إعــــلانات

حتى تكون علاقاتنا الاجتماعية أفضل وأكثر جودة

بقلم ع/ ب.ش
حتى تكون علاقاتنا الاجتماعية أفضل وأكثر جودة

تتنامى في مجتمعنا ظاهرة الأداء الفردي في مكان العمل والدراسة، إلى أن بلغ منتهاها على ما يبدو، وهذا ما يقودنا إلى علاقات اجتماعية يتناقص فيها الإنصات إلى الآخر واحترامه أكثر فأكثر، وذلك لفائدة سلوك دفاعي أكثر، هذا إذا لم يكن سلوك لامبالاة مع الآخرين.

المتخصصون في دراسة العلاقات في مجال العمل، يرون أن تكثيف أساليب العمل التي تقوم بأغلبها على المنافسة، تلوّث شيئا فشيئا علاقات الناس الاجتماعية، بما في ذلك التي تدور داخل فضاءات عمومية وفي مواقف حياتية يومية.

لقد تزايدت هذه الظاهرة لدى الكثير منا حتى أصبحت رد فعل تلقائيا مفروغا منه، وفي عصرنا هذا، تحوّل ما كان مجرد سلوك عابر أو رد فعل نادر، إلى طريقة في التعامل، وإلى شكل من أشكال العلاقات الاجتماعية، خاصة وأنه بات يستعمل ويلاحظ في شريحة كبيرة من المجتمع، مشاهد تكرر كل يوم مع أشخاص مختلفين وفي أماكن كثيرة ومختلفة، وفي عصر شعاره «أنا وبعدي الطوفان»، فعندما تشعر «الأنا» بأنها مهددة، فإن رد فعلها يكون إما التجاهل التام واللامبالاة تجاه بؤس الآخرين وأزماتهم، أو العدوانية تجاه أي سوء تفاهم بسيط، وهذا أمر مفهوم، إن لم نقل إنه رد فعل منطقي، فالشخص المحاصر بين الريبة والخوف حتما سيلجأ إلى الانكماش على نفسه كحل وضرورة أساسية بالنسبة إليه، كما أنه من الصعوبة بالنسبة إلى الشخص المحاصر بين القلق والإنهاك، أن يبدي أي نوع من التفهم والصبر والإنصات إلى الآخر.

ولتحسين جو العلاقات المشحونة داخل المجتمع العصري، يتطلب من الناس أن يتخلوا عن اعتقادهم بأسطورة نسجَها الأسلوب الفردي الذي ساد العالم في القرن الأخير، وأغلب ملامحها التنافس الشرس بين البشر، وعمّ الاكتفاء بالإنجازات المحققة، وتعدد التخصصات لدى الشخص الواحد، والجري كالوحوش هربا من الشيخوخة في سباق مع الزمن، وسرعة إيقاع حياتنا المعاصرة.

لكي نعيش مع بعضنا في مجتمع واحد وبشكل أفضل، ولكي تكون لعلاقاتنا الاجتماعية جودة أفضل، ولكي نحمي أنفسنا من تدهور علاقاتنا الإنسانية، علينا نحن بنو  البشر أن ننجح في العودة إلى الارتباط بعنصرين أساسيين من العناصر المميزة لإنسانيتنا، وهما اعتمادنا على بعضنا بعضا كبشر وضعفنا من جهة، ومن جهة أخرى، ضعفاء نحتاج إلى بعضنا بعضا، ويكفي من أجل إحداث تغيير إيجابي في علاقتنا الاجتماعية مع الغرباء، أن نبدي اهتماما أكثر بما يجري من حولنا، بمعنى «نساعد الضرير الذي يعبر الشارع، نجيب عن سؤال سائح لا يعرف الطريق، نحترم بعضنا في الطابور عند الزحام، نقدّم المساعدة لمن يمر بأزمة أو مشكل في الشارع..»، وبمجرد أن نستمع إلى شخص آخر ونبدي له تأثرنا وتعاطفنا، يمكننا أن نعيد للعلاقات الاجتماعية في عالمنا حرارتها وانفتاحها ونقلل من التوتر الذي يحيط بنا من كل جانب.

رابط دائم : https://nhar.tv/mGgDi
إعــــلانات
إعــــلانات