إعــــلانات

“النهار” تدخل قصر زيغود يوسف وترصد يوميات السيناتور الجزائري:الشمة… الفياغرا… والبورتابل… مشاريع قوانين جديدة مطروحة على البرلمان

بقلم سامي.س
“النهار” تدخل قصر زيغود يوسف وترصد يوميات السيناتور الجزائري:الشمة… الفياغرا… والبورتابل… مشاريع قوانين جديدة مطروحة على البرلمان

ونحن على بعد أيام فقط من موعد اختتام الدورة الربيعية للدورة التشريعية السادسة، ارتأينا نقل بعض الجوانب الخفية من حياة السيناتور بمجلس الأمة، وتعريف المواطنين البسطاء الذين يتهافتون على صناديق الاقتراع لاختيار هؤلاء في كل موعد انتخابي، من هم هؤلاء الناس؟ ما هو دورهم؟ وماذا يفعلون هنا؟ هي أسئلة طرحناها على أنفسنا طيلة الدورة التشريعية لما لاحظناه من تصرفات لا تليق بممثلي الشعب ورئيس الجمهورية، والأمة الجزائرية.

قصر زيغود يوسف… مجلس للأمة

يقع قصر مجلس الأمة بقلب العاصمة، ويحمل اسم الشهيد البطل زيغود يوسف. هو تحفة معمارية ورثناها عن المستعمر الفرنسي، بني سنة 1915 من طرف المهندس المعماري غبريال داربودا، وكان وقتها مقرا لـ “الجمعية العامة”. البناية متكونة من أربعة طوابق و3 صالونات فخمة، وقاعة الجلسات المخصصة لأعضاء المجلس، بالإضافة إلى احتوائها على مطعم فخم ومقهى ومكتبة وقاعة انترنت. البناية رغم قدمها، إلا أنها مجهزة بأحدث الأجهزة للتهوية والسلامة والرقابة. وتتوسط أروقة القصر، تحف نادرة ولوحات زيتية تعود للقرن الماضي من أنامل كبار الرسامين في ذلك العهد، على غرار لوحات قاعة الجلسات التي تصوّر الجزائريين حفاة عراة وفق نظرة المستعمر لهم.

السيناتور… مواطن بسيط في بذلة أنيقة

السيناتور، لقب حديث على بلادنا، لكن ما نعرفه عنه في أوروبا والعالم بأسره، هو ذلك الرجل الوقور والأنيق الذي لا تراه إلا حاملا حقيبة كبيرة بيد، وملفات باليد الأخرى، منهمكا في دراسة قضايا شعبه ومراقبة الحكومة وأدائها. لكن هذه الصورة تشوهت بعد دخولنا قصر زيغود يوسف وملاحظتنا لتصرفات أعضاء مجلس “أمتنا الموقر”، فهم نادرا ما يحضرون إلى المجلس، ومنهم من استورد عقلية “السكيفاج” من منصبه في الوظيف العمومي، حيث يدخل لقاعة الجلسات حتى يسجل حاضرا، ثم ينصرف لقضاء مهامه الشخصية أو حتى لتناول فنجان من القهوة مع “السي فلان” أو “مدام فلانة”. قررنا التقرب أكثر من هذا الإنسان والتعرف عن قرب كيف يفكر، واستطعنا ولعدة أشهر ربط بعض الخيوط مع بعضهم، لدرجة أصبح يتحدث معنا بعفوية كبيرة. ولكن الفاجعة كانت كبيرة، فهؤلاء الخطباء داخل قاعة الجلسات ما هم سوى مواطنون عاديون ضعيفي التكوين على العموم، عدا مجموعة من الشباب المتخرج من الجامعات الذين يفقهون أمور القانون وتسيير شؤون الدولة. أما الآخرون، فيصوتون وفق الولاءات الحزبية ولا يناقشون أصلا، لدرجة أننا حفظنا منهم من يناقش القوانين ومن يردد خطابات جوفاء، قد لا يفهم هو أيضا فحواه. أما مكتبة المجلس، والتي تحتوي على أكثر من 20 ألف عنوان باللغتين، فتعاني من التقاعد المقنع، حيث تمر أيام كاملة ولا تجد سيناتورا يطلب منها عنوانا، عدا طلبة الماجستير والدكتوراه، الذين وجدوا في رفوفها كنوزا من العلم يستثمرونها في أبحاثهم، وهو الحال نفسه بالمكتبة الرقمية التي توفر خدمات الانترنت.  

الشمة والفياغرا… حاضران بالمجلس

لقد كانت دهشتنا كبيرة لما لاحظنا سيناتورا يغادر قاعة الجلسات، بينما كان أحد الوزراء يشرح الصعوبات التي يواجهها قطاعه الحساس! والدهشة أصبحت صدمة عندما وجدنا السيناتور “يكالي رفعة شمه” لعلها تزيل عنه ذلك الملل الذي كان يشعر به داخل القاعة، حيث تكاد لا تجد من يستمع لتدخلات زميله، فالكل منهمك في تقليب أوراق ما، والآخر يخرج هاتفه النقال ويلعب به أو يدردش بالرسائل القصيرة… المهم، الكل يبحث عن طريقة يشغل نفسه بها إلى غاية نهاية الجلسة أو حلول دوره في الكلام، ليصبح ذلك المدردش أو اللاعب إلى خطيب فصيح، يدافع عن أمور الدولة ويعاتب الوزير والحكومة على التقصير في أداء مهامهم، ويستعطفهم على أبناء منطقته الذين وعدهم بالدفاع عن حقوقهم في الحملة الانتخابية.
وغير بعيد عن السيناتور المدردش، تجلس سيناتورة من الثلث الرئاسي وبجانبها زميل لها يطالع مجلة بالفرنسية، وبالضبط موضوعا عن الفياغرا، فدخل العضوان في نقاش معمّق حول هذا الموضوع، متناسين بذلك أنهم في قاعة يحدد فيها مصير الأمة الجزائرية.

لغة السيناتور… فرنسية أو شعبية سوقية!؟

الغريب لدى بعض أعضاء مجلس الأمة، هو استعمالهم للغة بسيطة شعبية، إن لم نقل سوقية، حيث يستعمل لغة نعاتب شبابنا عندما يتكلم بها، كبعض الألفاظ مثل “واش شريكي” و”راني مديڤوتي”، ولم يستح أحدهم من مخاطبة حتى أحد أعضاء الحكومة المغادرين لقاعة الجلسات بهذه اللغة، قائلا “أهلا.. واش راك يا شريكي”، مما جعل الحاضرين يعلقون على كلام هذا السيناتور. أما القلة القليلة منهم، فلغتهم راقية دبلوماسية، لكن عيبها الوحيد أنها ليست لنا، وإنما هي لدولة احتلتنا قرنا ونصف القرن، حيث يجد هؤلاء صعوبات جمة في قراءة مداخلاتهم باللغة الوطنية، وكثيرا ما تدخّل رئيس المجلس بن صالح لنصح هؤلاء بالتردد على أقسام اللغة العربية المتوفرة في المجلس لتحسين مستواهم.. لكن دون جدوى. أما الانضباط، فحدث ولا حرج، حيث لا يتردد بعض الأعضاء بالقيام بتصرفات لا تليق بمقامهم. وخير مثال على ذلك، إقدام أحدهم على عرقلة السيدة زهية بن عروس، أثناء مغادرتها لقاعة المحاضرات، أثناء تنظيم المجلس لندوة حول حقوق الإنسان والأمير عبد القادر. ولولا حرص السيدة بن عروس، لأحدث هذا السيناتور فوضى بحضور وزراء وضيوف أجانب.  

رابط دائم : https://nhar.tv/FmPYd
إعــــلانات
إعــــلانات