إعــــلانات

لو كانت الضمائر الحيّة تباع وتُشترى في الأسواق.. لاشتراها أغلب الناس

لو كانت الضمائر الحيّة تباع وتُشترى في الأسواق.. لاشتراها أغلب الناس

أي ضمير هذا الذي يدفع الإنسان ليستخدم محركات الضخ من الأودية التي هي مركز لمصبّات الصرف الصحي نحو محاصيل زراعية، ثم تصبح فيما بعد غداء للإنسان والحيوان معا.. وأي ضمير هذا الذي يدفع تجار اللحوم المجمّدة والمستوردة من الخارج بأثمان زهيدة، كي يفرمونها ثم يبيعونها بأضعاف سعرها الحقيقي.

والصنف الآخر كما سمعنا مرارا يستعملون أحشاء البغال والحمير في صناعة النقانق (المرڤاز) وأي ضمير يدفع بولّي تلميذ يدقّ أبواب الأساتذة وحراس الامتحانات، قبل يوم من إجراء أي نوع من المسابقات، طالبا منهم مترجيا مساعدة ابنه، لأنه ضعيف في كذا مادة.

وأي ضمير هذا الذي يدفع رئيس نادي رياضي مهما كانت درجته لبيع نتيجة المباراة لأجل أن يصعد فريق على حساب آخر، وأي ضمير ذاك حينما يقبل صاحب محل شواء على طلاء لحم الديك الرومي (السكالوب) بصبغة حمراء داكنة اللون، لتظهر أمام الزبائن على أساس أنها لحم خروف.

وأي ضمير يجعل أكبر المقاولين المكلف بإنجاز طريق وطني ينجزه بطريقة عشوائية، حين يضع الزفت بسنتيمات معدودة وهي التي لا تستطيع الصمود بمجرد سقوط زخات المطر.. والأمثلة كثيرة.

المهم أن كل هذا حدث للعيان، أما المتخفي فإنه بلا شك أعظم وأبشع، حتى تحوّلت هذه الأفعال المُخِلّة بالإنسانية والقيم العالية إلى سلوك شائع، وجرائم لا يتعظ منها الغير على الرغم من فضحها عبر وسائل الإعلام.

ويحدث كل ذلك تحت طائلة غياب الوازع الديني والأخلاقي، والذي محركه الأساسي ودافعه هو الحصول على المال بأية طريقة كانت.

وإن لم تخنّا التخمينات والاعتقادات، لقلنا إن ذلك صار قاب قوسين ماركة جزائرية خالصة وصرفة، وشاع بقوة في هذا البلد الشاسع بطرق دراماتيكية، لأن الشخص الذي ينخرط في مسائل مثل هذه، بالكاد منعدم الضمير وخال من الحسابات المسبقة التي تضع النتائج نصب أعينها.

أضحت عبارات وحِكم وأقوال حفظناها، غير مجدية ولا تؤدي مفعولها كـ(إن لم تستح فافعل ما شئت) لأنها صارت تُوظف في مجالات السلوك غير السوية فقط، أي الفيزيو نفسية الحركية، أما ما عداها فإن الجميع أحرار طلقاء، يفعلون كل ما يسيء للإنسان والطبيعة، لأن الضمائر الحية لو كانت تباع وتُشترى في الأسواق، لاشتراها أغلب الناس وارتدوها كدرع واق يخدعون بها الغير.

لكن للأسف هذا هو المنال الأصعب لديهم، لأن مثل هذه الأفعال الشنيعة قصيرة العمر، فسرعان ما يتم إزالتها ومعاقبتها، خاصة إذا استمرت في النشاط، وهذا ما يبيّن أن الحقيقة الناصعة والوصول نحو مرابضها، ليست لمن هب ودب، بل تحتاج إلى تضحيات جسام.

أولها جهاد النفس، وجعل يقظة الضمير نبراسا حيا، ينبض كدقات القلب بتوقفه تتوقف حياة الفرد، بل تنتهي وتصبح في يد خالقها.

والأكيد أنه عند معشر العلماء والفقهاء الضمائر الحية، ليست هِبة أو هدية بل وجب الذهاب إليها وتحصيلها كالثمر الصافي، بدءا من عملية قلب الأرض ثم تخصيبها وتطعيمها، ثم زرعها حتى تكتمل العملية الكبرى بنجاح وإلا فإن الإنسان يظل وصمة عار أمام الآخرين وأمام نفسه وربه.. خطاء حتى يرث المولى عز وجل الأرض ومن عليها.

رابط دائم : https://nhar.tv/TqDq5
إعــــلانات
إعــــلانات