لماذا يكره بعض أطفالنا المدرسة

يؤكد المختصون في علم نفس الانسان عامة، والطفل خاصة، ان تجارب الطفولة بكل انواعها، تضع حجرالاساس للتوجهات العاطفية والفكرية لدى الانسان فيما بعد، فان كانت التجارب سعيدة تكون في داخل الطفل احساسا بالود والايجابية نحو الظروف المحيطة به ولعل اهم التجارب التي يمر بها الطفل الى جانب تعلمه المشي والكلام.. وظهور الاسنان وغيرها، هي تجربة الذهاب الى الروضة، والانفصال عن امه عدة ساعات في اليوم، فهذه التجربة قد تجعله يحب المدرسة والتعليم والدراسة فيما بعد، أو تجعله يكره كل ما يمت بصلة للمدرسة والتعليم بصلة، وبالتالي يشب طالبا كارها للمدرسة متخلفا في دراسته وهنا نوجز بعض الدوافع النفسية بهذا الشأن:
1- أن خوف الطفل من المدرسة في بداية العام الدراسي شيء طبيعي، ويجب ان يقدره الوالدان ويتعاطفا معه بقدر الامكان، وألّا يحاولا استفزاز طفلهما بقول: (إنك جبان) أو (أنت رجل ويفترض بك ألّا تبكي).. في الحقيقة أنه طفل صغير لا حول له ولا قوة.. وخوفه حقيقي وليس تمثيلا، وكونه جبانا أو ضعيفا شيء طبيعي في هذه المرحلة من العمر.
2- ضرورة الحذر في معاملة الطفل في مرحلة الروضة، فهي المرحلة التي يتم اثناءها إعداده لدخول المدرسة الرسمية فيما بعد، فان كانت تجربته في الروضة سيئة، فسيحمل مشاعر سلبية نحو المدرسة عامة فيما بعد.
3- يجب أن لاننسى أن الصراخ واستخدام المسطرة للضرب وكثافة الواجبات والثورة الانفعالية من قبل بعض المدرسين والمدرسات والاخصائيين والاخصائيات الاجتماعيين، يعمل على تنفير الاطفال من المدرسة.
أسباب كره الطالب للمدرسة او الخوف منها:
1- أسباب نفسية والتي تتمثل في اكتساب الطالب خبرات سيئة ناتجة عن المعاملة غير الجيدة من قبل بعض المدرسين، ما يجعل الطفل يعمم مشاعره على عامة المدرسين، وبالتالي تنمو في داخله بذور الكراهية نحو المدرسة، كذلك خوف الطالب في البداية، اي في طفولته، من فقدان حب الوالدين والرعاية التي اعتاد عليها، خصوصا اذا كان مدللا، فذهابه الى المدرسة يحرمه من هذا العطف والدلال. وكذلك اذا كان كلا الوالدين او احدهما من النوع المتسلط والذي يستخدم العقاب البدني مع الطفل، فان الطفل بدوره يضمر الكراهية ازاء الاب او الام، ولكنه يخشى اظهار هذه الكراهية درءا للعقاب، وعندما يذهب الى المدرسة فانه يكره المدرس كبديل للاب، حيث ان المدرس هو الذي يمارس السلطة في الفصل الدراسي، وهو ما يسمى في علم النفس بـ (الابدال).
2- من الاسباب النفسية التي قد تؤدي بالطفل الى كره المدرسة، تعرض الطفل للسخرية من أقرانه في المدرسة نتيجة لعاهة جسدية او كونه ينتمي لبيئة متدنية سواء من النواحي الاقتصادية أو الاجتماعية وقد يخاف هذا الطالب احيانا من التلاميذ الآخرين نتيجة قسوة معاملتهم له، ما يشعره بأنه غير مرغوب فيه ما يؤدي الى كره المواقف التي تجمعه بهم، وبالتالي من الطبيعي ان يكره فصله والذهاب الى المدرسة بشكل عام
3- هناك اسباب اسرية قد يتسبب فيها الوالدان او أحدهما، ومنها تذمرهما بشكل مستمر من متطلبات الدراسة امام الطفل، وربط هذه المتطلبات بالمشكلات المادية للاسرة، ما يجعل الطفل يشعر بالقلق وعدم التكيف مع المدرسة. كذلك بعض الاسر تعتبر مستوى التحصيل الدراسي المحك الاساس في الحكم على سلوك الطفل ومعاملته، ما يجبر الطفل على محاولة تحسين وضعه الاكاديمي والانهماك في هذه الحالة، فان الطفل قد يكره المدرسة، خصوصا اذا تعرض لموقف فشل وهو امر طبيعي يتعرض له كل الطلبة.
4- المشاحنات المنزلية التي تخلق لدى الطفل حالة من عدم الاستقرار العاطفي وعدم الشعور بالامان، ما يتسبب في عدم انتباهه وتركيزه على دراسته، وقد يصاب بالسرحان، وفي نهاية المطاف، خصوصا اذا نال التوبيخ من المعلم، فانه يكره المدرسة. وهناك سبب آخر لايقل اهمية الا وهو فقدان احد الوالدين او غيابه بصورة متكررة لفترات زمنية طويلة عن المنزل، ما يجعل الطالب يعيش في حالة قلق وعدم الاستقرار الانفعالي لحاجته الماسة لابويه. كذلك، يؤدي عدم تلبية الاسرة لاحتياجات الطفل المدرسية اسوة بزملائه في الفصل، الى الاحساس بالدونية والاهمال، وهذا الاحساس يخلق لديه كرها للمدرسة.
5- يمكن أن تسبب ولادة طفل جديد في الاسرة ونقص اهتمام الوالدين به، في القلق لديه، حيث انه يلجأ الى اساليب معينة للفت الانتباه، مثل ادعاء المرض كي يمكث في البيت.
6- هناك ايضاً الاسباب المدرسية او المتعلقة ببيئة المدرسة، وهي لاتقل اهمية عن الاسباب السابقة، ومن اهمها الرسوب المتكرر في نفس الفصل، ما يجعل الطالب يشعر بالاحباط ويعرضه للسخرية من الآخرين، واحيانا يصدر هذا الامر من المعلم، ما يثبط عزيمة الطالب.
7- عدم حب الطالب للمدرس، بسبب سوء معاملة المدرس له، وتعرضه لمواقف غير محببة من قبل المدرس لم يعتد عليها في الاسرة.واستخدام المعلم لاسلوب التهديد والعقاب، ما يجعل الطالب يخاف وينفر من المادة الدراسية، كذلك عدم مراعاة بعض المدرسين لبعض الحالات الخاصة من الطلاب الذين يعانون مشكلات نفسيةاو صحية او اقتصادية، وعدم استخدام المدرسين الوسائل التعليمية والاساليب التدريسية الحديثة والمناسبة التي تراعي سن الطالب وما ينتج عنه من عدم استيعاب الطفل لبعض المواد وبالتالي يشعر بالحرج والخوف.
كيف نحببهم في المدرسة؟
1- يتفق المختصون على أن تهيئة جو أسري مستقر ومحبب للطالب، فضلا عن حل المشاكل التي تعيق تحصيله الدراسي ومعالجة المواقف المنفرة التي يتعرض لها الطالب في المدرسة هي الوسيلة المضمونة لجعل المدرسة مكانا ممتعا يحب الطالب الذهاب اليه كل يوم.
2- توفير الجو الاسري الهادئ المستقر البعيد عن المشاحنات، وعدم الضغط على الطالب لتحقيق ما هو فوق قدراته التعليمية، وبالتالي يُنصح الوالدين بعدم اظهار القلق الزائد ازاء تحصيل الابناء، وعدم القسوة في عقابهم عند عدم تحقيقهم المستوى المطلوب.
3- يجب على الوالدين اختيار المدرسة المناسبة وعدم تغيير المدرسة بصورة متكررة، وضرورة الاهتمام بالترويح عن ابنائهم، وعدم حرمانهم من الهوايات المفيدة بحجة ضيق الوقت واهمية المذاكرة بل يجب الاهتمام بميولهم وتشجيعهم على اشباعها، ومن الضروري توفير اجواء مناسبة للمذاكرة سواء من حيث المكان او الهدوء.
4- يجب توفير الفرص للطفل كي يعبر عن آرائه ومشاعره، واحترام ذلك حتى نزرع الثقة في نفسه. ولاننسى اهمية التواصل بين البيت والمدرسة لمتابعة الابن بشكل مستمر، لان جهود المدرسة وحدها لن تثمر في تقدم الطفل دراسيا.
5- في حال خوف الطفل من المدرسة يجب البحث عن الاسباب الحقيقية بالتعاون مع الجهات المختصة كالمعلم والاخصائيين الاجتماعيين او النفسيين، لان عدم مواجهة الخوف من المدرسة يزيد من تفاقم المشكلة ويقود الى مشاكل أخرى خطيرة.
6- اظهار الحب والتشجيع للابن، ودعمه دعما كاملا واحترام آرائه، وشخصيته حتى في حالة فشله الدراسي.