بعد أن أحببته صار يتهرب وخلف وعده
تحية طيبة للجميع وبعد، سيدتي الفاضلة، أعي أنني أخطأت بحق نفسي يوم وضعت ثقتي في شخص ليس أهلا لها، لكن نيتي الطيبة ساقتني لأن أقع في فخ الحب، فبالرغم من أن هذا الشعور جميل للغاية لكن تجربتي زرعت في قلبي الخوف من الارتباط أو الوقوع فيه مرة ثانية.
سيدتي أنا فتاة في الـ38 من عمري، الكل يشهد بحسن سيرتي، عاملة والحمد لله، في إطار عملي تعرف على رجل لا أنكر أنه جد محترم. أعجب بي وأراد التعرف عليّ، في البداية رفضت الأمر لكن محاولاته المتكررة غيرت أفكاري وصدقت مشاعره. عاملني كطفلة صغيرة، ملك قلبي وروحي، رفعني في السحاب ووعدني ألا يتخلى عني، لكن الحلم لم يدم طويلا. فحين أتى وقت الجد ليفي بوعده وارتطمت على أرض الواقع، صار يتهرب بل يمكن القول أنه صدني وأعطاني ظهره.
سيدتي في الواقع ليس هذا ما يؤلمني أكثر، لأنني إنسانة مؤمنة وأعلم أن الزواج قسمة ونصيب، لكن أشعر أنه استغفلني واستغلني، فقد ساعدته في أمور كثيرة في حياته، وأحيانا كنت احرم نفسي من أجله، فلماذا الناس بهذا النكران، لماذا وضعني في موقف مُرٍ لا أنا قادرة على الاستمرار، ولا قادرة على استعادة تلك السنوات التي عشتها له، اعلم أن الأمر قد صار واضحا الآن وان هذا الحب سيموت في يوم من الأيام، لم أراسلكم لأجد الحل لأستعيده، بل أريد أن أستعيد نفسي فقط.
حنان من ولاية المدية
الرد:
تحية أجمل عزيزتي حنان، صدقيني إن قلت لك أنني تأثرت كثيرا برسالتك، التي تحمل الكثير من المشاعر الجميلة التي تحمل في طياتها عنوان الصدق، والتي باتت نادرة في زمننا هذا، لكن للأسف الأشرار لم يتركوا للصدق مكان، حبيبتي إياك أن تحزني على فوات الأشياء، فما يجب عليه أن يرحل لابد أن يرحل.
واعلمي أيضا أن هناك أشخاص ينبغي لهم أن يعودوا غُرباء كما كانوا، أما المواقف المريرة فمن شأنها أن تقويك لتتمكني من مواجهة غيرها بعد، وهناك فرص مصيرها حتمي ولابد أن تضيع، وأعلمي أنه لولا ذوق المرارة لما استمتعنا بحلاوة الأشياء، تماما الأيام فلابد أن نمر ببعض المر فيها حتى نستقبل الحلوة منها ونحن في كامل الاستعداد، وانظر إلى الجانب الجميل من ذلك المر وإلى ما سوف يؤدي إليه، وماذا غرس فيك من همة وشجاعة غير مسبوقة أنقذتك من الوقوع في براثين اليأس، لحكمة تقول: “لولا إصابتك بنزلات الإعياء والمرض صغيرًا، لما تكوّنَت مناعتك ضِدها الآن، فأصبحت تمر بها كل لحظة ولا تؤثر بك” ثم تأكدي أنك ستؤجرين من الله لصبرك، ولأدبك في التعامل مع هذا البلاء، وتذكري عند كل فَقْد قوله تعالى: ” فَأرَدنَا أن يُبدِلَهُما ربهما خيرًا منه“، فمهما كانت درجة علمنا فإن “واللهُ يَعلمُ وأنتم لا تَعلمون”، ولا يوجد فقد إلا وعقبه عِوَضًا يشفي لهيب روحك، بدايةً مِن شعور السكينة بقضاء الله والتسليم له، نهايةً بدمعة مِن عينٍ قريرة بچميلِ رزق الله، ولنا في ذلك عبرة في أم سملة التي دعت الله وقالت: “اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها”، ونعم العوض الذي وهبه الله إياها، فما عليك إلا الالتزام بالدعاء، والتضرع لله بالعوض الجميل، واعلمي أن الخاسر من خسر طيبة قلبك وإنسانة في قمة التربية مثلك، وتأكدي أننا في الخدمة دوما، وكل التوفيق أتمناه لك أخيتي.