وقفة مع النفس

لقد أنعم الله على عباده بكثيرٍ من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تُحصى عددا ولا يكفي لكتابتها حبر، ومن بين النعم الكثيرة التي أنعم الله بها على الناس رحمته التي وسعت كل شيء، ومن مظاهر هذه الرحمة أن يمن الله سبحانه على عدد من المجتمعات بنعمة الأمن والاستقرار، وإننا نعلم يقينا أن هناك أسبابا نم دون شك تؤدي إلى هذه النعمة، منها انعدام الظلم في المجتمعات وسيادة العدل والمساواة بين البشر، قال تعالى: «الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون»، وإن الظلم له مظاهر كثيرة منها ظلم العباد لأنفسهم بالإشراك بالله، وذلك هو الظلم العظيم الذي لا يغتفر، ومن الظلم كذلك وتسلط الظالمين على البشر بسلب حرياتهم وقهر إرادتهم.
لا شك أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت لتحقيق مقاصد عظيمة، وهي حفظ الدين والعقل والنسل والمال والنفس، فالدين من حيث إنه شريعة ربانية قد تكفل الله سبحانه بحفظه من التحريف والتزييف بحفظ القرآن الذي هو المصدر الأساسي للشريعة الإسلامية، قال تعالى: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، أما حفظ الإنسان للدين فيكون من خلال أمور، منها أن يسعى المسلم جاهدا لتوضيح صورة الدين الصحيحة من دون تشويه لها، وألا يغلو في دينه أو يفرط فيه بل يكون منهاجه منهاج الوسطية، وكذلك يحفظ الحكام وولاة الأمور دين الناس، من خلال الحرص على إقامة حدود الله وتطبيق شرع الله وفق منهج الله وتوجيهات النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
إن الأمن والاستقرار هو حالة إيجابية تتحقق بوجود عددٍ من العوامل ويكون الحفاظ عليها بالحفاظ على مسبباتها، فالسياسة الرشيدة التي تسعى لتطبيق العدالة بين الناس وإعطاء كل ذي حق حقه تؤدي إلى الأمن والاستقرار، فالناس سواسية كما بين النبي الكريم «كأسنان المشط»، ولا فضل لغني على فقير أو لصاحب سلطة على ضعيف، وبالتالي تؤدي هذه السياسة إلى أن يشعر الجميع بالرضا، فلا يفكر أحد في أن يرتكب ما يخل بأمن المجتمع.
من الأمور التي تحافظ على نعمة الأمن والاستقرار، أن يذاد عن المواطن ضد المعتدين ويفشل محاولة المغرضين للنيل من أمنه واستقراره، وأن يترصد لكل ظالم حاقد لا يبغي الخير والأمن للناس، ويحافظ الإنسان على نعمة الأمن والاستقرار من خلال شكر الله سبحانه الذي أنعم علينا بهذه النعم فبالشكر تدوم النعم وتزيد.
@ ناصح