ارتفاع محسوس في الأسعار وغياب شبه تام للمنتوج المحلي في سوق الملابس

مع اقتراب عيد الفطر تعرف المحلات والاسواق حركية كبيرة نتيجة الاقبال المعتبر من طرف العائلات لشراء ملابس العيد لابنائها إلا أنها تصطدم بارتفاع كبير لأسعار الملابس والأحذية المستوردة في ظل غياب شبه تام للمنتجات المحلية. وسواء في محلات الملابس في قلب العاصمة او في الاحياء الشعبية تباع مختلف أنواع الملابس والاحذية المستوردة بشكل خاص من تركيا والصين تحمل علامات مقلدة في معظم الاحيان لكن تباع باسعار ليست في متناول الكثير حسبما لاحظته وأج. وتكفي جولة قصيرة في عدد من محلات الملابس في شارعي حسيبة بن بوعلي او العربي بن مهيدي بالعاصمة للوقوف على ضعف المعروض من الملابس الجاهزة المنتجة محليا حيث تقتصر على بعض ملابس الرجال لا سيما السترات والاقمصة مع غياب شبه كلي لملابس الاطفال والنساء والاحذية المنتجة محليا. وحسب مهنيي قطاع النسيج والجلود تبلغ نسبة ما تنتجه الجزائر من الملابس الجاهزة والاحذية 4 بالمائة فقط اما 96 بالمائة الاخرى فمصدرها الواردات. كما يبلغ الطلب السنوي على الاحذية حوالي 70 مليون زوج ينتح منه محليا نحو مليون زوج فقط. وقبيل ايام قليلة من حلول عيد الفطر لا تجد العائلات بدا من التوجه نحو الملابس المستوردة وبشكل غير شرعي وهذا رغم ارتفاع اسعارها وذلك نتيجة -بشكل خاص- لعدم تنوع العرض في السوق. ويقول منير الذي التقته وأج رفقة زوجته وأبنائه الثلاثة بسوق علي ملاح بالعاصمة ان الأسعار “جد مرتفعة” هذه السنة ولا تسمح للعائلات البسيطة بشراء كسوة العيد بالشكل الذي يرغب فيه الابناء خصوصا إذا كانت الاسرة كبيرة. وتجد الكثير من الأسر صعوبة كبيرة في تسيير ميزانيتها -المنهكة أصلا بفعل مصاريف شهر رمضان- حيث عليها تلبية متطلبات الابناء من ملابس العيد وهذا قبل حوالي شهر من الدخول المدرسي. وحسب بعض ربات البيوت فإن “غياب الانتاج الوطني في هذا المجال جعل أسعار السوق تحضع لإرادة المستوردين”. ويجمع العديد من المواطنين على أن اسعار ملابس الاطفال ارتفعت بشكل محسوس هذه السنة حيث يباع السروال مثلا ب 3.000 دج كمتوسط و 1.500 دج بالنسبة للقميص فيما تتراوح اسعار الاحذية العادية او الرياضية ذات النوعية المتوسطة بين 1.500 دج و 15.000 دج. ويرى المدير العام للضبط وتنظيم النشاطات بوزارة التجارة آيت عبد الرحمان عبد العزيز أن إنتاج الألبسة والأحذية وطنيا تراجع بشكل كبير عما كان عليه في السابق نتيجة غزو المنتوجات المستوردة ما جعل دور المنتوج المحلي يبقى “هشا” في السوق. غير ان السلطات العمومية تعتزم اطلاق مشاريع شراكة لاعادة انعاش هذا القطاع -الذي كان يساهم في السابق بنحو 70 في المائة من الطلب الوطني- بين شركات عمومية وشريك تركي لانجاز مصانع للنسيج و الملابس الجاهزة. وتم توقيع الاتفاقيات الخاصة بهذا المشروع خلال السنة الفارطة. ويرجع آيت عبد الرحمان نقص الجودة بالنسبة للملابس والأحذية المستوردة إلى طلبيات المستورد الجزائري “الذي يهمه الربح أكثر من الجودة” ويلجأ إلى اختيار نوعية رديئة رغم توفر النوعية الرفيعة والجيدة بهذه البلدان.وتسجل وزارة التجارة نشاطا كبيرا في سوق الملابس مع اقتراب المواسم والاعياد و المناسبات الاخرى كالدخول الاجتماعي حيث يتضاعف الطلب ما ينعكس بصفة مباشرة على أسعار هذه المنتجات. وعن دور وزارة التجارة في هذا الإطار يؤكد المسؤول أن الاسعار حرة وغير محددة أو مقننة من طرف الدولة وتخضع لقانون العرض والطلب. وباستثناء الاقمشة فإن كميات معتبرة من المنتوجات النسيجية الاخرى التي تستوردها الجزائر تدخل الى السوق المحلي بشكل غير شرعي وداخل الحقائب. وتعتبر تركيا اهم الدول التي يتزود منها سوق الالبسة بالجزائر الى جانب دول اوروبية اخرى. واضحى بذلك ما يعرف اليوم ب”تجارة الكابة” او “البزناسة” يؤثرون بشكل كبير في سوق الملابس ويتحكمون في اسعارها في غياب أي اطار قانوني يمكن وزارة التجارة من التدخل وضبط هذا السوق. ويوضح ممثل وزارة التجارة ان مصالحه لا يمكنها التدخل كون هؤلاء “التجار” يتنقلون عبر المطارات والموانئ بحرية على أساس أنهم سياح ولا يمكن منعهم من إدخال امتعتهم إلا أن المصالح الرقابية يمكن أن تضبطهم في المحلات التجارية في حال عدم امتلاكهم لوثائق الفوترة -يضيف المتحدث. وشرعت مصالح وزارة التجارة خلال العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان في مراقبة المحلات التجارية المختصة في بيع الملابس والأحذية. وتخضع هذه المنتجات قبل دخولها إلى الجزائر إلى رقابة وثائقية لاثبات البلد الأصلي للمنتج ومكوناته ومعلومات عن الشركة المصدرة والوثائق الادارية الخاصة بالمستورد إضافة إلى الفوترة والوثائق الجمركية التي تثبت دخول المنتوج بطريقة شرعية للبلاد. أما مدير المراقبة الاقتصادية وقمع الغش بوزارة التجارة عبد الحميد بوكحنون فيؤكد أنه وبالنظر إلى إمكانية لجوء بعض العائلات ذات الدخل البسيط إلى اقتناء ملابس العيد من محلات الملابس المستعملة فإن هذه الأخيرة تخضع إلى رقابة خاصة للتأكد من مطابقة السلع للمواصفات المطلوبة. وأكد :”رغم ذلك توجد حالات غير ملتزمة وحالات أخرى توجه الملابس القديمة المستوردة كمادة أولية لغرض التحويل (الرسكلة) إلى المحلات لبيعها لذا نحن نعمل على محاربة مثل هذه الظواهر”.