أردوغان يواجه أزمة داخلية جديدة تهز أركان حكومته

يواجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أزمة داخلية جديدة بعد أشهر قليلة على احتجاجات ساحة تقسيم. تحقيق في قضية فساد لمسؤولين يفرز حركات احتجاجية واستقالات في الحكومة. فهل هي بداية لأفول نجم النموذج التركي الإسلامي المعتدل؟بدأت الأزمة السياسية في تركيا بالاتساع منذ ثلاثة أيام على خلفية قضية فساد تورط فيها مسؤولون في مصرف خلق الحكومي، وقد أثار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان غضبا شعبيا بعد إقالة المحققين في هذه القضية ما يشير إلى خلاف مع القضاء التركي. وانتقل التوتر إلى الشارع عبر احتجاجات جديدة طالت عددا من المدن التركية كأنقرة وأزمير حيث طالبت الحشود الغاضبة باستقالة أردوغان. رئيس الوزراء قام بتعديل وزاري موسع على خلفية استقالة ثلاثة من حكومته أمس في ما يشبه محاولة لمنع سقوط حكومته.فما هي أسباب هذا التصعيد السياسي في تركيا؟ وهل هذا بداية لأفول نجم النموذج التركي الإسلامي المعتدل؟الأزمة الحالية هي نتيجة تراكمات قد تعصف بحكومة أردوغان” المحلل السياسي الكويتي عبد الواحد خلفان قال إن التحركات الاحتجاجية الأخيرة تأتي في سياق أوسع من السياق الظاهر، وهي نتيجة تراكمات داخلية قد تعصف بحكومة أردوغان.ويضيف المحلل السياسي إن شرائح واسعة من الشعب التركي كما الاتحاد الأوروبي لم ينسوا التعامل العنيف للنظام مع مظاهرات ساحة “تقسيم” السلمية في يونيو/حزيران الماضي، فضلا عن وجود ملفات فساد يبدو أنها تنخر الاقتصاد التركي وكذلك التدخل في شؤون القضاء الذي تأكد من خلال إقالة محققين في قضية الفساد في مصرف خلق. إضافة إلى الشعور بأن حزب أردوغان يسعى للاستفادة على حساب الاقتصاد التركي.من جهته يرى الأستاذ المحاضر في جامعة جنيف حسني عبيدي أن الأزمة الداخلية في تركيا طالت اليوم قطاعات واسعة من المجتمع بدأت توحد صفوفها خلف موقف واحد جمع المجتمع المدني وبعض الكتل البرلمانية وأيضا من قوى داخل الجيش ما قد يكسب أصوات المعارضة قوة أكبر.التعامل مع الملفات الخارجية أثّر على الداخل التركي” ويضيف المحلل السياسي الكويتي خلفان “من بين أبرز إخفاقات أردوغان تعامله مع الملفات الخارجية الساخنة. فسياسته أثارت الجدل من خلال الموقف الرسمي التركي من الأزمة السورية حيث أعلن أردوغان منذ البداية انحيازه للمعارضة السورية ومناهضته لبشار الأسد، بل ودخل في صراع سياسي صريح ضد النظام السوري. ودعم المعارضة السورية المسلحة بتسهيل دخول الحركات الجهادية الإسلامية للأراضي السورية عبر التراب التركي. علما أن الموقف التركي المتساهل مع الحركات الجهادية أسقط من حساباته أن المجتمع التركي نفسه يضم أقليات تماثل الأقليات الموجودة في سوريا كالعلويين والشيعة والمسيحيين، إذن أنقرة تدعم المعارضة السنية على حساب الأقليات رغم أنها نفسها تضم هذه الأقليات.وهناك أنباء عن دعم هذه الحركات ماليا وعسكريا في سبيل إسقاط النظام السوري. في وقت يعلم الجميع فيه أن هذه الحركات المتمردة عادة ما تنقلب على داعميها، والأمثلة عن ذلك كثيرة في أفغانستان والعراق مثلا.هناك أيضا تعامل دبلوماسي سيء مع دول الجوار والمنطقة، حيث دخل نظام أردوغان في مواجهة سياسية مفتوحة ضد النظام في مصر بعد عزل الرئيس محمد مرسي حيث وصف الجيش بالانقلابيين وأدت الأزمة لطرد السفير التركي من القاهرة. وسيزداد الموقف التركي هشاشة اليوم بخصوص مصر بعد إعلان منظمة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، فهل ستواصل تركيا دعمها لإخوان مصر؟أنقرة أثارت أيضا حفيظة دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية من خلال دعم نظام مرسي فخسرت لاعبا أساسيا في المعادلة السياسية في منطقة الشرق الأوسط.الفكرة هذه يؤكدها الأستاذ حسني عبيدي الذي يرى أن التعامل التركي مع دول الجوار سجل إخفاقات كبيرة من خلال التعويل على انهيار سريع لنظام الأسد إلا أن هذا النظام أثبت قدرة كبيرة على الصمود ما جعل تركيا اليوم تعيش عزلة دولية غير مسبوقة فعلاقاتها مع إسرائيل سيئة ودول الخليج غير راضية عن الأداء التركي وقد بدأ ظهور رغبات أوروبية وأمريكية في تغيير سياسي تركي.أي مستقبل ينتظر أرودغان؟ عبد الواحد خلفان يعتقد أن المسؤولية الآن في عهدة أحزاب المعارضة المدعوة لتنظيم صفوفها خاصة أن أردوغان لن يسلم السلطة ببساطة بل سيكون هناك صراع عليها والأوضاع غير مرشحة للهدوء في المنظور القريب على الأقل. ويعتقد المحلل أن المظاهرات ستتسع رقعتها وسيزداد الدعم الشعبي للمطالبين برحيل أردوغان وحكومته. “ارتباك سياسي لا يعني نهاية حقبة أردوغان”حسني عبيدي من جهته لا يعتقد أن حكومة أردوغان تعيش أنفاسها الأخيرة بل يميل نحو الطرح القائل بأن نظام رجب طيب أردوغان يتعرض فقط لهزات قوية، ناتجة عن طول مدة بقائه في السلطة وعدم تجديد كوادر حزبه أو تعيين خليفة له. ويقول عبيدي إن هذه الحالة ولّدت حالة من الشبع لدى الأتراك ودفعت بالتشكيلة السياسية الحالية إلى ارتكاب أخطاء متعاقبة، وصل أوجها خلال العام 2013 خاصة في ما يتعلق بالملفات الخارجية.