إعــــلانات

إمتحان الآخرة أولى من امتحانات الدنيا

إمتحان الآخرة أولى من امتحانات الدنيا

قال صلى الله عليه وسلم: “لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ”

إن للاختبارات الدنيوية هيبةً في نفوس الطلبة، بل وهيبة في نفوس الآباء والأمهات؛ وكم هو جميل بالآباء والأمهات حين يُقبلون على أبنائهم ناصحين وموجّهين، وكم هو جميل بهم وهم الحريصون على نجاح الأبناء، الراغبون في فوزهم، الخائفون من إخفاقهم، أن يكون حرصهم عليهم في الاختبار الأعظم يوم القيامة عندما يقف هؤلاء الأبناء بين يدي الله فيسألهم عما قدّموه في هذه الحياة. ولا لوم على من يحرص على نجاح أبنائه في امتحانات الدنيا بل هذا من تمام التربية وكمال التوجيه، لكن اللوم كلَّ اللوم أن يكون هذا هو حدود اهتمامه ومبلغ علمه وغاية نصيحته لابنه من دون أن يرعاه فيما سيلقاه يوم القيامة بين يدي الله، وقد جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا)، وهذا فيه أن اهتمامك بالدنيا لا ملامة عليك فيه، وإنما الملامةُ كل الملامة أن تكون الدنيا هي غاية اهتمامك ومبلغ علمك. ثم إن على طالب العلم أن يتذكَّر بهذا الاستعداد للامتحان وجوب الاستعداد لامتحان يوم القيامة، فإذا كُنتَ تدرك أنَّك ستُمتَحن، وأنَّ الامتحان يتطلب استعدادًا، وفي الامتحان سؤال وجواب، وعلى قدر استعداد الإنسان للجواب والصَّواب في امتحانه يكون النجاح، فكذلكم الامتحان الذي يكون في القبر والذي يكون يوم لقاء الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فهذا الامتحان يذكِّرك بالامتحان العظيم والامتحان الأكبر الذي يكون يوم القيامة، فإذا كانت نفسك تتهيأ وتستعد لهذا الامتحان الدُّنيوي فليكن ذلك بابًا لك يدفعك لتهيئة نفسك للاستعداد للامتحان الأخروي يوم تلقى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.  ويُذكر عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال لرجل: كم أتت عليك ؟ قال: ستون سنة، قال الفضيل: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تبلغ، فقال الرجل: يا أبا علي إنا لله وإنا إليه راجعون، قال له الفضيل: تعلم ما تقول ؟ قال الرجل: قلت “إنا لله وإنا إليه راجعون”، قال الفضيل: تعلم ما تفسيره ؟ قال الرجل: فسره لنا يا أبا علي، قال: قولك “إنا لله” تقول أنا لله عبد وأنا إلى الله راجع؛ فمن علم أنه عبد الله وأنه إليه راجع فلْيعلم بأنه موقوف؛ ومن علِم بأنه موقوف فليعلم بأنه مسؤول؛ ومن علم أنه مسؤول فليعدَّ للسؤال جوابا، فقال الرجل: فما الحيلة ؟ قال: يسيرة، قال: ما هي ؟ قال الفضيل: “تُحسن فيما بقي يُغفر لك ما مضى وما بقي؛ فإنك إن أسأت فيما بقي أُخذت بما مضى وما بقي”. وقد ثبت في الترمذي وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ)؛ إننا نعلم أننا مسؤولون يوم القيامة ومختبَرون وممتحنون، ونعلم أيضا تحديداً سؤالات ذلك الإمتحان التي تُلقى على الناس يوم القيامة، فكم هو جديرٌ بالعبد الموفق أن يجعل هذه السؤالات الخمسة بين عينيه ونصْب عينيه مادام في ميدان العمل، يتذكر سؤال الله جل وعلا له عن عمره، وسؤال الله تبارك وتعالى له عن شبابه، وسؤال الله تبارك وتعالى له عن ماله، وسؤال الله تبارك وتعالى له عن علمه؛ إننا مسؤولون حقا، وصائرون إلى هذا الأمر حقا، وواقفون بين يدي الرب العظيم جل وعلا وهو سائلنا؛ فكم هو جدير بنا - إيْ والله – أن نتذكر هذا الإمتحان وأن نتأمل في هذا الإختبار وأن نتذكر وقوفنا بين يدي الرب الجبار جل وعلا ونُعِدَّ لهذا الإمتحان جوابا وللجواب صوابا.  

رابط دائم : https://nhar.tv/O69LI
إعــــلانات
إعــــلانات