ذكرى 22 فيفري.. قصة حب بين الجزائريين والجيش أظهرت النوايا الخبيثة

تحتفل، الجزائر اليوم الثلاثاء، الذكرى الثالثة للحراك الشعبي، الذي أظهر صورة التفاف الجزائريين مع الجيش الوطني الشعبي. حيث التفّ الشعب حول جيشه في لحمة قوية لم يكن لأحد تصورها من قبل، ما عزز سلمية الحراك.
كما شهدت مختلف وسائل الإعلامية العالمية، السمعية البصرية، والكتابية والالكترونية، مع بداية الحراك الشعبي يوم 22 فيفري 2019، حالة هوس. حيث اجتمع فيها المختصون والمحللون لوضع سيناريوهات نهاية تلك الهبّة الشعبية غير المتوقعة والتلقائية. كان أغلبها يغذي سيناريو يتحول فيه الحراك السلمي إلى حراك عنيف، غايتهم ضرب وحدة الجزائر. لكن في المقابل، كان مختلف الوسائل الإعلامية الوطنية، وأيضا عديد دول العالم، احترافية في تناولها للحدث بعيدا عن التهويل والأكاذيب.
ومن جهة، كان لوعي وتفطن الشعب الجزائري، لهذه المناوشات والإشاعات والأكاذيب، دورا في عدم هدر قطرة دم واحدة. حيث تيقن أصحاب هذه الفتن، أنهم أمام حالة إنسانية فريدة لم يشهدوها من قبل، جعلتهم يفشلون في مخططاتهم. حيث فشل الغرب وحتى الدول العربية التي وضعت حدا لأخوتها في التكهن بسيناريو نهاية الحراك الشعبي المغايرة لكل التوقعات. لخصته الجماهير الجزائرية في شعار بسيط هو «جيش شعب خاوة خاوة»، رمزية كبيرة حملتها تلك الكلمات البسيطة. التي هزت شوارع مختلف مدن الجزائر، من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. كما تعالت فيها أصوات الجزائريين على اختلاف ألوانهم ولهجاتهم ومستواهم المعيشي فأبانت عن لحمة قوية لم ولن يكون كسرها بالسهل. بل هي المهمة المستحيلة التي كسّرت في كل مرة شوكة كل من تسول له نفسه اللعب على خيط الثقة بين الشعب وجيشه.
وفي السياق ذاته، كان التواصل بين الجيش بشعبه من خلال الافتتاحيات التي لا طالما كان يشجعه ويذكره بالوقوف جنبا إلى جنب. حيث دعت افتتاحية مجلة الجيش في عددها لشهر جانفي “يناير” 2022، “الشعب الغيور على بلده والمدافع عنه، إلى الالتفاف حول الجزائر وجيشها”. “من أجل إفشال المناورات المفضوحة التي تحيكها المملكة المغربية الخادمة للمشروع الصهيوني”.
رئيس الجمهورية يعلن ترسيم 22 فيفري يوما وطنيا للتلاحم بين الشعب وجيشه
وأعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بتاريخ 19 فيفري 2020، عن ترسيم يوم 22 فيفري يوما وطنيا. “للتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية”.
كما جاء قرار الرئيس عبد المجيد تبون، بإقرار يوم 22 فيفري يوماً وطنياً، بموجب توقيعه لمرسوم رئاسي. وقال بيان رئاسة الجمهورية، أنّ يوم 22 من فيفري كل سنة، سيخلد الهبة التارخية للشعب الجزائري. حين خرج متلاحما مع جيشه من أجل تكريس الديموقراطية.
وتابع البيان أنّ ذكرى هذا اليوم الوطني يحتفل به عبر كامل التراب، من خلال إقامة تظاهرات وأنشطة تعزز أواصر الأخوة واللحمة الوطنية. كما ترسخ روح التضامن بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية. في حين أوضح بيان الرئاسة، أن ترسيم 22 فيفري يوماً وطنيا من كل سنة، جاء على خلفية الذكرى الأولى للحراك الشعبي المبارك.
خطوات التغيير.. من رئاسيات 12 ديسمبر إلى جعله ذكرى وطنية
وكبداية لبوادر التغيير، تم الإعلان عن إجراء رئاسيات 12 ديسمبر التي فاز فيها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. حيث حرص الرئيس تبون، على إرجاع الفضل لأصحابه من خلال تثمين الدور الذي لعبه هذا الحراك. كما قال الرئيس تبون أنذاك ” لولا الحراك الدولة الوطنية كادت أن تسقط نهائيا مثلما حدث في بعض الدول”. “التي تبحث اليوم عن وساطات لحل مشاكلها” ، ليحيي الشعب الجزائري الذي “كان واعيا وأوقف المؤامرة”.
كما شدد، في ذات الإطار على أن الشعب الجزائري “لبى نداء الواجب الوطني يوم 12 ديسمبر و أعاد الجزائر إلى السكة”. معتبرا أن “النجاح الكبير للاستحقاق الرئاسي هو ثمرة من ثمار الحراك الشعبي المبارك”.
وتجسيدا لمحاور برنامجه الانتخابي، أعلن الرئيس تبون، فور اعتلائه سدة الحكم، عن فتح ورشات التغيير، كانت أولها تنصيب لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور. مع قراره بتمرير هذا المشروع على الاستفتاء الشعبي، بعد مصادقة البرلمان على نصه.
وبتنظيم هذا الاستفتاء في الفاتح نوفمبر 2020، يكون الرئيس تبون، قد جسد أحد أبرز التزاماته السياسية، بإقرار هذه المراجعة “التوافقية”. التي ستجر وراءها إصلاحات أخرى مبرمجة ضمن خطة العمل الرئاسية المؤسسة لجزائر جديدة طالب بها الحراك الشعبي.
وقد شمل تعديل القانون الأسمى للبلاد محاور أساسية تتصل بأهم المطالب التي رفعها الحراك الشعبي. وعلى رأسها ضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة و تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها. كما يضاف إلى كل ذلك دسترة عدد من الهيئات و تعزيز دورها الرقابي. على غرار السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته و السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وتعزيزا للدور المنوط بالقاعدة الشعبية و الفاعلين فيها، تم إدراج مادة جديدة تتعلق بالمرصد الوطني للمجتمع المدني. الذي يعد هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية تتكفل بتقديم آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات الفاعلين في المجتمع المدني.
الحراك.. جهود لم تذهب سدى
وكان للحراك الشعبي أثر إيجابي في مجال حقوق الانسان، وهذا بتأكيد الجزائر تمسكها “الصارم” بالحفاظ عليه، في بلد يعتمد بيان الفاتح نوفمبر وثيقة “مرجعية ” لحقوق الانسان. خاصة وأنه يعتمد على “تصفية الاستعمار وتعميق المساواة والحريات” والتي تمثل أهم أسس ومبادئ حقوق الانسان في العالم.
كما عزّز الدستور الأخير في الجزائر حقوق المواطنين بمختلف فئاتهم، حيث “يحقّ للمواطنين استعمال كل الوسائل القانونية للإبلاغ عن أية تجاوزات وايداع شكاوى بشأنها”. ويحيل أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية محند برقوق على تنصيص التعديل الدستوري على حقوق الانسان. مشيرًا إلى ان 44 مادة تخص حقوق الانسان، إلى جانب عدة آليات ضامنة لها.
في حين شهدت الفترة الماضية، حراكًا رسميًا إضافيًا لترقية مكانة النساء الجزائريات اللائي يمنحهنّ الدستور ضمانات قانونية حقيقية، و سمحت المراجعة الدستورية الأخيرة. وهذا بإقرار مواد تشجّع المرأة مناصفة مع الرجل في ميادين الشغل وتقلّد المناصب بالهيئات والمؤسسات.
كما واظبت المرأة الجزائرية على الانخراط في بناء أسس الجمهورية الجديدة ضمن استراتيجية ترقوية بمعايير دولية طبعت مختلف الآليات التي وضعتها الدولة لتدعيم بنات حواء.
وبالتزامن، شكّل العامان الآخران منعطفًا فارقًا على صعيد التمكين للشباب، من خلال دفع الطاقات الواعدة، وتحفيز الفعل الشباني المثمر. كمفازة تأسيسية للاستثمار الإبداعي المنتج المشعّ المنفتح على أنماط واعدة تؤسس للقادم.