شركة لنقل المرضى تفتح عيادة سرية بالعاصمة

تقديم خدمة إرسال سيارة إسعاف مرفوقة بطبيب والتكفّل بالعلاج خلال «الويكاند» مقابل 3 ملايين سنتيم
وزارة الصحة تفتح تحقيقا وبوضياف يتوعّد بمعاقبة المتورّطين
لجأ بعض «بزناسية» الطب والسماسرة إلى ابتكار طريقة جديدة في التحايل على المواطنين، باستغلال حاجتهم للعلاج الطارئ بطرح أسعار خيالية مقابل فحصهم في المنزل في الوقت الذي لم تشرع بعد الحكومة في إطلاق برنامج ما يعرف بالعلاج المنزلي. “من أجل خدمة صحية جيدة اتصل بشريكنا…” للمساعدات الطبية مع تغطية علاجية في مكان تواجدك وفي المنزل 24 ساعة/24 ساعة وفي كامل أيام الأسبوع»، هذه هي الرسالة التي قامت بإرسالها شركة تسمى «مغرب أسيستانس» عبر رسائل نصية قصيرة منتصف الأسبوع الماضي. وفي اتصال لـ«النهار» بالرقم المرفق في الرسالة أجابت امرأة تقول أنها طبيبة عامة تقوم بالرد على الاتصالات ومنح العلاج الأولي، في انتظار تحديد عنوان المريض والكيفية التي يريد أن يعالج بها، أي عبر فحصه في البيت أو نقله عبر سيارة إسعاف خاصة إلى المستشفى. وحول الأسعار المطروحة قصد تلقي هذا العلاج الخاص، قالت المعنية أنه في حال الكشف في المنزل فإن التسعيرة تصل إلى 3 آلاف دينار، وفي حال طلب سيارة إسعاف من دون طبيب في كافة أيام الأسبوع باستثناء الجمعة والسبت فإن السعر يصل إلى 5000 دينار لذهاب فقط، في حين إذا طلب المريض سيارة إسعاف مع طبيب في كافة أيام الأسبوع باستثناء الجمعة والسبت فإن التسعيرة تصل إلى 8500 دينار للذهاب فقط، وفي حال طلب سيارة إسعاف من دون طبيب في عطلة نهاية الأسبوع في النهار 16000 ألف دينار، في الوقت الذي يرتفع االثمن ليلا إلى 24 ألف دينار، والغريب أنه في حال طلب المريض سيارة إسعاف مع طبيب في عطلة نهاية الأسبوع فالتسعيرة تصل إلى 27 ألف دينار. وفي سؤال حول ما إذا كان الطبيب المخصص للمرضى VIP، سيكمل جميع مراحل العلاج في المستشفى المنقول إليه، قالت المتحدثة باسم الشركة إن مهمة هذا الطبيب تتوقف عند إيصال المريض إلى المشفى والذي يتكفّل بباقي الإجراءات، كون النظام الداخلي للمؤسسات الاستشفائية يمنع مثل هذه التعاملات الطبية.
الشركة متخصصة في مجال النقل الطبي فقط!
عند قيام “النهار” بالتدقيق في أصل هذه الشركة تبيّن أنها تحمل اسم «مغرب أسيستانس»، وهي شركة ذات مسؤولية محدودة، متخصّصة في النقل الطبي فقط عبر سيارات الإسعاف، ويقع مقرّها في حي باب الزوار شرق العاصمة. وحسب نفس التحقيقات فإن هذه الشركة تحوز على رخصة التعامل بسيارات الإسعاف الخاصة فقط من دون أي نشاط آخر، وهوما يعني أنها لا تحوز على رخصة رسمية لتطبيب المرضى في المنازل. وبالعودة إلى القانون الخاص الذي ينظّم الخوصصة الطبية، والذي اطلعت على تفاصيله “النهار” ، فإن ما يعرف بالتطبيب المنزلي لا يتضمنه هذا القانون، بالإضافة إلى أن النقل الخاص عبر سيارات الإسعاف يضمن فقط تقديم الإسعاف الأولي داخل السيارة وليس العلاج ومتابعته في البيت. وتبيّن في ذات التحقيق أن هذه الشركة تقوم بتوظيف أطباء يعملون في القطاع العمومي والخاص، ينتدبون لتقديم هذه الخدمات الصحية في المنازل خلال أوقات خارجة عن دوامهم في مؤسساتهم الأصلية.
بوضياف سأحقق شخصيا في القضية.. وسيدفعون ثمن تحايلهم على الجزائريين
من جهتها اتصلت “النهار” بالمسؤول الأول على القطاع، وزير الصحة، عبد المالك بوضياف، والذي قال إنه سيقوم على جناح السرعة بفتح تحقيق عميق، يشرف عليه شخصيا مع لجنة تحقيق خاصة لتحديد المتورطين في هذه الفضيحة، مشيرا إلى أن مفتشين على أعلى مستوى سيباشرون الإجراءات الميدانية، أين سيقدمون تقريرا مفصلا للوزارة خلال اليومين القادمين، والتي بموجبها ستقوم بالإجراءات اللازمة لردع مثل هذه التعاملات غير القانونية. بوضياف وخلال ذات الاتصال، أكد أن الحكومة ومن خلال الوزارة التي يشرف عليها لم تمنح لحد الساعة رخص إنشاء عيادات متنقلة، موضحا أن هذا المشروع لا يزال قيد الدراسة والتدقيق، بما يعني أن لجوء بعض الأشخاص إلى مثل هذه التعاملات يعد غير شرعي وخروجا على القانون، في ميدان لا يسمح فيه أبدا اللعب بمثل هذه الأمور، مضيفا أنه لن يتسامح مع هؤلاء «بزناسية الصحة» الذين يريدون استغلال ظروف مواطن جزائري يعاني من مرض معيّن، مؤكدا أنه حتى في حال فتح هذا المجال «التطبيب المنزلي» فإن التسعيرة المطروحة من قبل هذه المؤسسة تعد «خيالية «، كاشفا أن القانون المرافق لهذا المشروع يحدّد بدقة كل تفاصيل العلاج، مؤكدا أنه بانتهاء التحقيق سيتم الكشف عن كل المتورطين في هذه الفضيحة. وفي سؤال يتضمن هوية هذه الشركة والتي تحوز حسب تحقيقات “النهار” على سجل تجاري متخصص في سيارات الإسعاف، قال، بوضياف، أن هذا السجل لم يمنح لهم رخصة التطبيب في البيوت وطرح أسعار خيالية بهذا الحجم، مضيفا أن الوزارة تعمل منذ مدة على تحسين الخدمة المجانية للمريض الجزائري وخاصة الفئة البسيطة التي لا يتاح لها العلاج في عيادات خاصة، مركزا على أنه منذ توليه زمام تسيير هذا القطاع الحساس عمل شخصيا وفي زيارات مفاجئة للوقوف على حجم معاناة «الزوالية» في المستشفيات.
طبيبة بمؤسسة «مغرب أسيستانس» لـ”النهار”: نعم نحن نمارس هذا النشاط.. وعلاج الناس ليس خروجا عن القانون
من جهتها اتصلت «النهار» بالرقم الموجود على موقع هذه الشركة، أين ردّت طبيبة تقول إنها تعمل في عيادة خاصة تابعة لذات المؤسسة، وأكّدت أنهم يقومون بالعلاج في البيوت ومتابعة مرضى يتصلون بهم، مشيرة إلى أنهم يحوزون على سجل تجاري واعتماد يسمح لهم بذلك، وحول إن كانت هذه الوثائق مؤشر فيها ما يعرف بالتطبيب المنزلي، قالت المعنية التي رفضت الإفصاح عن إسمها، إنها لا تعلم ماذا يحمل هذا السجل، إلا أنها أكّدت أنهم يقومون بعلاج الناس لما تحملها هذه المهام من إنسانية لا تدخل في إطار الخروج عن القانون، موضحة أن القانون الخاص بالتطبيب في البيت ظل حبيس الأدراج مند سنوات، ولهذا لجأت المؤسسة وآخرين إلى العمل بعيدا عن انتظار القانون المنظّم للعملية، مضيفة أن هذه الرخصة ممنوحة فقط لمصلحة الإسعافات الطبية المستعجلة والتي لم تستطع تغطية جميع الطلبات الصحية الخاصة بالمرضى الجزائريين، مما جعل الخواص يخوضون هذه التجربة، وفي سؤال حول ارتفاع التسعيرة المطروحة قالت المتحدثة إنها لاتستطيع التطرق لهذه القضية التي تعد إدراية.