بعد أن قررت جعلها ملكة حياتي وجدتها وصديقاتها يعبثن بمشاعري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سيدتي نور، أشكرك كثيرا على هذا الفضاء الإنساني، الذي أُعدّه صديقا وفيّا لي، لما يوفره لي من راحة نفسية وسكينة عند قراءة ردودك الشافية وحلولك لمشكلات وهموم الآخرين، أما همي سيدتي، فهو جديد، وسأرمي به إليك لأجد له سبيلاً ينير دربي بعد أن فقدت الأمل؛ ولأجعله كذلك عبرة لكل شاب متسرّع في قراراته. سيدتي، أنا شاب جدّ مرتاح ماديّا؛ أملك مسكنا خاصا، وأعمل كتاجر حر، ومن طبيعة منطقتي أن الزواج يتم في سن مبكرة، وبمحض الصدف تعرّفت على فتاة، في البداية لم أطلق العنان لقلبي، لكن ما أظهرته لي من خصال طيبة جعلني أتعلّق بها وأُعجب بها كثيراً، فرأيت فيها أملي ووجدت فيها سعادتي التي ضاعت مني في هم العمل والكد، وهذا جرّني إلى اتخاذ قرار إكمال نصف الدين، فطلبت من والدتي التقدّم لها ودخول البيت من بابه، لكن قلب الأم دائماً على أبنائها، وكأنها أحست بأنها لا تليق بي، حيث طلبت مني التريث قليلاً والتعرّف عليها أكثر، عملت بكلامها وبقي الإتصال بيننا عن طريق الهاتف، لكن العجيب في الأمر أن الفتاة بدأت تكشف عن حقيقتها، -علماً سيدتي أنني لم أطلعها بنيتي الحقيقية في الإرتباط- فبدأت تتلاعب بمشاعري وتُطلع الأخريات بما يدور بيننا من حديث، وأحياناً تتصل بي فتاة وتقول أنها من طرفها، لا بل أكثر من هذا؛ إذ أنها حين تأكدت من حبي لها غيّرت من تصرّفاتها وكلامها أصبح غير لائق معي، لتعتذر في الأخير عن استحالة إتمام العلاقة، بعد أن تربّعت على عرش قلبي، حتى حين أخبرتها بحقيقة نيتي اتجاهها أبت وانسحبت سيدتي دون ذكر أي سبب مقنع لذلك، وما زاد من شجني وتعاستي؛ هو أنها تقصّدت كل ما كانت تقوم به، فقد أخبرتني إحدى صديقاتها بأنهن كن يجتمعن للتسلية برسائلي والتعليق عليها.سيدتي، لست أدري إن كان هذا الذي وصلت إليه نتيجة لقلّة خبرتي، أم من سوء حظي، فاليوم صرت أتعقّد كلما رأيت فتاة، وبتّ أفكر أنهن لا يختلفن عن بعض، فكلهن مثل تلك الفتاة.. الفتاة الوحيدة التي فتحت لها قلبي وباب حياتي على مصراعيه، أرجوك سيدتي ماذا أفعل للخروج من عقدة هذه العصابة التي تبحث عن التسلية، وعن سعادتهن على حساب عواطف الآخرين؟.
قارئ من الوسط.
الـرد:
بني، أولاًُ، دعني أشكرك على ثقتك فينا التي حمّلتنا مسؤولية العمل أكثر وأكثر، كما احترمت فيك كثيراً صراحتك في الطرح، ونيّتك الخالصة التي كانت وراء حب صادق لم تحسن الفتاة صيانته في وقت أصبح الصدق عملة نادرة فيه.بنـي، إن الحب مشاعر نبيلة ونعمة أنعم الله بها على عباده، ولا يجب في أي حال من الأحول أن تقسو على نفسك لأنك أحببت وأخلصت وتحليت بالنوايا الطيبة، إعلم أن الحب هو هكذا، خاصة لمن يُغدق فيه، فقد يأخذ بصاحبه إلى أعلى قمم السعادة والهناء والسرور وبالتالي الشعور بالإستقرار، كما قد يُدخل صاحبه دوامة التيه والحيرة والشجن وربما الأحكام النهائية بالإنكسار وكذلك الإستسلام، أُحمد الله أنك كنت متعقّلا واستشرت والدتك التي نصحتك بما وضعك أمام الصورة التي كشفت لك الوجه الحقيقي للفتاة ونواياها الحقيقية، فمن المؤسف بني أن يتلاعب الشخص سواء الأنثى أم الذكر باسم الحب، الذي يستسلم أمام عباراته فقط من يحب بإخلاص، أما من تغلّبت عليه المصالح وأهواء الدنيا فهؤلاء لا يعيرون لهذا الشعور ما يجب من أهمية. بني، احتسب أمر الفتاة وصديقاتها لله تعالى، ولا تحمل نفسك مسؤولية من لا تعرف الحب ولا قيمته، ولا تُعقّد حياتك بسبب ذنب اقترفته ألا وهو أنك أحببت، بل على العكس، إبحث عن حب جديد؛ فقط حدد درجة العطاء في البداية وحين تتأكد من نفسك ومن الطرف الثاني أغدق ولا تتردّد، فلا حياة من دون حب، واعلم أن الحب لا يدخل قلب من لا رغبة لهم في الحياة.بني، تزوّد بقوة الإرادة والثقة في النفس، واعلم أنه مثلما يوجد الشر يوجد الخير ومثلما صادفتك الأيام بمن لم تقدّرك ولم تقدّر عواطفك، من المؤكد أنها ستصادفك بمن تقدّرك وتغدق عليك بما هو جميل.بني، الحياة أكبر من أن تعتزلها بسبب مغامرة عابرة، لِمَا لا تعدّ ما فات عليك تجربة ودرسا يكون لك الدرع الواقي لتجنب الخيبة في المستقبل؟، تمسك بالله واحرص على أخلاقك، وابحث عمن تكون قرّة عين لك، تصونك وتكون رفيقة دربك.
ردت نور