إعــــلانات

هل ستنفع حملات التنظيف.. أم هي مجرد حقن مهدئة ؟!

هل ستنفع حملات التنظيف.. أم هي مجرد حقن مهدئة ؟!

لسنا هنا في حالة فخر، يوم نصرّح بأننا كتبنا حول موضوع نظافة المدن والإنسان مقالات كثيرة، وقد نُشر أغلبها هنا بالصحف الوطنية، وهذا لغاية واحدة كانت تؤرقنا وتقض مضجعنا، وهي أننا كنا نمني النفس أن تصبح مدننا في مراتب متقدمة وأعلى المستويات، قبل أن تخرج علينا مؤخرا «مودة» المدن الذكية، ولسنا كذلك عن أننا كنا نتنبأ بمخاطر الأشياء، ولكن ها هي قد حدثت فعلا، وإلا ما معنى «الكوليرا» وغدا لناظره قريب؟.

فربما لا نتخلص من هذا الخطر حتى يطلع علينا نوع ثانٍ والعياذ بالله هو الأخطر من سابقه، فقط كنا ننقل الصور اليومية، والتي بحد ذاتها لم تقضِ على السياحة فقط كمكسب حضاري وتاريخي، بل أضّرت بالحياة العامة للناس، وجعلت المواطن يتخبط ويصارع أهوال القمامة اليومية.

وبين قوسين أضحت كالشبح يطارده أينما حلّ وارتحل، والأسباب المترتبة عن ذلك متعددة وكثيرة بل متشعبة، من دون القول إنها جريمة بكل المقاييس أبطالها كثيرون، مسؤولون أو مواطنون عاديون، والذين لم يتقاعسوا فقط.

بل والحق يقال، تهاونوا أشد هوانِ في إيجاد الصيّغ والكيفيات اللازمة للخروج من عنق الزجاجة، ـوهاهم يقعون بداخلها ولم ينتبهوا إلا بعد أن وقعت الفأس على الرأس.

والدليل هو مسارعة مصالح البلديات إلى شنّ الحملات المضادة والمتمثلة في خرجات الكشّافة ودعوة المواطن إلى المشاركة الجماعية في خرجات ميدانية متبنية شعارات استعجالية لحفظ ماء الوجه، كشعار «البداية لكم والاستمرارية لكم ومن أجل جزائر نظيفة».

وهي التي كان من المفروض أن تضع هذه الحسابات مبكرا وقبلا، وإلا ما جدوى تلك المُثل والقيّم التي كانت تُلصق بالجدران ويتم تداولها في المؤسسات كشعار الوقاية خير من العلاج؟.

ولماذا تمّ ربطها وإخراجها فقط على المستوى الصحي، بدلا عن نظافة الأحياء والشوارع والمساحات الخضراء؟!.

لقد عجز مسؤولينا صراحة وحتى بالنسبة للأفراد العاديين على مقارعة القمامة اليومية، حتى جنى الجميع هذه النتائج الوخيمة، والمقصود هو السقوط بين مخالب الأمراض.

ويبقى السؤال المطروح، هل ستنفع هذه الحملات أم هي مجرد حقن مهدئة مؤقتا ليس إلا، وسيصير بإمكانها أن نقضي على هذا البعبع بصفة نهائية وبطرق استئصالية مؤكدة من الجذور، لأن الأمر قد يكون ظرفيا حين يتم إزاحة أكوام النفايات ثم سرعان ما تعود كما يقال: عادت حليمة إلى عادتها القديمة؟!.

أم أنه وجب جلب خبراء من الخارج ومتخصصين من أجل أن يرسموا لنا مخططا يمكنه الصمود لمدة نصف قرن أو أزيد؟.

وضف، ما هو الفرق بيننا وبين القرى والمدن الأوروبية، سواء ذات الكثافة السكانية أو الأقل بكثير من مدننا، والتي صرنا نحسدها نكاية فيما نحن عليه؟ وهنا أتذكر جيدا كيف كانت عشرات الرسائل المفتوحة داخل بطون الصحف تتهاطل على المسؤولين.

وكيف كان مضمونها هو تحذيرها من خطر سقي المحاصيل والأراضي الفلاحية من الأودية التي هي في الأصل مصبات لقنوات الصرف الصحي، وهي التي يتغذى منها بيولوجيا النبات، ثم يأتي دور الإنسان والحيوان والميزة التي حفظها الجزائريون.

هي أننا نعيش في دولة تعالج دوما النتائج بدلا من الأسباب!، أي بعد أن تعم الكوارث، ثم نسارع نندب حظنا العاثر والسقيم، وهذا ما لم تغفره لنا الأقدار ولن يغفره لنا كذلك التاريخ، إذ كنا حقا نريد تنمية مستدامة وقفزات نحو الأفضل في شتى مناحي حياتنا، فيجب التفكير المسبق والملي.

رابط دائم : https://nhar.tv/n9Aij
إعــــلانات
إعــــلانات