مسافرون يفترشون الأرض ويأكلون التمر وينتظرون المجهول

قلق، انزعاج، تخوّف من موت الفيزا والطرد المحقق من العمل.. هي النفسيات التي طبعت في المسافرين اللذين أمضوا ثلاثة أيام يفترشون صفحات الجرائد، زرابي للصلاة ويستندون على الحقائب، فيما اكتفى الأطفال بالنوم على ”الشاريوهات”.
هي الحقيقة التي لمسناها في أوساط الجموع الغفيرة من المسافرين الذين غرقوا في مشاكل هم في غنى عنها والتي تتعلق بين المضيّفين والإدارة والتي دفعوا ويدفعون ثمنها باهظا، خصوصا وأنهم مشرّدون في ساحة المطار؛ لا أكل ولا مأوى حاملين جوازات سفرهم على أمل مناداتهم أو حتى من يحل عشرات علامات الاستفهام التي بقيت تشغل أفكارهم، كما تخوّف المسافرون من انتهاء صلاحية الفيزا، إلى جانب الأضرار التي ستلحق بهم في المجال العملي، حيث أكدوا بأن القوانين الصارمة التي تتعامل بها الدول الأجنبية ستفقدهم مناصب عملهم.
ابني لم يدخل الجزائر منذ 5سنوات والفيزا ”تموت” اليوم
هي تصريحات التاجر ”سبيحي رام الله”، من تيارت، وهو يتحسّر على حظ ابنه الذي اشتاق إلى الوطن الأم خصوصا وأنه لم تطأ قدماه على ترابها الطاهر منذ 5 سنوات، على أساس أنه مغترب بألمانيا وأن الفيزا التي لطالما ركض لسنوات من أجل الحصول عليها، إلا أن حظه التعيس حال دون ذلك، خصوصا وأن الفيزا ستنتهي صلاحيتها اليوم، وهو عالق رفقة أمه مند يومين بأحد مطارات ألمانيا. حالة أخرى التقت بها ”النهار” تتوسل إلى عمال الشبابيك لإيجاد حل عاجل ويتعلق الأمر بعائلة من 6 أفراد التي من المفترض أن تتوجه إلى اسطنبول التركية والتي عبرت لنا عن استيائها من الوعود التي تصدر من حين إلى آخر عن المسؤولين الذين أبقوهم مشرّدين رفقة أطفالهم؛ وبالتحدث إلى ربة الأسرة السيدة ”مليكة” وبوجه شاحب قالت إنه من المفترض أن تقلع الطائرة أول أمس مساء، إلا أنهم تفاجأوا باقتراح نقلهم إلى فندق ببرج الكيفان، على أساس أن الرحلة ستكون في صبيحة اليوم الموالي، إلا أن شيئا لم يتضح إلى غاية ساعات متأخرة من نهار أمس دون أن تقدم لهم أيّ توضيحات.
العجايز والقهواجية حرمونا من رحلة العمر وعمال مهدّدون بالطرد
هي العبارات التي اجتمع عليها بعض الشباب وهم من فئة الطلاب الذين أوضحوا أنهم مستاءون من الوضعية التي يعيشونها منذ 3 أيام معتبرينها كابوسا سببه ما لقبوهم بـ”العجايز والقهواجية” من رحلة العمر إلى برشلونة على غرار بعض الشباب الذين أبدوا تخوفهم من الطرد من العمل وهذا بعد انقضاء فترة العطلة المرضية.
السفر وإلا سيكون ”بوعزيزي آخر” في المطار
بلهجة قوية وبنظرات ثاقبة، أقسم بعض المسافرين الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم الـ33 عاما، بأنهم يمهلون المسؤولين إلى يوم غد وإذا لم تتخذ إجراءات في هذا الخصوص فسيلجأون إلى ما أسموه بموضة العصر أو طريقة موت ”البوعزيزي” وهذا من خلال إضرام النار في أجسادهم، باعتبار أن مستقبلهم انتهى على يد ”القهواجية والعجايز” والذي للمسؤولين يد فيه.
نساء حوامل يفترشن الأرض ورضع يتغذون على الخبز والتمر
هي الوضعية التي يعيشها العديد من العائلات والمسافرين؛ خصوصا فئة النساء الحوامل اللواتي عبرن لـ”النهار” عن لامبالاة أحد بوضعيتهم الحساسة لولا تحرك بعض ”أولاد لبلاد” الذين اقنتوا لهن وبمالهم الخاص الماء والخبز، كما قاموا بإخراج التمر الذي كان من المفترض أن يأخذوه إلى أحبابهم في الغربة، مضطرين لأن ميزانيتهم لا تكفي بتاتا باعتبار أن الأمر فجائي ولا فلس لديهم.
فوضى يخلقها المسافرون بقرع الأبواب ويصرخون ”نريد لقاء المسؤول”
أشارت الساعة إلى منتصف النهار.. لا شيء جديد، استياء وقلة حيلة المسافرين فجرت مكبوتاتهم؛ فصعدوا إلى الطابق الأول وباشروا بقرع الأبواب والصراخ ”نريد لقاء المسؤول” وقد توغلت ”النهار” في أوساط الجموع الغفيرة، حيث لمست بأن لا مسؤول تفهّم وضعيتهم وقلص من غضبهم، حيث بمجرد الالتقاء بهم والاستفسار؛ صرحوا بأن مصالحهم ألغيت وأجلت، في حين كل مسؤول يتهرّب من المسؤولية ويقول ”أنا خاطيني”. كما تطرقوا إلى نقطة قلة الاحترام التي لمسوها من بعض المسؤولين والتي وصفوها بالجارحة كعبارات البزناسية وأصحاب الكابة.
الرحلات المتعطلة ستنظم في أقرب الآجال والحوار لا يزال مفتوحا مع المضيّفين لإيجاد حلول
أكد أحد مسؤولي الجوية الجزائرية لـ”النهار”، بأنهم بصدد تنظيم كل الرحلات المتعطلة، حيث تم إجراء 24 رحلة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية، كما هناك رحلات ستنظم في أقرب الآجال لتوفير الراحة للزبون بالدرجة الأولى، إذ أردف يقول بأن الإضراب تزامن وفصل الصيف الذي من المتعارف أنه الفترة الأكثر إقبالا للمسافرين.