إعــــلانات

حرماني‮ ‬من الحنان ساق إلـيّ‮ ‬الكـثير من الأحـزان

حرماني‮ ‬من الحنان ساق إلـيّ‮ ‬الكـثير من الأحـزان

لا‮ ‬يربطني‮ ‬بها أيّ‮ ‬شعور،‮ ‬فأنا لم أعرفها إلا من خلال الصور وحديث الناس والمقرّبين منّا عنها حديثا طيبا،‮ ‬إنها أمي‮ ‬التي‮ ‬شاء القدر أن تفارقني‮ ‬بعد أن رأيت النور مباشرة،‮ ‬وكأنّي‮ ‬بها ضحّت بحياتها حتى تمنحني‮ ‬عمرا،‮ ‬لا أكذب عليك لم أستمتع به قط،‮ ‬فحرماني‮ ‬منها ومن حنانها هو سبب التعاسة التي‮ ‬أنا فيها اليوم،‮ ‬حيث أنني‮ ‬وعلى الرغم من بلوغي‮ ‬العقد الرابع من العمر،‮ ‬إلا أنّي‮ ‬أحس بأنني‮ ‬محروم من أبسط شيء بإمكانه أن‮ ‬يكوّن شخصيتي‮ ‬ويجعلني‮ ‬مستقرا نفسي‮.‬لا أخفيك سيّدتي‮ ‬أنّي‮ ‬أشغل منصبا مرموقا‮ ‬يحسدني‮ ‬عليه الكثير،‮ ‬كما أنّي‮ ‬نلت شهادتي‮ ‬الجامعية عن جدارة واستحقاق،‮ ‬وعلى الرغم من زواجي‮ ‬وتكويني‮ ‬لأسرة جميلة تزيّنها زوجة صالحة،‮ ‬إلا أن جرحا كبيرا‮ ‬يأبى أن‮ ‬يبرأ،‮ ‬فحاجتي‮ ‬الماسة إلى حنانها وعطفها ولأن تكون إلى جانبي‮ ‬أصعب من أن تهدأ،‮ ‬على الرغم من أن زوجتي‮ ‬تعلم جيّدا ما بي،‮ ‬وهي‮ ‬تسعى جاهدة لإسعادي‮ ‬وخلق الدفء في‮ ‬قلبي‮ ‬الجريح،‮ ‬إلاّ‮ ‬أنه ثمة ما‮ ‬ينقصني‮ ‬في‮ ‬الأعياد والمناسبات،‮ ‬لدرجة أني،‮ ‬ولا أخفيك سيّدتي،‮ ‬أغار من كل زميل لي‮ ‬له والدة تقاسمه فرحه وحزنه،‮ ‬وتدعمه معنويا وتكون السند والمعين في‮ ‬كل الظروف والأوقات‮.‬من جهة أخرى،‮ ‬يحدث لي‮ ‬أحيانا أن أفكر بأن اللّه ابتلاني‮ ‬حتى‮ ‬يمتحن صبري،‮ ‬ويعرف قدرتي‮ ‬على التحمّل،‮ ‬فيما‮ ‬ينتابني‮ ‬أحيانا أخرى أنه لا حظ لي‮ ‬في‮ ‬الحياة،‮ ‬والدليل أنني‮ ‬لم أغرف من حب من وهبتني‮ ‬الحياة ولو القليل‮. ‬الفرحة لم تعرف طريقها إلى قلبي‮ ‬بالمرة،‮ ‬فهل ما أنا فيه من حزن وشجن طبيعي‮ ‬سيدتي؟ أم أنّي‮ ‬أبالغ‮ ‬في‮ ‬التعاطي‮ ‬مع الأمور؟ فبماذا تنصحينني‮ ‬سيدتي،‮ ‬وما هو السبيل للخروج من هذه الحالة؟‮.‬

المعذب من الغرب

الرّد‮:‬

لا‮ ‬يوجد ما هو أكثر إيلاما في‮ ‬الدنيا من فقدان الوالدين،‮ ‬فمهما كبرنا ومعهما اشتد عودنا إلا أننا نبقى في‮ ‬أمس الحاجة إليهم،‮ ‬وإلى تواجدهم بيننا وحولنا حتى‮ ‬يشهدوا فرحة نجاحاتنا وكل جميل في‮ ‬حياتنا‮.‬لا‮ ‬يختلف اثنان على أن الموت قضاء من اللّه وقدره،‮ ‬كما أنه حق لا جدال فيه،‮ ‬ومن هذا الباب أنصحك أخي‮ ‬بضرورة التحلّي‮ ‬بالصبر وقوة الإيمان لتواجه هذا الابتلاء،‮ ‬فقد شاء القدر أن‮ ‬يحرمك من صدر أمك وحنانها وأنت في‮ ‬أمسّ‮ ‬الحاجة إليها،‮ ‬وهذا أمر لا‮ ‬يعلم حكمته إلا هو عزّ‮ ‬وجلّ‮.‬لقد عوّضك اللّه أخي‮ ‬في‮ ‬ما ابتلاك به التعويض الحسن،‮ ‬حيث أنك نجحت في‮ ‬حياتك وارتبطت بمن تحاول قدر المستطاع أن تعوّضك ما فاتك،‮ ‬كما أنّه جلّ‮ ‬وعلا كساك بصبر لم تحسّ‮ ‬أنت به،‮ ‬والدليل أنك تعمل وتكد وكلّك عزم أمام مسؤوليك وأبنائك،‮ ‬أولا تحسب أن الأمر حكمة وآية بليغة من آيات اللّه في‮ ‬خلقه ممّن‮ ‬يعتبرون ويصبرون؟النقص الذي‮ ‬تحس به والذي‮ ‬تحوّل إلى‮ ‬غيرة كما وصفتها أنت من زملائك والمقربين منك،‮ ‬قد‮ ‬يتحوّل إلى وسواس قهري‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يدفع بك إلى العزلة أو الهروب من الواقع إلى عالم لن‮ ‬يفيدك وأنت في‮ ‬هذه السن،‮ ‬ومن هذا الباب أنصحك أخي‮ ‬بأن تتسلّح بسلاح الصبر والإيمان ورباطة الجأش،‮ ‬لأن ما تعانيه هو قطرة في‮ ‬بحر عميق مما‮ ‬يعانيه آخرون،‮ ‬لم تسنح لهم الفرصة حتى ليعبّروا عن آهاتهم وما‮ ‬يخالجهم من هموم.أدعوك أخي‮ ‬إلى التمعن في‮ ‬ملكوت اللّه،‮ ‬فلولا الفوارق الاجتماعية والنفسية لما استمرّت الحياة،‮ ‬ولا كان هناك‮ ‬يوم مرّ‮ ‬نبكي‮ ‬فيه على أمل أن نعيش‮ ‬يوما حلوا بكل معاييره ومقاييسه،‮ ‬ونتلذّذ بالحبور والمسرات التي‮ ‬سننالها فيه‮. ‬كما أنني‮ ‬أدعوك أيضا لأن تكون على علم بأن أبناءك‮ ‬يحتاجونك أكثر في‮ ‬هذا الوقت بالذات،‮ ‬زد أنك مطالب بمنحهم الحنان والحب،‮ ‬حتى‮ ‬يمنحوك هم أيضا حبّهم ويعوضوك عن هذه النقطة السوداء التي‮ ‬سرعان ما ستتحول إلى بياض بإذن اللّه تعالى،‮ ‬بفضلك إن أنت تشجعت وقهرت الأسى الذي‮ ‬طالما عاش معك وبك وجعلك رهين الأحزان والظلمات‮.‬يجب أن تزيد كل تجربة‮ ‬يمر بها الواحد منا في‮ ‬رصيد صبره وقدرته على قهر الهموم،‮ ‬فلا تنكسر وكن أكثر تماسكا وادعو لأمك بالرحمة والمغفرة،‮ ‬فما من أمّ‮ ‬على وجه الأرض ترضى فراق فلذة كبدها،‮ ‬ومادام الأمر قضاء من اللّه وقدره فالصبر الجميل والاعتبار هما الدواء والمخرج لك أخي،‮ ‬وكان اللّه في‮ ‬عونك إلى كل ما هو خير لك في‮ ‬دينك ودنياك‮.‬

ردّت نور

رابط دائم : https://nhar.tv/zacMu
إعــــلانات
إعــــلانات