إعــــلانات

ليس مهما أن ينجح أولادنا.. الأهم كيف نجحوا؟

ليس مهما أن ينجح أولادنا.. الأهم كيف نجحوا؟

لماذا يلوم كثير من الآباء عندنا في الجزائر تصرفات، حتى لا نقول المستويات الفكرية لأبنائهم وتصرفاتهم، يوم تخرّجوا في الجامعات وكبريات المعاهد؟، حتى وأن لطريقة دخولهم إليها يحتاج منا لمقالات مطوّلة هنا، ونقصد في اللحظة التي يعجزون فيها عن تركيب جملة مفيدة أو حل معادلة رياضية بسيطة.

أو يسلكون سلوكات طائشة! هل يصبح لشهاداتهم هنا أي معنى يذكر، ناسين أو متناسين مبعث هذا الخلل والحجج الموضوعية التي أدت إلى وجوده وتأثيره أمام أعينهم؟، لماذا صارت مؤسسة المجتمع تنتج لنا هذا النوع من النماذج المميّعة والمفبركة، من دون مراعاة الأسباب الجوهرية والأولية التي أفضت لمثل هذه الحال؟

ليس غريبا أن تجد هؤلاء الأولياء، وحتى من رجال التربية ـ بعضهم وليس كلهم ـ، يساهمون بشكل مباشر في تشجيع هذا النوع من الانحطاط والتدليس الفكري والتربوي، حيث في أيام الامتحانات، لن يصبح لهم هاجس إلا كيف يتم الإعلان عن أسماء أبنائهم وأقربائهم ضمن قائمة الناجحين، وبعدها يحدث الذي يحدث، حتى انتشرت هذه العدوى وأضحت كالوباء الذي أتى على الأخضر واليابس.

وفي الأخير جنينا جيلا مهجّنا بكثير من التوابل والقوالب الغربية! جيل يقال له «الجيل المعلّب» أو قل «تحت الطلب»، وكأنه يباع في المحلات العامة ويستورد؛ لأن لغة المال هنا لعبت دورها الكبير والمؤثر الرئيسي، بيد أننا لسنا هنا ضد ثراء أي كان، خاصة إذا كان من عرق الجبين، لكننا ضد ألّا يساهم هذا المال في تكوين وتحسين أو رسكلة المستويات، وبالطبع هناك آلاف الطرق لتحسين مستويات التلاميذ، إن كانوا أقل ضعفا ووعيا.

وفي المقابل، هناك آلاف الأمثلة عن أولياء عملوا كل ما في وسعهم من أجل أن يتخرّج أبناؤهم عن جدارة واستحقاق، وهي فئة لا تشكل إلا عشرة من المئة من المجتمع الجزائري، لكن الغالبية العظمى في الكفة الأخرى، والتي طغت هي فئة من يتخذون الغش ويركبونه كالحافلات اليومية ويتنفسونه ليل نهار ولا سبيل لهم إلا هو، هذه الفئة وجدت من ورائها تشجيع الآباء على شراء كل شيء بالمال و«المعريفة»، وصارت بين عشية وضحاها تتمركز في عدة مناصب.

ولنتخيل جميعا ما الذي ستنتجه لنا، أكيد أنها تحاول خلق خلايا جديدة للغشّ والتهريب والتزييف في شتى المؤسسات والقطاعات، ثم «تتغوّل» وتصبح كل الطيور على أشكالها تقع.

يؤسفنا كثيرا أن نرى حاليا الآلاف من طلبتنا يتهافتون على كسب وحيازة القصاصات التي تمكنهم من الإفلات من الرقابة والدخول لأي نوع من الامتحانات والمسابقات، ومع هذا التطور الشنيع الذي نعيش بين جنباته، وصلت العدوى حتى إلى الجنس اللطيف، فصرن يتخذن من الحجاب حماية لأجهزة «البلوتوث المجهرية» فيضعنها في آذانهن من أجل الاتصال بمواقع الإجابات الصحيحة خارج مراكز الامتحان، ومرات تجد ذلك بمعية بعض المراقبين الذين يتلقون هدايا وهبات، فماذا نسمي كل هذا يا ترى وأين نصنفه، في دائرة أزمة أخلاقية أم ثقافية أم نقص إيمان وضمائر أم ماذا؟ ما فائدة المال والثراء الفاحش في نظر هؤلاء إن لم يضعوا اليد في اليد مع العلم ويشتروا الأخلاق والآداب إن حدث وأن وجدت تباع، وما فائدته إن لم يحث صاحبه على الاستقامة والصلاح والتقوى؟

لقد صارت كثير من الفئات الاجتماعية في الجزائر في قبضة إلى الأمام فقط، من دون تدبير وتروٍ وتبصّر من العقول، بحجة أننا في عصر متسارع كالقطر العابر، كالمذنّب والشهب، فقد أراد الجميع ركوبه من دون معرفة محطات الوصول ولا حتى التوقف، وكانت الحصيلة النهائية أننا فشلنا في تكوين إنسان متكامل وربحنا الشهادات التي هي مجرد ورق زائل، بدءًا من القصاصات التي تُشترى بأثمان بخسة وستنتهي كذلك كالقصاصات البخسة، ولكن في المقابل، خسرنا كثيرا من المبادئ المتعارف عليها إنسانيا وحضاريا ودينيا، لا لشيء، إلا أننا اتخذنا من أسهل الاتجاهات منافذ نمر من خلالها.

ويحضرني هنا قول أمير الشعراء أحمد شوقي، وما استعصى على قوم منالُ.. إذ بدا لهم الإقدام ركابا.. وما نيل المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا.

ولنا في أمم ليست ببعيدة خير مثال كاليابان وأندونيسا والكوريتين وبعض الدول الأوروبية.

رابط دائم : https://nhar.tv/r6v5M
إعــــلانات
إعــــلانات