلوب الجمهور الذي كان يميل انذاك الى الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية. وقد أعطى قروابي أيضا، صورة جديدة سواء للشعبي أو لفنانيه من خلال “لوك” جيل السبعينيات الذي ميزه سروال “باديليفون” والقمصان ذات الياقات العريضة بالإضافة الى مساهمته في رواج “الموندول”، الذي اصبح أكثر شعبية مما أعطى للفنان “لمسة أناقة” لا يزال يشهد له بها الجميع. ورفقة الحاج مريزق ومحمد زربوط مرجعيه الأساسيين، فقد أصبح الهاشمي قروابي-الذي بدأ بأداء القصيد في اول مشواره الفني- بمثابة الوريث لكبار معلمي الشعبي ووجه فني ذي رمزية لجيل كامل بينما اعتبره البعض كـ “حارس” لموسيقى كانت في طريق الضياع. ويشير من جهة أخرى، سيد علي دريس، وهو مغني شعبي ومنشط حصة إذاعية حول هذا الفن، إلى وجود -في ساحة الشعبي اليوم- “حركة فنية تعتبر نفسها من مدرسة الهاشمي” رغم أنه لم تؤسس يوما أي مدرسة باسمه.
وعن الاتباع يضرب سيد علي دريس، المثل بعبد الرزاق غنيف وسيد علي لقام وعثمان رويبي وكذا الشيخ دريدي من سوق اهراس، الذين قلدوا صوت قروابي رفقة أيضا “عدد كبير من المغنين” الذين اغترفوا من فنه “بفضل الأنترنيت وتسجيلاته الكثيرة”. وبين التقليد والتأثر يعتبر محمد كربة من جهته، أن من خلفوا قروابي في فنه يبقى اداءهم “ضعيفا نوعا ما” إذا ما استثنينا سيدعلي لقام وحميد العيداوي وحسين دريس ولو أن الكثير من هؤلاء قد “انتهجوا نفس المسار”.
وكان الهاشمي قروابي، قد أعرب خلال حفلته الأخيرة بالجزائر العاصمة في 2005، عن رفضه لـ “ثقافة النسيان والإنغلاق عن فنه” وعلى الشعبي عموما كما نادى بضرورة “تسليم المشعل والبحث عن الخلف”.