إعــــلانات

2 ملايين تحت الطّابلة.. مقابل غرفة وقابلة

2 ملايين تحت الطّابلة.. مقابل غرفة وقابلة

الهيربين» و«الباشيّات» لنقل الحوامل لمصالح التوليد في الجنوب
وزارة الصّحة تتأسّس طرفا مدنيا في قضية وفاة الحامل ومولودها في الجلفة

سبّ، شتم، ضرب، وتحويل من مشفى إلى آخر، كلّها ممارسات تتعرض لها الحوامل أثناء رحلة البحث المريرة عن مستشفى لتوليدهن، والسعي للظفر بسرير قبل أو بعد وضعهن للمولود، أو كرسي للمحظوظات منهن، أو افتراش الأرض ولما لا الولادة عليها بحجة الاكتظاظ كلّ مرة، وسط تجاهل كل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الصحة للوضع الذي بلغ درجة التعفن .

ولعلّ قصة السيدة التي فقدت حياتها وجنينها الأول بحر الأسبوع الماضي في الجلفة، ما هي سوى عينة بسيطة من الحوامل اللواتي يتوفين يوميا بسبب النزيف والإهمال، اللذين يواجهنهما بمجرد أن تطأ أرجلهن عتبة المستشفى، ولمن تتوفر لدى إحداهن وساطة مسبقة مع أحد العاملين، ستظفر بولادة وعناية مثاليتين، وكأنها في أحد المستشفيات في الخارج.

«خلّص 2 ملايين تحت الطّابلة».. مقابل غرفة وقابلة

انتفض المرضى ومرافقوهم في وجه مفتشي وزارة الصحة، الذين توجهوا إلى المراكز الصحية والاستشفائية بالجلفة، ضد المتاجرة بحواملهم، حيث أكد مصدر رسمي من البعثة، أنه يتم طلب مقابل مادي مقدر بـ 20 ألف دينار مقابل الحصول على غرفة وقابلة، حيث يقوم العديد منهم بدفع المبلغ، مضطرين، خوفا من أن تتعرض زوجاتهم لما لا يحمد عقباه. وبالنّظر إلى الوضع الصّحي الاستثنائي الذي تعرفه مستشفيات الجلفة، والذي وقفت عنده «النهار» في العديد من المرات، على غرار غسل جنين متوفي في الغسالات بحجة النسيان، قررت وزارة الصّحة تشديد العقوبات ضد المتورطين في عملية المتاجرة بالمرضى.

الحوامل الرّحّالة في «باطورات» العاصمة

ولعلّ مستشفيات العاصمة، التي تشرف على توليد الحوامل القاطنات بالعاصمة، بالإضافة إلى القادمات من باقي ولايات الوطن، تعدّ كابوسا لكلّ الحوامل المقبلات على الوضع، وحسبما وقفت عنده «النهار»، بحكم تواجدها الدائم في كافة المراكز الاستشفائية، تضطر الحوامل إلى التجوال من مركز استشفائي إلى آخر، من أجل الولادة، بيد أنّهن يطردن شر طردة، من قبل عون الأمن، الذي يوجههن إلى مركز آخر، لا وبل يقوم بقراءة الرسالات التوجيهية، التي من المفروض ألا يفتحها سوى الطبيب.

والأدهى في ذلك، هو في حال ما وجدت الحامل الرحالة مكانا للولادة، تلقى من سوء المعاملة ما لا يرضيها، كما هو الحال لـ «ب.ش»، التي توجهت للولادة في مركز بني مسوس الجامعي، لإنقاذ جنينها الأول بعد سنوات من عدم القدرة على الإنجاب، إلا أنه بسبب غياب الطاقم المناوب، وانشغاله بتحويل المصلحة إلى قاعة أعراس، من صراخ وضحك هستيري، تسبّب في تخلّف المشرفين على إنقاذ الجنين في الوقت المناسب، فضلا عن إصابة الأم بتعقيدات صحية، ناتجة عن عدم قدرتها على التنفس، جراء استهزاء الممرضين بها عندما طلبت منهم إسعافها.

«الهربة تسلّك.. كاين الميكروب»!

وأغرب تقنيات طرد الحوامل التي اهتدى إليها العاملون في المراكز الإستشفائية في العاصمة، هو إطلاق إشاعة وجود ميكروب في مصالح التوليد لقضاء مناوبة خفيفة ظريفة، كما حدث مؤخرا في عيادة «جورندو» بباب الواد، حيث تم توجيه حامل قصدت المركز للولادة إلى مركز استشفائي آخر، بحجة وجود ميكروب، والغريب هو أن الطبيبة المناوبة قالت للمريضة إنه في حال لم تجد مكانا في باقي المستشفيات، فما عليها سوى العودة، بعد دورية البحث عن سرير في كل مراكز العاصمة، إلا وأنه بعد التحقق، تبيّن أن المركز لم يكن يوجد فيه أيّ ميكروب، وأنه تم التخلص من المريضة للحصول على قسط من الراحة.

«المعريفة» للـولادة 5 نجـــوم فـــي المستشفيـــات

ولعلّ أحسن وسيلة للولادة في المستشفيات، هو أن يكون للمريضة «خيط صحيح أو كابل» كما يقال بالعاميّة، للاستفادة من خدمة توليد خيالية، إذ يمكن لعامل بسيط في مصلحة التوليد أن يوفّرها لأي حامل، لتتحصل بموجبها على سرير بأغطية وأفرشة، وممرضة للعناية بها، وطبيب تحت الطلب، بالإضافة إلى ولادة مريحة وتقطيب تحت التخدير، في حال وجود هذه «المعريفة».

ويضطر البعض الآخر إلى انتحال صفة مسؤولين أو حتى أبناء مسؤولين في الدولة، ولم لا ابن وزير الصحة، كما حدث مع عبد العزيز زياري، عندما انتحل شاب صفة ابنه في مستشفى بارني، من أجل إنقاذ امرأة سدّت كل الأبواب في وجهها من أجل أن تضع حملها، وليحظى المدير العام برضا مسؤوله الأول، اتصل هذا الأخير برئيس الديوان من أجل إخطاره بأنه تكفل بمريضة ابنة الوزير شخصيا، وتمت العناية بها جيدا، لا وبل حظيت بغرفة انفرادية، عوض افتراش الأرض كما هو الحال لـ«الزوالي البسيط»، وهنا اكتُشِف ارتكاب الشاب جريمة انتحال صفة، بعد أن نفى رئيس الديوان تلك الادّعاءات، ليتم إيداع شكوى ضده على مستوى محكمة حسين داي، إلا أن القاضية حكمت عليه بالبراءة في نهاية المطاف.

حامل تضع مولودها داخل سيارة إسعاف في أمّ البواقي

معاناة كبيرة تجدها الحوامل عبر بلديات ولاية أم البواقي، فمنهن من توفين ومنهن من وضعت حملها داخل سيارة الإسعاف وفقدت جنينها، هي عينات وقفنا عندها وهزت الرأي العام بالولاية، حيث وضعت حامل مولودها داخل سيارة إسعاف بمنطقة طاقزة بسقوس، بعد رحلة انطلقت من مستشفى مسكيانة، ولحسن الحظ أن الحامل نجت من الموت بعد أن فقدت جنينها. وفي خنشلة، قفز معدل استقبال الحوامل بالعيادة المتخصصة صالحي بلقاسم، خلال ستة أشهر الأخيرة، إلى أرقام قياسية، حيث قدرت بين 15 و40 حالة يوميا قادمة من مختلف بلديات الولاية، فضلا عن حالات أخرى متقدمة من بلديات بجن والشريعة بولاية تبسة والضلعة ومسكانة من ولاية أم البواقي وحتى من خنقة سيدي ناجي وما جاورها بولاية بسكرة. وتم تسجيل حالتي وفاة من الولجة وأولاد رشاش بداية هذا العام، وأزيد من 4 حالات وضع داخل وسائل النقل خلال نقل الحوامل ورفض المؤسسات القريبة استقبالهن.

استئصال الرّحم لوقف النزيف الناتج عن الإهمال!

أمّا في سكيكدة، فأصبح الحمل كابوسا حقيقيا للعديد من الأزواج وعائلاتهم، كما هو حال سيّدة من قرية عين أغبال، التي رفض القائمون على عيادة التوليد بالقل استقبالها، بالرغم من توسلات زوجها بحجة أن موعد وضعها لايزال بعيدا، غير أنها ولدت داخل سيارة زوجها رضيعا سرعان ما توفي، وقبلها اتهم فريق طبي بالقل في التسبب في وفاة سيدة ومولودها بسبب الإهمال، بعد رفض التكفل بها واستقبالها في الوقت المحدد من قبل الجراح على مستوى عيادة القل.

«الهيربين» وسيارات الإسعاف لتوليد الحوامل في الوادي

يعتبر التنقل من البيت إلى دار الولادة من أكبر الكوابيس للمرأة الحامل بولاية الوادي، إضافة إلى تحديد توقيت الإنجاب بالضبط، وتمّ تسجيل عديد حالات الإنجاب، إما في الطرقات أو في سيارات الإسعاف، التي تتنقل بالمرأة الحامل بين المستشفيات تبحث لها عن سرير من أجل الولادة. وبولاية الوادي سجلت ولادة امرأة في الطريق ومات مولودها، كانت قادمة من مستشفى الرڤيبة الذي حولها إلى دار الولادة بالوادي على مسافة 30 كيلومترا، من دون منحهم سيارة إسعاف أو حتى استدعاء سيارة الحماية المدنية، أين تم نقلها بواسطة سيارة نفعية من نوع «هيربين»، وعند وصولهم إلى مفترق الطرق ورماس بالطريق الوطني رقم 48، طلبت والدة الزوج من ابنها توقيف المركبة كون المولود بدأ يخرج ويجب إخراجه بالكامل، حيث أنجبت الزوجة مولودها في ظروف قاسية جدا، انتهت بوفاة المولود، لإنقاذ حياة أمه.

لا توليد ولا مناوبة ليلية بولاية سعيدة!

ناشد سكان بلدية هونت، التي تبعد عن مركز ولاية سعيدة بـ 60 كيلومترا، المدير الولائي للصحة والسكان ووالي الولاية برمجة المناوبة الليلية بمركز الأمومة والولادة بالبلدية. وأكد بعض سكان البلدية الذين اتصلوا بـ $، أنهم سئموا من التجوال بالنساء الحوامل إلى بلدية سفيزف بولاية سيدي بلعباس لوضع مواليدهن، من خلال اقتناء سيارات «كلوندستان» بمبلغ مالي يتجاوز 1000 دينار جزائري، رغم توفر مركز الأمومة والولادة الجديد بهونت على كل التجهيزات الضرورية.

ضغط بمصالح الولادة لمستشفيات وهران عقب تحويل حوامل من ولايات مجاورة

تعاني مصلحتا الولادة بكل من مستشفى بن زرجب وأول نوفمبر بوهران، ضغطا رهيبا، في ظل توافد الحوامل يوميا ومن ولايات أخرى مجاورة، بالرغم من توفر مستشفيات بالمناطق المذكورة كمعسكر، تيارت وغليزان، الأمر الذي استاء له الطاقم الطبي في ظل استحالة التكفل بكافة الحالات أمام استقبال حوامل ولاية وهران. وفي جولة روتينية بذات المصلحتين، تم اكتشاف حقيقة ما يعانيه الأطباء الأخصائيون والقابلات في أقسام الولادة، الذين أمام العدد الكبير للحوامل اللواتي يتنقلن إلى مستشفيات وهران للكشف الطبي، يضطرون إلى انتقاء الحالات الاستعجالية، التي يمكن أن تسبب مخاطر للحامل في حال رفض معاينتها، وتجنبا للشكاوى المودعة ضدهم في حال عدم التكفل بهن.

التحقيق في وفاة 5 حوامل بمستشفيي مغنية والرمشي

كشفت مصادر النهار، أن مستشفى مغنية بتلمسان، قد سجل خلال سنة نحو 4 حالات وفاة لحوامل، نتيجة الإهمال، أقدمت عائلاتهن على تقديم شكاوى رسمية ضد مصلحة الولادة، وفتحت مصالح الأمن بشأنها تحقيقات للكشف عن أسباب الوفيات الغامضة، في حين تم تسجيل وفاة أخرى لحامل بمستشفى الرمشي في ظروف غامضة، لحد الساعة يجري التحقيق في ملابساتها بعد إيداع أقارب الضحية لشكوى تفيد بتعرض بناتهم للإهمال المؤدي إلى وفاتها إلى جانب الرضيع.

قالت إنّهم يعملون تحت الضغط وفي ظروف كارثية

عمادة الأطباء: «رفض الأطّباء المناوبين التكفل بالحوامل ليس بدون سبب»

أمّا عميد الأطباء الدكتور بقاط بركاني، فقال إن رفض الطبيب المناوب توليد حامل خلال المناوبة، ليس بدون سبب، وإنما من منطلق الاكتظاظ الذي تعرفه مصالح التوليد، لاسيما وأن فترة الصيف تشهد إقبالا واسعا جدا.

وأضاف ذات المتحدث، أن الوزراء المتعاقبين على قطاع الصحة، لم يجدوا حلا لمعضلة أقسام التوليد، مشيرا إلى أن الحامل من المفروض أن تكون على علم بمكان ولادتها قبل أن يحين الموعد، لتفادي التنقل من مشفى إلى آخر، بحثا من مكان للوضع.أكدت انعدام الضمير المهني عند بعض القائمين على مصالح التوليد

وزارة الصّحة تتأسس طرفا مدنيا في قضية وفاة الجلفة

أعلنت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عن قرارها بتقديم طلب ادعاء مدني في القضية، التي ستنظر فيها العدالة إثر وفاة سيدة حامل بالجلفة، وعن إيداع شكوى من طرف أسرة الفقيدة.  وأكّدت في بيان لها أن وزير الصحة، مختار حسبلاوي، أوفد مباشرة بعد هذه الواقعة، لجنة تحقيق تتشكل من ثلاثة مفتشين وأستاذ متخصص في طب النساء والتوليد، من أجل تسليط الضوء على جميع الجوانب الإدارية والتنظيمية والطبية لهذه القضية.  وشدّدت الوزارة على أنّ أي شخص صدر منه تهاون ولا مبالاة في هذه القضية، سيتعرض لعقوبات قاسية على ضوء التقرير النهائي، الذي ستقدمه اللجنة بالموازاة مع العمل الجاري على مستوى العدالة.  وتعود حيثيات القضية إلى بحر الأسبوع الفارط، حيث لقيت امرأة حامل تبلغ من العمر 23 سنة وجنينها، حتفهما بعد رفض التكفل بهما على مستوى ثلاثة مستشفيات تابعة للولاية، في كل من عين وسارة وحاسي بحبح والجلفة.

وعليه اتخذت مديرية الصحة لولاية الجلفة، إجراءات عاجلة، من خلال توقيف الطاقم الطبي عن العمل على مستوى المستشفيات الثلاثة في انتظار استكمال التحقيقين الطبي والجزائي. وذكرت الوزارة، أنه في بعض الأحيان، تسجل حالات غير مرتبطة بالتنظيم وبالإمكانيات والكفاءات، بل مرتبطة بتصرفات لا أخلاقية، وبانعدام الضمير المهني عند بعض القائمين على مصالح التوليد.

عقيلة قروش: «على القابلة تحمّل مسؤولية تقصيرها في حق الحامل المتوفاة بالجلفة»

من جهتها، قالت عقيلة قروش، رئيسة اتحاد القابلات الجزائريات، إن القابلة التي رفضت توليد الحامل في الجلفة، تتحمل مسؤولية تقصيرها، إذ أنه كان في الإمكان التدخل في الوقت المناسب. وذكرت قروش، أنّ الأطباء يعتبرون القابلة مجرّد عون شبه طبي، إلا أن الأمر ليس كذلك، كون المنظمة العالمية للصحة حدّدت مهام التوليد الطبيعي في القابلات، وهو اعتراف صريح بأنهن من يشرفن على المتابعة الطبية للحامل، وتوليدها، والصبر عليها إلى النهاية، مشيرة إلى وجود تداخل في الصلاحيات.

رابط دائم : https://nhar.tv/g3PDz
إعــــلانات
إعــــلانات