إعــــلانات

حتى في شهر الرحمة.. العنف يجرّد الصائم من الرحمة!

حتى في شهر الرحمة.. العنف يجرّد الصائم من الرحمة!

ليس لأحد أن يتشاءم قدر المستطاع، وفي المقابل، ليس عليه أن يتفاءل وهو يعلم بأنه يغش قناعات عقله، وبين هذا وذاك هناك مسافة وسطية وجب التركيز عليها والتوقف عندها، وهي كيفية الخروج بأخفّ الأضرار والاجتهاد في إيجاد علاج شافٍ وافٍ، واضعا في نفس السياق، خططا وبرامج تثبت نجاحها على المديين البعيد والمتوسط، وهو الخيار الأنسب والأجدر بالانخراط فيه.

ولو أخذنا مثلا بظاهرة العنف في الملاعب التي تعاني منها معظم الملاعب الجزائرية، فهي أولا ليست حديثة ولا هي وليدة الصدفة، بل تمتد نحو سنين إلى الوراء، والأكيد بأنها ظاهرة صحية أوجدتها أسباب ما وجب التعرف عليها، وما أصعب أن تكون أسبابا تاريخية وفكرية حضارية، حيث لا يمكن للمرء أن يشخصها في أسبوع أو أسبوعين، بحجة أنها عملية لا تتطلب فقط جهودا مضنية، بل التجنيد الكلي والجماعي لعدة مؤسسات وأجهزة وقطاعات  وطبعا هو الأمر كذلك.

فالعنف هو نتاج فكري لا تصادفه فقط في الملاعب، بل في شتى البقاع والأمكنة الحركية، فهو صادر من أشخاص وجب معرفة دوافعهم التي ترغمهم على التصرف بكذا طريقة. وعلى الرغم من أن ظاهرة العنف لا تقتصر فقط على دولة مثل الجزائر، وهي موجودة في كل مكان وزمان، إلا أن الاختلاف يكمن في أصنافه وأنواعه وألوانه، فهناك عدة مؤشرات توحي بوجوده كظاهرة حيّة، تحيا حسب أهمية الحدث.

«الكاميرا» وسيلة مباشرة تعطيك في البداية الصورة العامة للملعب وما يدور في كواليسه، فحين تجد جمهورا أوروبيا أو حتى عربيا داخل المدرجات أغلبهم كبار سن، وتدقق في ملامحهم ونوعية الألبسة التي يلبسونها وطريقة تفاعلهم مع المباراة، تصل مباشرة إلى النتائج النهائية المسبقة، وهي بأن هذا النوع من الجمهور يستحيل أن يصدر عنه موقف عنيف أو حركة شغب أو سلوك مشابه.

بينما إذا كان الجمهور من فئة المراهقين وحاملي الرايات والمشاعل، فهنا عليك أن تنتظر أي عاقبة سيئة، وإذ كان الملاحظ متابعا وذكيا، فإنه مباشرة يرجح بأن المشكل أخلاقي بالدرجة الأولى، بيد أن الجيل الذي يصدر العنف يمكن حصره في خانة ما وهو معروف، فلو سلّمنا بأن المشكل أخلاقي وهو ما ذهبت إليه وزارتنا الموقرة للشؤون الدينية، حين دعت الأئمة إلى توجيه خطاب صارم إلى المجتمع المراد منه القضاء على هذه الظاهرة، يتساءل أي ملاحظ في مقابل هذا، أهي مسؤولية المسجد يا ترى وأن هذه المؤسسة بمقدورها المساهمة في مجابهة الظاهرة ومحاربتها؟

هل هناك شاب يرتاد المسجد ويعتدّ بشرائع الإيمان أن يدخل الملعب ثم يصبح طرفا في معادلة العنف؟!، المسألة قد تبدو غريبة نوعا ما، فأيّ وزارة معنية بمكافحة هذا الداء وباستمرارية حتى يمكن القضاء عليه نهائيا؟، هل هي وزارة الشباب والرياضة أم الثقافة أم وزارة الداخلية والدفاع أم التضامن الوطني؟!

إن أبجدية التعامل مع  هذه المعضلة، كان بمكان حقا تحديد الجهة الوصية أولا، أم أن كل هذه الوزارات لا تبدو معنية من حيث الاختصاص، وأن المتهم الرئيسي وبالاختصار المفيد، هو الأسرة وأرباب البيوت قبل أرباب التربية والمؤسسات التعليمية.

سوف لن يتوقف العنف لعدة أسباب، وهي بحكم العلاقة المتردية والمهزوزة بين الأسرة والكثير من القطاعات الهامة، هناك قطيعة وفجوة غائرة بين الشعارات والنصوص وبين التطبيقات الفعلية، بين واقع يوصف دوما بالجبهة الاجتماعية وبين مجموع إدارات مفلسة فكريا وعمليا، وفي الأخير كانت النتيجة جد سيّئة بحكم عدم الشعور بالمسؤوليات، وغياب روح الإتقان  والضمائر الحيّة.

رابط دائم : https://nhar.tv/Cw7Yp
إعــــلانات
إعــــلانات