إعــــلانات

نحن أحفاد الأبطال لا نبيع مجدنا مهما كان 

نحن أحفاد الأبطال لا نبيع مجدنا مهما كان 

عندما تُحصي وتزن ما هو موجود اليوم من مآسٍ يتجرعها الجزائريون كحليب الصباح، وتقرأ على مسوداتك تلك البنود التي تعلّمتها في المدارس عن أمجاد اليوم العظيم الخامس من جويلية، وكيف وصلنا إلى هذه المحطة القريبة من الفردوس بعد تضحيات جسام قدّمها رجال من مختلف الأعمار.

وكذلك نساء وأطفال لهدف واحد لا أكثر،  ستصيبك وعكة عقلية من شدة عدم تصديقك لحجم الفوارق المتناطحة والمفاهيم المقلوبة  بين شباب خرج يومها راقصا رافعا الرايات، وبين آخرين يخرجون اليوم فوق بطون الزوارق ولم تطرأ عنهم أي أخبار إلى حد الساعة، بين عجائز زغردن في طول وعرض الطرقات، وأخريات صرن يقتنين من حاويات بلاستيكية.

وهذا بعد طواف الكلاب والقطط طبعا!.. بين شباب كانوا يرتعشون في جبال الأوراس من شدة البرد والجوع والعراء، وبين آخرين يستحمون في أرقى مركبات ومنتجعات تقبع في أقاصي الأرض،  لربما تكون جزر «الكاريبي» أو شواطئ «ميامي»، ولمّ لا، فالجزائريون وصلوا إلى كل بقاع العالم، ما عدا تلك الموجودة في الفضاء كـ«المشتري» و«زحل».

نعم.. لقد بقينا نتذكر هذا اليوم بباقات الورد حتى وأن أغلبها من مادة البلاستيك، ونقرأ الآيات البيّنات ونترحم على الدماء الزاكيات الطاهرة، لكننا كنا نمني النفس أن يكون واقعنا في مستوى هذا اليوم من العظمة والتبجيل، وأن تكون كفّتي الميزان في مستوى متقارب من التساوي.

وليس بكفة واحدة وأخرى معطّلة، كل هذا وما لحقه من نكسات ونقائص حدث في ربع قرن بشكل هرمي، أي من الأسفل إلى الأعلى، أينما اشتدت حدّته ويزداد تقدما حتى تصل الأمور إلى حجم الإبرة.

حتى قال الجزائري الأصيل يومها: ما الذي جنته عليّ وجنيته أنا شخصيا في حق هذه البلاد، التي كان أجدادي لها درعا وسندا بل حطب وقود من أجل أن يرفرف علمها بشكل حرّ في شتى بقاع المعمورة؟!  إن البكاء والتحسّر وحدهما لا يكفيان عما يحدث بين جوانح هذا الوطن العزيز، فقدر ما هو المأمول من    هذا الجيل وغيره، أن يفكر بوعي تام كيف يتجند فكريا ويشدّ على سواعده ويبحث عن كافة الصيغ والآليات التي تخرجه من عنق الزجاجة.

ويعتبر كل ما حدث من كوارث لعنة أو بلاء حضاريا أصابنا من مجموعات تمركزت بشكل أو بآخر، تسللت بشتى الطرق نحو مكامن الاستقواء، لتجعل من الغالبية العظمى مجرد مواطنين من الدرجة الدنيا، ويعي عِلما وإيمانا بأن كل مصاب له أسباب، وأن كل ما نعيشه اليوم مجرد نتيجة وتحصيل حاصل، بل ظواهر صحية، وأن الأقدار لا تظلم بل تمتحن وتختبر، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

كما يقول الشاعر، لحظتها نستطيع أن نواجه الحق بالحق ونقول لكل متربص وجشع ومستغل من الداخل والخارج. نحن فعلا أحفاد بن بوالعيد وحسيبة ووريدة مداد والأمير عبد القادر وسويداني بوجمعة ولسنا مجرد إمّعة يبيعون تاريخهم وإرثهم المجيد تحت سلطة المال والامتيازات الشخصية.

رابط دائم : https://nhar.tv/kq0d8
إعــــلانات
إعــــلانات