إعــــلانات

رؤوس الرهبان… لابتزاز الجزائر في الجو

بقلم النهار
رؤوس الرهبان… لابتزاز الجزائر في الجو

يكشف التزامن الحاصل بين إثارة فرنسا على لسان مسؤولين سابقين، قضية مقتل رهبان تيبحرين السبعة في المدية عام 1996 وبين الفتور المسجل في العلاقة بين باريس والجزائر على خلفية عدد من القضايا والملفات ذات الطابع الاقتصادي والسياسي والتاريخي، خصوصا مسألة الاعتذار عن الجرائم الفرنسية المرتكبة في الجزائر إبان فترة الاستعمار

وقضية منع السلطات الجزائرية شركة “إيغل آزور” الفرنسية من القيام برحلات جوية إضافية خارج القوانين الجزائرية المعمول بها، عن وجود علاقة غير مرئية بين قيام مسؤولين فرنسيين “سابقين” بنفض الغبار عن قضايا قديمة وإعادتها إلى دائرة الضوء، مثل قضية الرهبان السبعة، وبين الخلاف الجزائري الفرنسي بشأن مصالح كلا البلدين، خصوصا وأن قضية الرهبان السبعة واتهام الجيش الوطني الشعبي فيها لم تعد كما حاولت باريس إظهارها على أنها خطأ معزول وقع فيه جنرال متقاعد قد يكون يعاني من أمراض الشيخوخة مثل النسيان والتخريف، بل إن انضمام السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر كولين دوفارديار، الذي كان خلال عملية اختطاف الرهبان السبعة قبل اغتيالهم من طرف “الجيا”، مديرا للديوان بوزارة الخارجية الفرنسية، لحملة التحامل على الجيش الجزائري، من موقع أن هذا المسؤول كان مشرفا على خلية الأزمة التي نصبتها السلطات الفرنسية مباشرة بعد اختطاف الرهبان، يدل على وجود حملة منظمة تستهدف الجيش الجزائري وتعتمد على تبادل الأدوار والتصريحات للتضليل عن المقاصد والأهداف، وتسعى إلى هدف واحد، يتمثل في البحث عن ورقة ضغط على الجزائر.

الخرجة الجديدة في إطار “مسلسل الرهبان السبعة” لثاني مسؤول فرنسي “سابق”، نقلتها صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية التي ذكّرت بما قاله السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر كولين دوفارديار أمام القاضي الفرنسي تريفيديك في جوان من عام 2007، حيث قالت إن السفير الأسبق لحكومة باريس بالجزائر كان مقتنعا بأن “الجيا” هي التي كانت وراء اختطاف الرهبان السبعة، لكنه قال أيضا أن “الجيش الجزائري ارتكب هفوة” كانت وراء مقتل الرهبان الرهائن.

ورغم حرص صاحب هذه التصريحات على استعمال كلمة “هفوة”، فإنها تتقاطع تماما مع ما قاله الجنرال الفرنسي بيشوالتر الذي كان حينها ملحقا عسكريا بسفارة فرنسا بالجزائر، عندما “قال إن الجيش الجزائري قتل عن طريق الخطأ الرهبان السبعة عندما قصف بواسطة المروحيات الموقع الذي كان يتواجد به الرهبان وخاطفوهم، وهو المشهد الذي يصوّر عناصر الجيش الجزائري بمظهر المبتدئين الهواة والمستهترين بأرواح مدنيين ورهائن”.

ويبقى المثير في القضية هو أن هذه الحملة المستترة تزامنت مع انتزاع شركة الطيران “إيغل آزور” الفرنسية موافقة من جانب السلطات الجزائرية بمنحها رخصا لتنظيم رحلات جوية إضافية دون مقابل، ودون شروط، وهو ما معناه استباحة المجال الجوي الجزائري لحساب فرنسا، وكأن الجزائر ما تزال مستعمرة فرنسية، أو أن الفرنسيين ما يزالون ينظرون إليها على هذا الشكل.

وكانت السلطات الفرنسية قد أقامت الدنيا ولم تقعدها، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على خلفية تدخل السلطات الجزائرية لوضع حد لاستهتار شركة الطيران الفرنسية بالقوانين الجزائرية المنظمة لمجال الطيران والنقل الجوي بالجزائر، حيث أن ضغوطات كثيرة وخفية مورست على الجزائر بهدف ثنيها على العدول عن قرار منع “إيغل آزور” من تنظيم رحلات جوية إضافية إلى الجزائر بدون ترخيص مسبق، وهو القرار الذي جاء، رغم صدوره متأخرا، بهدف تنظيم استغلال المجال الجوي الجزائري وفرض قوانين الجمهورية، قبل أن تشرع فرنسا عبر “مسؤولين سابقين” في إحياء قضية مقتل الرهبان السبعة، لكن عبر عزف سمفونية مشابهة لأخرى عرفت قبل سنوات بعنوان “من يقتل من؟”.

ويكشف تتالي تصريحات المسؤولين الفرنسيين “السابقين”، بشأن قضية الرهبان السبعة، وما يعقبه من تعامل رسمي معها من جانب حكومة باريس، كيف أن هذه الأخيرة أصبحت تعتمد في لعبة “الضرب تحت الحزام” التي تنتهجها مع الجزائر، على “المسؤولين السابقين” لكون تصريحاتهم لا تلزم السلطات الفرنسية في شيء، إذا ما جاءت على نحو سلبي قد يؤثر على العلاقة مع الجزائر، حيث يمكن لباريس بسهولة ويسر التنصل من تبعات تلك الاتهامات بالقول أنها لم تصدر من مسؤول رسمي، لكنها بالمقابل تحمل تأثيرا كبيرا، على الأقل في الرأي العام الدولي، لكونها صادرة من شخصيات مارست مسؤوليات في وقت سابق.

ويأتي استمرار تردي العلاقة بين الجزائر وفرنسا عقب إصرار هذه الأخيرة على إثارة قضايا من “الأرشيف”، فبعد قضية مقتل المحامي علي مسيلي واتهام الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني بالوقوف وراءها، وهي القضية التي تحولت من ورقة ضغط بيد فرنسا على الجزائر إلى ورقة مبللة عقب سقوط كل التهم المنسوبة للدبلوماسي الجزائر في الماء، جاءت قضية رهبان تيبحيرين، التي قطعت الشك باليقين بالكشف عن وجود رغبة خفية وغير معلنة لدى باريس في استمرار حملات التشكيك في السلطات الجزائرية لمواجهة الضغط المفروض من طرف هذه الأخيرة فيما يتعلق بمطلب الاعتذار للشعب الجزائر على الجرائم المرتكبة من طرف فرنسا الاستعمارية في الجزائر.

اسماعيل. ف

فرنسا تسمح بمضاعفة الرحلات الجوية الجزائرية لخدمة مصالح “إيغل آزور”

وزارة النقل ترضخ للضغوطات الفرنسية

وافقت مديرية الطيران الفرنسية التابعة لوزارة الإيكولوجيا، الطاقة، التنمية المستدامة وتهيئة الإقليم، على الطلب الذي تقدمت به شركة الخطوط الجوية الجزائرية القاضي بمضاعفة عدد رحلاتها الجوية من وإلى فرنسا خلال صائفة 2009، حسبما أعلن عنه بيان صدر، أمس، عن وزارة النقل، الذي أوضح أن الموافقة هذه من شأنها تمتين العلاقات التي تربط بين مديرتي الطيران المدني لكلا البلدين، وتجاهل الإشارة إلى أن الموافقة هذه أيضا ستحطم الشريك الجزائري لافتقاره الوسائل اللازمة للقيام بالرحلات الجديدة محل المضاعفة.

 وتأتي موافقة مديرية الطيران المدني الفرنسي، على الطلب الذي تقدمت به نظيرتها الجزائرية، والقاضي بترخيص الأولى للجوية الجزائرية بمضاعفة رحلاتها الجوية باتجاه فرنسا، في الوقت الذي لا يخفى على الطرفين المعنيين بالترخيصات ولا حكومات البلدين “الجزائر – فرنسا”، بأن الجوية الجزائرية تتوفر على أسطول جوي يستحيل الاعتماد عليه في منافسة الشريك الفرنسي. هو أسطول يصفه أهل القطاع بـ”الفقير” نظرا لقلة الطائرات ونوع الخدمات المقدمة من قبل المشرفين على إدارة شؤون الخطوط الجوية الجزائرية. وعليه، فإن موافقة الطرف الفرنسي على الرفع من عدد الرحلات الجوية لفائدة الشريك الجزائري، هو بمثابة ضغط من قبل الحكومة الفرنسية على مديرية الطيران التابعة لوزارة النقل الفرنسية، حتى تحوّل الرحلات محل المضاعفة للشريك الجزائري، لصالح “إيغل أزور”، ومن ثمة يتمكن المسؤول الأول على إدارة شؤون هذه الأخيرة المدعو إجرويدن أرزفي، من ضمان تضخيم رقم أعماله وتقديم خدمات أفضل من تلك التي كان يقدمها لإسرائيل من استثماره بالجزائر.

ويبرر مختصون في قطاع النقل، الضغط الذي لجأت إليه الحكومة الفرنسية على وزارة النقل الجزائرية، بانتهاز مديرية الطيران الفرنسي فرصة افتقار الجوية للعتاد اللازم لتأدية المهام الجديدة التي نسبت إلى الجوية الجزائرية، حيث لم تتمكن هذه الأخيرة بعد من الفصل في المناقصة الخاصة باقتناء 11 طائرة تزود بها حظيرتها، ليصبح بذلك عدد الطائرات المتوفر عليها 43 طائرة. وعليه وفي الفترة هذه بالذات، التي تشهد فيها كل من المطارات الجزائرية ونظيرتها الفرنسية حركية غير معهودة من حيث الإقبال الرهيب للجالية الجزائرية بالمهجر على أرض الوطن- وهي فترة تزامنت وظهور أنفلونزا الخنازير- فإن الجوية الجزائرية ستجد نفسها عاجزة على ضمان الرحلات التي تم مضاعفتها لصالحها، ما يزيد من تذمر زبائنها، الذين سيجدون أنفسهم مجبرين على التحول إلى جناح الطيران الفرنسي، وبذلك فإن حيلة الحكومة الفرنسية وضغطها على مضاعفة رحلات الجوية الجزائرية تعتبر ناجحة بدءا من نهار اليوم وإلى غاية انتهاء صائفة 2009.

حبيبة محمودي

في حلقة ثانية من مسلسل قضية مقتل رهبان تيبحيرين

السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر ينضم لحملة التحامل على الجزائر

انضم السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر، هيبرت كولين دوفارديار، إلى حملة الاتهامات الموجهة للجيش الوطني الشعبي الزاعمة بأنه كان وراء مقتل الرهبان الفرنسيين السبعة في تيبحيرين بالمدية عام 1996، حيث قال السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر، والذي شغل أيضا منصب رئيس ديوان وزارة الخارجية الفرنسية سنوات التسعينيات وكان مسؤولا عن خلية الأزمة التي نصبت عقب اختطاف الرهبان من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا”، أن “الجيش الجزائري ارتكب هفوة”، قال إنها كانت سببا في مقتل الرهبان. وجاءت هذه الاتهامات الجديدة لتضاف إلى تلك التي أطلقها الجنرال الفرنسي المتقاعد بيشوالتر الذي شغل منصب الملحق العسكري بالسفارة الفرنسية بالجزائر، عندما اتهم صراحة الجيش الجزائري بقتل الرهبان السبعة، عن طريق الخطأ، من خلال قصف الموقع الذي كانوا محتجزين به، بواسطة الطائرات المروحية.

ونقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، في عددها الصادر أمس، ما قاله السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر كولين دوفارديار في جوان عام 2007، أمام القاضي الفرنسي المكلف بالتحقيق في قضية مقتل الرهبان السبعة، عندما طرح رأيه من زاوية نظره بشأن أسباب مقتل الرهبان، حيث قال إن “الجيش الجزائري ارتكب هفوة”، كانت سببا في مقتل الرهبان.

 ورغم أن تلك الاتهامات الموجهة للجيش الجزائري جاءت ضمنية ومبطنة وغير مباشرة، بحكم أن صاحبها دبلوماسي يعرف كيف يختار الكلمات المناسبة لقول الشيء دون التلفظ به، فإن الواضح فيما جاء على لسانه أمام  القاضي الفرنسي، يحمل إدانة للسلطات الجزائرية واتهاما للجيش الجزائري بالتقصير والإهمال في حق حياة مدنيين في حالة خطر، وهو معناه أن الجيش يتحمل نفس مسؤولية “الجيا” من خلال تلك “الهفوة” التي زعم الدبلوماسي الفرنسي أنه ارتكبها.

ورغم اعتراف الدبلوماسي الفرنسي في شهادته التي أدلى بها من موقع أنه كان مسؤولا خلال الحداثة بحكم أنه أشرف خلية الأزمة التي نصبت في أعقاب عملية الاختطاف، بأن السفارة الفرنسية استقبلت وسيطا من “الجيا” يدعى “عبالله” وتفاوضت معه في سبيل إطلاق سراح الرهبان، إلا أنه أصر على التغطية على الخطأ الدبلوماسي الفادح الذي ارتكبته مصالح السفارة الفرنسية بالزعم أن قتل الرهبان السبعة كان بسبب خطأ غير متعمد من جانب الجيش الجزائري.

كما كشف نفس المسؤول أن مصالح وزارة الخارجية الفرنسية كانت تستقبل يوميا معلومات حول تطورات اختطاف الرهبان، مضيفا بالقول أنه جرى إيفاد الجنرال روندو من مديرية مراقبة الإقليم الذي أسندت إليه مهمة الذهاب إلى الجزائر لمتابعة القضية، للعمل على أن “لا تشكل التدخلات التي تقوم بها قوات الأمن والجيش الجزائريين أي خطر على الرهائن المختطفين”.

كما نقلت “لوفيغارو” عن السفير الأسبق بالجزائر، حسب ما ورد في محضر التحقيق، قوله أن السفارة الفرنسية من خلال ممثل المديرية العامة للأمن الخارجي استقبلت مبعوثا من “الجيا” الذي طلب رقم هاتف للاتصال بالسلطات الفرنسية ويعلن تبني تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة لعملية الإختطاف، مضيفا أن الوسيط سلم السفارة بيانا حمل رقم 43 تضمن تبني عملية الاختطاف، قبل أن يصدر بيان آخر يحمل رقم 44 تعلن فيه “الجيا” عن قتل الرهبان.

وفي نفس السياق، تحدث الدبلوماسي الفرنسي عن عدم قيام الوسيط المدعو “عبد الله” بالاتصال مرة اخرى بالسفارة الفرنسية بالجزائر، متجاهلا في ذات الوقت الأعراف الدبلوماسية المتعامل بها في مثل هذه الحالات، ومبديا حرص مصالح السفارة على تمسك ومن ورائها باريس على تجديد الاتصال بـ”الجيا”.

ومن المنتظر، حسبما نقلته “لوفيغارو”، أن يستدعي القاضي الفرنسي المكلف بالتحقيق في القضية عدة شهود، خصوصا بعد اتهامات الملحق العسكري السابق في السفارة الفرنسية بالجزائر للجيش الجزائري بأنه كان وراء مقتل الرهبان السبعة بسبب “خطأ وسوء تقدير” ولأنه لم يتصرف بحكمة.

محمد بوسري

رابط دائم : https://nhar.tv/nf19p
إعــــلانات
إعــــلانات