إعــــلانات

بين العنف والتحولات.. أولادنا إلى أين؟

بين العنف والتحولات.. أولادنا إلى أين؟

بعدما كان المدرّس النبراس وحامل الرسالة السامية، أضحى في الآونة الأخيرة أيقونة للتهكم والاستهزاء والسخرية، بل والتعنيف، سواء كان ماديا أو رمزيا.

ولعل من أهم هذه الأدوات التي تنخر جسد المنظومة التعليمية وتشجّع على استفحال ظاهرة العنف المدرسي، إن لم يتم توظيفها واستغلالها وتكوينها وتربيتها لخدمة أهداف الأمة المجتمعية، ما يلي:

بالرغم من الطفرة النوعية التي حققتها الثورة التكنولوجية، فإن اتجاهات المتعلمين أخذت مسارا منحرفا، شوّه مظهرهم الخُلقي والخَلقي، إذ باتوا يوظفون المواقع الاجتماعية مثل «الفايسبوك» في الاتفاق على طريقة الغش في الامتحانات، بل هناك «فيديوهات» حول العنف المدرسي على الشبكة «العنكبوتية»، تُرشد المتعلمين الذين يرتادونها بعيدا عن واجباتهم المدرسية، إلى تصيّد ما يمكن أن يربك الصف المدرسي، فيرشد باقي المتعلمين إلى تنفيذ العمليات البهلوانية.

تمثّل الأسرة أول محيط اجتماعي يتعلم فيه الطفل الأنماط التي ستشكل السمات الأساسية لشخصيته، ففيه يكتسب بذور الحب والكراهية والتعاون والتنافس والنزوع نحو التسلّط والخنوع، كما تتكون النماذج الأولى لأهم الاتجاهات التي تحدد شخصيته مستقبلا، أي عندما يصير مراهقا، ثم شخصيته وهو راشد، من دون أن ننسى الدور الهدّام للتفكك الأسري الذي يساهم في انحراف أفرادها، إذ إن الحرمان العاطفي من أخطر أساليب التنشئة الأسرية الخاطئة.

ويرى بعض العلماء، أن من أهم أسباب عصبية الأبناء وقلقهم النفسي والشعور بالعداوة والعزلة، حرمانَهم من الدفء العاطفي، وعدم إشباعهم لحاجات الحب في العائلة، كما نجد فئة من الآباء وأولياء الأمور، يدفعون أبناءهم إلى ارتكاب أشكال العنف، وهذا يذكرني بحالة فريدة من نوعها في تشجيع العنف، في أيام الامتحانات لـ«البكالوريا»، أب لتلميذ يهدّد الأستاذ المراقب بدعوى أنه لم يترك ابنه ليغش في الامتحان!

قد يساهم المعلّم في ارتكاب بعض الحماقات، نتيجة سوء تصرفه وتعامله مع تلاميذه، من التهديد واستخدام كلمات التحقير أمام زملاء الطفل والاستهزاء بقدراته، وهذا يؤثر تأثيرا كبيرا على سلوكه، ونتيجة لعجزه وتهاونه في مساره الدراسي، يُضطر إلى التشويش على زملائه، بل قد يجرّ معه فئة أخرى من التلاميذ إلى تكوين «تحالف تلاميذي» يعكر صفو الدراسة.

سعيا من وزارة التربية والتعليم إلى الحد من تكرار وانقطاع التلاميذ عن الدراسة، تقوم بالانتقاء الميكانيكي للمتعلمين، رغم عدم تحصلهم على المعدل الذي يمكنهم من النجاح إلى المستوى الدراسي التالي، من دون تمكنهم من الكفايات الأساسية.

أما الفئة الثانية، فيتعلّق الأمر بالمطرودين، فيتم إرجاعهم، رغم أن الغالبية الساحقة منهم، من المستبعد أن يسايروا أقرانهم في الدراسة، فيضطر إلى تعنيف زملائه وأساتذته، درءا وتغطية للنقص والضعف المدرسي الذي يعاني منه، من دون أن تفكّر الوزارة الوصيَّة في تسجيلهم في مراكز التكوين والتأهيل الأخرى.

في ظل غياب قانون رادع للتلاميذ، يتم في بعض الأحيان توقيف المتعلّم لمدة أسبوع نتيجة ارتكابه العنف تجاه المدرّس، وفي أقصى الحالات، يتم نقلُه من مؤسسة تربوية إلى أخرى، من دون أن يتم اتخاذ قرارات زجرية، ليكون عبرة لباقي المتعلمين قصد الحد من هذه الأزمة التي باتت تنخر مؤسساتنا التعليمية.

يتفق كل أهل التربية على أن المدرّس هو أحد العوامل الرئيسة المؤثرة في سلوك التلاميذ وشخصياتهم، إن لم يكن أهمها، وأنه جزء لا يتجزأ من البيئة المدرسية، ومن دونه لا يمكن تحقيق مواقف تعليمية جديدة، لكن لا يمكن تحقيق ذلك ما لم تعد له كرامته التي سلبت منه من الأدوات والأجهزة والمؤسسات السابقة.

كما أنه لا يمكن أن تعود له قيمته الاجتماعية إلا بتضافر جهود الأستاذ والأطر الإدارية والتلاميذ وأولياء الأمور، وباقي المؤسسات الأخرى في تقويم السلوكيات السلبية التي تظهر على التلميذ، مثل العنف، وذلك عن طريق رصد مسبباتها والعمل على الحدّ منها أو التخفيف على الأقل من تأثيرها.

رابط دائم : https://nhar.tv/WTfp1
إعــــلانات
إعــــلانات