إعــــلانات

بعد أن أغلقت في وجهه كل السبل.. شباب يتفنن في الانتحار!

بعد أن أغلقت في وجهه كل السبل.. شباب يتفنن في الانتحار!

لم تعد طموحات الشباب في السنوات الأخيرة منصبة إلا على كيفية الهروب والمغادرة، بحجة أن طبيعة الواقع صارت لا تطاق، ولا يمكن لأحد أن يتحملها، لأنها تجلب يوميا كثيرا من اليأس والملل، وأنها بتزايد حدتها وتراكمها، لا تضيف للمرء إلا شدة وألما، وبالتالي صار الأمل المرجو الوحيد، هو أن يفكر هؤلاء في الهجرة، مقتنعين قناعة تامة أن ذلك يتوافق مع المنطق والعقل.

حتى أنك تجد من يبرر لك ذلك، بأن الله سبحانه يدعو الناس ويحثّ على الهجران، إذ ما أحاطت بالإنسان كل المآسي واستعصت عليه المخارج والحلول، وضاقت به السبل، مخافة أن يتحوّل العكسي إلى عكس شرطي ويجبر المرء نفسه على وضع حد لها، مثلما شاهدنا مع عدة حالات.

وأكيد أن هذا القنوط الذي أصاب معظم فئات الشباب، دليل على وجود أسباب منطقية وصحية عملت على تواجده على أرض الواقع.

أكتب هذه العبارات وأنا أشاهد على «الفايسبوك»، كيف أن شابا من ولاية بسكرة يضرم النار في مجموعة من شهادات تخرّجه من عدة معاهد ومؤسسات، محمّلا مسؤولي مؤسسة تشغيل الشباب (أونساج) سبب إقباله على هذا الفعل الشنيع، وبأنهم حرموه من التحصل على قرض مصغّر.

ورغم ذلك قاوم وترجى وصبر حيال كل هذا التماطل، وحين طال به الأمر، أصيب بمرض «الإرهاق»، إلى درجة أنه أجريت له عملية  في أحد المستشفيات على مستوى الأمعاء، ثم أخرى خاصة بالعمود الفقري، ورغم ذلك لم تغفر له هذه النكسات أن يحوز على قرض، بينما هو ظلّ يردد أن هؤلاء المسؤولين على هذه المؤسسة يمنحون هذا الحق القانوني بالمحسوبية ومرات للعنصر النسوي فقط، أي حسب ميولاتهم وشهواتهم وليس حسب المقاييس القانونية.

لذلك أحرق كل ملفاته، حتى «بطاقة الشفاء»، وقالها بالحرف الواحد: «ماذا أساوي الآن؟».

فعلى أقل تقدير قبل لحظات، كنت أملك شبه هوية مغتربة وصفة ما، أما الآن، فقد تم إعدام كل شيء وهذا بالنسبة له أفضل، حتى يقطع بصيص الأمل نهائيا من مخيلته، ولا يفكر البتة في أن يطرق باب مكتب أحد منهم.

هذا الشاب عيّنة حيّة لآلاف الحالات في هذا الوطن الشاسع المليء بالمغبونين ممن عبثت بهم الإدارة الجزائرية، نتيجة الذهنيات الدافعة إلى الدمار والتلف والتخريب.

ولو كانت هناك، وأقصد في هذا البلد، آليات محكمة لتفادي أي انزلاق، وكان ميزان العدل والاعتدال حيّا، لما سمعنا عن مثل هذه الأمور المخزية، أو بقينا ننتظر بروز هذه الظاهرة وتلك، ثم نسارع إلى تجنيد الخبراء والإعلاميين لمعالجتها، ووضع ضمّادات تخفيف الآلام وليس للقضاء عليها بصفة نهائية.

لأنه ما دامت الإدارة التي هي وجه الدولة ومرآتها لا تزال ماضية في مثل هذه التعاملات والفوضى الهجينة، فأكيد أننا ننتظر ما هو أسوأ من حالة هذا الشاب البسكري الذي انتحر معنويا، وانتحر من قبله العشرات، ولكل واحد منهم طريقته الخاصة، وهذا على مقاس تعددت الأسباب والموت واحد.

رابط دائم : https://nhar.tv/JbBSP
إعــــلانات
إعــــلانات