ابني يضيع.. والسبب فتاة في عمر الربيع

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته سيدتي نور.. إنه لكبير ثقتي في المساعي النبيلة التي تقومين بها؛ أخاطب قلب الأم فيك علّني أجد حلا للمشكلة التي أصبحت تؤرق كل أفراد عائلتي ولتكون قصة ابني عبرة لكل من يعتبر، فأنا طالما كنت كتومة على أسرار بيتي؛ لكن اليوم قد فاض بي الكيل ولم أعد أقوى على تحمّل الألم بمفردي لأني عجزت عن مواساة ابني الذي أراه يضيع مني، سيدتي.. لقد كانت حياتنا كلّها راحة وهناء، ننعم بالاستقرار والسكينة معا، نجحت في العديد من المجالات المهنية ونجحت كزوجة وكأم؛ وهذا يعود إلى فضل الله وللتربية التي ربّاني عليها والدي رحمهما اللّه، وحرصت دوما على تلقين ذات المبادئ لأولادي، والحمد لله حقّقت أكثر مما تتمناه كل أم في حياتها، وهي أن ترى أولادها ناجحين متألّقين، لكن الحياة مفاجآت وهذه سنّتها والحمد لله، فبعد أن أصرّ ابني الذي يبلغ من العمر 24 سنة على حبه لإحداهن؛ انقلبت حياتنا رأسا على عقب.. عرّفنا بها؛ في البداية كانت كلها رقة ونعومة، تراسيم وجهها تبعث بالبراءة والأمان، لكن حقيقتها لم يكن يعلمها إلا اللّه، وقع ابني في حبها وأصبحت الهواء الذي يتنفس، وما إن تقدّمت لخطبتها بدأت القطة تكشّر عن أنيابها، وسوّلت لها نفسها بأن تطلب هذا وذاك.. مستغلّة هيام ابني بها وقلة خبرته في الحياة، حاولت معه مرارا وتكرار توضيح الصورة له؛ لكن الحب أعمى بصيرته، تم العقد بينهما وظن ابني أنه ملك الدنيا؛ لكن المحتالة لم يكفها ابني ولم يكفها ما أخذت من أموال؛ وطلبت منه أن يقنعنا بأن نشتري لهما منزلا خاصا وأن نضعه باسمها؛ أمر رفضه زوجي وكل أفراد العائلة، فأماطت اللثام عن وجهها الحقيقي وبدأت تساوم ابني إما رغبتها أو فسخ عقب القران الذي بينهما، وحين فشل ابني في التأثير علينا وإقناعنا بمطلبها طلبت الطلاق، لكن ابني رفض الأمر جملة وتفصيلا، وأمام هذا الرفض راحت هي ترفع ضده قضية خلع متهمة إياه بأبشع التهم..؟مفاجأة لم يكن ينتظرها أحد، وخبر هزّ أركان بيتنا وزعزع استقراره وشتّت شمله، فأنا اليوم لم أعد أعرف ما العمل مع ابني الذي أصبح مدمن مخدرات ويرتكب كل أنواع المعاصي بعد أن كان مضربا للمثل في الأخلاق، أقدم عدّة مرات على الانتحار ولكن محاولاته باءت بالفشل والحمد لله، وفي كل مرة كان فؤادي يتمزّق ألما من شدة الخوف عليه من عقاب الله، وهذا حال بيتنا منذ بضع أشهر، حاولنا معه بشتى الطرق لكن دون جدوى، فهو يرفض الحياة لا وبل يحمّلنا كل المسؤولية لأننا رفضنا شراء المنزل؛ وبالتالي إتمام الزواج، من يومها وأنا أفتقد طعم الراحة، أفكر وأفكر لكن هيهات، فقدت ابني وأراه كالشمعة يذوب أمام عيني دون أن أدري كيف أنتشله من نفق المعاصي والألم في نفس الوقت..؟ أرجوك سيدتي.. دلّيني على طريقة أمحو بها آثار تلك الفتاة من قلبه ومن حياتنا ككل..؟
أم من العاصمة
الرّد:
سيدتي الفاضلة.. أنت حقا في ورطة ما بعدها ورطة، فلا يوجد في الحياة ما هو أصعب من أن ترى الأم فلذة كبدها يتعذّب دون أن تقوى على مدّ يد العون إليه وانتشاله من الألم، لكن مهما كان الأمر تأكدي أنه ما من مشكلة إلا ولها ألف حل، فقط ضعي أنت ثقتك في الله فهو خير التوّابين.سيدتي، حاولي أن تقدّري الوضع الذي يمر به ابنك، فهو يعيش خيبة حب بينه وبين نفسه في الفتاة التي منحها كل ثقته وكل مشاعره من جهة وخيبة ثانية بينه وبين عائلته التي لا يريد أن يستصغروه من جهة أخرى، فكل تلك التصرّفات ما هي إلا تمرّد من طرفه لتفادي أي نوع من العتاب أو اللوم من الوسط العائلي، ولهذا فعلى كل أفراد العائلة أن يكونوا يدا واحدة لانتشال ابنها من عذاب القلب وجرح تلك الفتاة ومن نفق المخدرات، حاولوا سيدتي أن تعيدوا زرع الثقة فيه من جديد؛ وذلك بمساندتكم اليومية له دون أن يبدى أحدكم أي تذمّر، وحاولي أن تقنعيه أن الخطأ لا يكمن فيه ولا في اختياراته بل الخطأ أو العيب في الفتاة التي أوهمته بصدق نيّتها وبحبها الكبير له، لأنه لو كان يعلم مقاصدها منذ البداية لما تمكنت من التربّع في قلبه وما كان هو ليحبّها لهذا الحد، وأشعروه بمدى أهميته في حياتكم وفي المنزل كرجل يعتمد عليه في أمور كثيرة ولم لا أن تكلفوه بهمة معيّنه تشغل باله عن التفكير في الماضي وتأكدي أن الزمن كفيل بأن يمحو ذكرى تلك الفتاة وحبها من حياته. أعلم أن الأمر سيكون صعبا أو بالأحرى متعبا نوعا ما، لكن صدّقيني أنها ستكون فرحة ما بعدها فرحة حيت ترين أن جرح ابنك قد التأم، وأن ذاك الشاب الصالح الخلوق المفعم بالحيوية سيعود أحسن مما كان، فقط تودّدي بالدعاء الخالص لله ليصلح شأن ابنك، فلا حجاب بين الله وبين دعاء الأم، لأن المخدرات والمعاصي أبدا لم تكن من عادات ابنك، واحتسبي أمر الفتاة عندالله، والله سيعوّض ابنك بمن تصون قلبه وتكون سنده بحول الله.
ردّت نور