هـو ينام مرتاح البال وأنا أجني بدلا عـنه الأموال

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته من غير العادل أن تعيش الواحدة منا على عكس الطبيعة التي جبلت عليها مرغمة هي لا بطلة على تحمّل بعض مسؤوليات؛ الرجال وحدهم هم الأقدر أو المفروض عليهم تحمّلها، وهذا تماما ما يحدث لي سيدتي، حيث إني ومباشرة بعد زواجي وجدت نفسي مسؤولة عن زوجي وكل أسرتي عوض أن يكون العكس هو الصحيح. لا أخفيك سيدتي.. أني فتحت عيني على مسؤولية كبيرة في بيت ذوي، حيث إني بدأت مزاولة العمل في سنّ مبكرة، فسرقت المسؤولية الكبيرة التي كانت على عاتقي شبابي وزهرة عمري، ولم أستفق من دوّامتي إلا بعد أن تقدّم رجل بدأت عليه ملامح المسؤولية والرجولة، فقبلت به وأنا أمنّي نفسي بسعادة سرعان ما تحوّلت إلى سراب. وقد كان شرطي الوحيد بعد السعادة والهناء لزوجي قبل عقد قراننا أن يدعني أعمل على الأقل حتى أدخّر القليل من المال الذي في إمكانه أن يحسّسني بأن تعبي وشقائي طيلة السنوات الماضية لم يذهب هباءً منثورا، خاصة وأني صرفت كل ما كنت أجنيه على أهلي، فقبل شرطي وأخبرني بأنه علي المباشرة فيما عزمت عليه، على أن أتوقف عن العمل مباشرة بعد الولادة والإنجاب، ففرحت لأني وجدت أخيرا من يفهمني ويقدّرني حق التقدير. إلا أن أحلامي سرعان ما تبخّرت، فبعد مضيّ شهرين على زواجي ممن خلته سيصونني ويخاف علي، أبان زوجي عن عديد الطباع التي لم أجد لها تفسيرا سوى بأنها نوع من الاستغلال والحيلة، فزوجي سيدتي لا يكترث لتعبي أو شقائي خارج البيت ولا في داخله، كما أنه لا يهتمّ بأن أبقى إلى جانبه كما يرغب فيه العديد من الأزواج، بقدر ما أجده يبحث عن كل ما يخصّ مرتّبي وتاريخ قبضي للعلاوات والمنح، كما أن تأخّر حِمّلي لم يؤثّر فيه بالمرّة، لدرجة فاجأني فيها لما فاتحته في الموضوع بأن كل شيء في أوانه مفيد، وبأن المرتّب الذي أجنيه من عملي المرموق في إمكانه أن يسعدني ويرفع من معنوياتي بالشكل الذي يجعلني فيه أنسى أو أتناسى مسألة الإنجاب. مثل هذا الأمر هزّني وحزّ في نفسي كثيرا، لدرجة بتّ أرى في زوجي مثالا للرجل الاستغلالي المتسلّق الذي لا يهمّه من أمري سوى المال الذي أجنيه، حيث باتت العطل المرضية هي أكثر ما يتّخذه من تسلية له في حياته، كما أن طلباته أصبحت لا تنتهي من تحميلي مسؤولية الإنفاق على المنزل إلى جانب إلحاحه عليّ بأن أخذ قرضا من العمل حتى يحقّق مشروعا طالما حلم به، ناهيك عن أنه يتبختر يوميا بسيارة لولا مالي لما كان ليكسبها، لم أعد أحسّ بكياني كأنثى مع رجل لا يهمّه مني سوى المال والأرباح، ففي الوقت الذي أسهر فيه على راحة زوجي وسكينته، لا يقوم هو بشيء في إمكانه أن يدفع ولو بالقليل إرادتي أو يرفع من معنوياتي، فهل يعقل هذا؟، هل يعقل أن يتصرّف رجل بكل ما تعنيه الكلمة من معاني بهذه التصرّفات البعيدة كل البعد عما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فيستغلّ تعب وشقاء زوجته التي تكدّ وتتعب فيما لا يحرّك هو ساكنا؟، أنا في حيرة شديدة من أمري، فماذا يمكنني فعله حيال هذا الرفيق الذي أنا متأكّدة من أنه لا يحبّني ولا يقيّم لي وزنا أبدا؟، هل أستمرّ إلى جانبه أم أطلب الطلاق وأستعيد حرّيتي وكياني بعيدا عن رجل متعجرف متسلّط لا تهمّه إلا مصالحه الشخصية؟.
الحائرة من الوسط
الرّد:
من غير اللاّئق أن تنقلّب الآية فيصبح الرجل بكل القوامة التي حباه الله بها غير مسؤول أمام امرأة الحريّ بها أن تبقى ضعيفة مستكينة أمام زوجها أو أي رجل مهما كانت درجة قرابته بها، وهذا ما أستند إليه في ردّي هذا، حيث إني أظنّ بأن زوجك استغلّ طيبتك وسذاجتك ليسلب شقاء عمرك وتعبك، فما من ساكت عن حقه خجلا أو طيبة إلا وصنّفه الناس في خانة الأغبياء والسذّج. لست وحدك أختاه من تعانين من مثل هذه المشكلة التي باتت تؤرق كل امرأة عاملة على وشك الارتباط، أو من هي مرتبطة برجل قد يكون من النوع الاستغلالي الذي يسمح لنفسه بأن يسلبها مالها وكل ما تملكه؛ من باب أنه وإياها يشكلان شخصا واحدا، بأنه وبكونه رجلا فهو الأحقّ في التصرّف في المال والتحكّم في الأمور، غير آبه بما من شأن هذا الموضوع أن يخلق من آلأم لدى الزوجة التي تحسّ بأنها آلة خالية من الأحاسيس والمشاعر، وبأنها سقطت فريسة في يد رجل متغطرس لا يخجل في أخذ ما ليس له باللين والخبث في آن واحد. زوجك سيدتي للأسف.. ممّن يخطّطون لما يريدونه تخطيطا محكما، حيث إنه يظهر جليّا بأنه لم يخترك هكذا جزافا، كما أني لست أظنّه قد غفل عن كونك ذات مسؤولية منذ الصغر، وعلى هذا الأساس تم ارتباطكما. وما دمت قد وضعت لهذا الرجل شروطا تبنيان عليها حياتكما، كان عليك أن تُشهدي عليه شخصا من كبار العائلة الذي سيقف له بالمرصاد بعد أن ظهر على حقيقته، حتى لا تسوّل له نفسه التمادي واقتراف ما هو أكثر وأفدح من كل هذا. من جهة أخرى، عليك أختاه أن تحدّثي زوجك في الأمر الذي يقلقك ويزعجك، بالطريقة التي تجعلك تنالين بها راحة بالك وتنبّهين بها هذا الرفيق الذي نسي نفسه وراح يعكس الآيات ويضرب بقيم الرجولة المتعارف عليها من أن الرجال هم من يأخذون بزمام الأمور والمسؤولية بعد الزواج عرض الحائط، فإن وجدت أن ما أخبرته به قد أثر فيه ونفع كان بها، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فيجب أن تضعي النقاط على الحروف معه بأنك لا تريدين الاستمرار على هذا الوضع، وبأنك لا تريدين أن تكوني كالبيضة التي تلد ذهبا لرجل لا يعترف بالجميل ولا بالتضحيات. من جهة أخرى، يمكنك أن تهدّدي زوجك بأن تتوقفي عن العمل وبأن تحمّليه مسؤولياته على أكمل وجه، حيث إنه لم يعد في مقدورك تحمّل كل هذا العبء، فإن وجدته يرفض أو يبدي أي امتعاض، فما عليك إلا إجباره على أن يكون التعاون أكثر ما يميّز علاقتكما حيث يجب أن تتكافأ الفرص وتتساوى المهام حتى لا يحدث خلل في علاقتكما الزوجية. لا تنسي أنكما في بداية المشوار، ولا تنسي بأن العديد من الأمور تبقى غامضة بينك وبين زوجك، فلتبتعدي عن التفكير في الطلاق، ولتتماسكي حتى تتمكّني من التفكير في كل شيء بتعقّل ورويّة، ولعل أهم شيء أنصحك به هو أن وضع النقاط على الحروف يبقى أهم شيء يجب على حواء الاعتماد عليه حتى تعيش بسعادة وهناء مع زوجها، فلا ضرر ولا ضرار، كما أنه لا إفراط ولا تفريط بين الزوجين، ومهما كانت الزوجة قوية وذات نفوذ يبقى الزوج تاج رأسها وحاميها والمسؤول عنها في كل زمان ومكان، ومهما كان.
ردّت نور