إعــــلانات

ماذا بعد أن تُظلم المرأة وتخدش كرامتها وسمعتها ؟!

ماذا بعد أن تُظلم المرأة وتخدش كرامتها وسمعتها ؟!

أرملة من «عين الحجل» في ولاية المسيلة، رحل زوجها إلى جوار ربه بسبب مرض خبيث، بعدها شفق عليها الأصهار منه، وتركوا لها البيت ولثلاثة أطفال من دون أن ينازعوها فيه، لكنها ما كانت تعي أو تدرك أن تصاب هي الأخرى بمرض مزمن ألزمها التردد على الصيدليات يوميا، قصد اقتناء رزمة من الأدوية.

والمصيبة الكبرى هي أن مولودها الرابع والأخير من زوجها المتوفي، ولد معاقا وهذه مشيئة الله.. كل هذا لم يشفع لها أمام طلباتها المتكررة للسلطات المحلية التي طالبتهم وترجتهم فيما بعد، بأحقية الاستفادة من مسكن اجتماعي يحفظ ويصون حالها ووضعها الاجتماعيين، لأن المسكن الموروث لم يعد يليق للسكن بسبب التشققات.

والمثير أن كثيرا من المصالح حرمتها وأبت أن تسجلها ضمن المستفيدات من «بطاقة الشفاء»، وهو ما زاد من انتكاسة هذه السيدة وأثقل عليها أعباء التعب والشقاء، إلى درجة أنها لم تجد من سبيل إلا التضرع لله سبحانه، لعل وعسى أن تصادف من يعطف عليها ويساعدها في اجتياز محنتها، وإلا ما عليها إلا أن تخرج إلى الشارع قصد التسول.

مأساة هذه المرأة لا بد أن يُنظر إليها من عدة زوايا، أولها أنها ضحية قدر محتوم في المقام الأول، ثانيا لا توجد لدينا في الجزائر ـ وما أكثر من مثل هذه الحالات – إدارة ومصالح حازمة وعازمة على تخليص هذا النوع من الحالات من براثن البؤس واليأس، وكأننا لا نزال نعيش في أوائل القرن التاسع عشر.

فالمرأة في مجتمعاتنا، خاصة الجزائر العميقة، تعاني الأمرّين، فهي ضحية الأقرباء مهما كانت صفاتهم، ثالثا هي ضحية إدارة لا تزال تنظر إلى هذا النوع من الوضعيات بعين السخط والريبة، وهذا ما لا نجده في مجتمعات أخرى، ونقصد ما وراء البحار، حين تجد عددا من المؤسسات تسارع فورا إلى احتضان مثل هذه الحالات ورعايتها، ناهيك عن إجراءات دولهم الصارم.

فمن من دور الجمعيات المتخصصة إلى منظمات حقوق الإنسان، التي تتدخل بشكل أو بآخر، إلى دور الإعلام وجمعيات الأحياء، وهذا كله يحرج الوصاية، بل يدفعها إلى التدخل الفوري، وعدم ترك أي آثار لمثل هذه الحالات، لأن ذلك بالنسبة لها تقصيرا وتقاعسا حتى لا نقول وصمة عار تُسجل في تاريخ وذاكرة هذا البلد.

في الجزائر أكيد أنها توجد آلاف الحالات المماثلة، والتي أقل ما يقال عنها إنها تعيدنا إلى سنوات مخلّفات الحروب، هذا في زمن نشاهد فيه رجال وشباب عندنا فاقوا سن الرشد يعانون من مشاكل هي في الأصل نتاج الذهنيات المعشعشة في إدارتنا، والتلاعبات التي في معظمها تؤدي إلى الموت البطيء.

فما بالك بالمرأة الضعيفة التي ربما تُستغل في كذا من أمر، لا لشيء إلا لأنها تخجل أو لا تفقه الإجراءات القانونية، أو أن لها حق الاحتجاج، لأن هذه الأوضاع توصل المرء إلى أن يخدش نفسه بكلتا يديه في كرامته وسمعته.

كل ما سمعناه من مشاكل حدثت توردها لنا الصحف والقنوات، هي بالتأكيد نتاج العلاقات الاجتماعية غير السوية والمضطربة في غالب الأحيان، ومن منا ينسى مقولة حافظ إبراهيم يوم قال:«الأم مدرسة، إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق».

وهناك كذلك حكمة تقول «إذا أردت أن تعرف رقيّ أمة ما، فانظر إلى نسائها».

فالقهر والظلم إن وجدا وتلقفته المرأة، فأكيد هناك مجموعة من الاختلالات وجب مراجعتها وإيجاد حلول الاستقامة بشأنها آجلا أم عاجلا، لأنه عندما تعيش المرأة معززة مكرمة، تأكد بأنك صنعت قاعدة متينة وصلبة، خاصة ونحن في زمن التقدم التكنولوجي الرهيب الذي يجعل من المعرفة في متناول الجميع.

فكان ولا بد أن تُستغل هذه الأريحية المكللة بالنعم، السهلة والمتوفرة مجانا لشحذ الهمم، ومعرفة السبل والتفريق بين الحق والباطل وبين الخطإ والصواب، وتقدير الشعوب لبعضها البعض، ناهيك عن تقدير الإنسان لأخيه مهما كان حجم المسافة التي تجمع بينهما، فما بالك إن كان من أقرب الأقربين.

رابط دائم : https://nhar.tv/rLlus
إعــــلانات
إعــــلانات