بسبب تكبّره سيظلمني.. وفي خانة العوانس سيجعلني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدتي.. أنا فتاة بائسة يائسة، على الرغم من جمالي وتربيّتي الصالحة إلاّ أنني أحسّ بخيبة الأمل والرجاء؛ لا لشيء سوى أني أعيش تحت وطأة أب ألغى كل أحلامي وآمالي في الزواج وتكوين أسرة.أبي.. سيدتي، ومن منطلق أن العجب لا يعجبه، رفض ويرفض كل من يتقدّم إليّ خاطبا، متحجّجا بالكثير من الأمور التي لا يتقبّلها العقل، فحينا يقول إن هذا الخاطب من منطقة غير منطقتنا، وآخر لا يناسب مستوانا الاجتماعي، وفتى أمه ذات مراس صعب، وفلان لا يستحق حتى التراب الذي أمشي عليه، علما أننا من أسرة متواضعة وليس بمقدورنا التكبّر على أحد.
قد لا تصدّقي سيدتي، أنه وبقدر الفرحة التي تنتابني حين يدقّ أحدهم بابنا خاطبا، ينتابني من القنوط واليأس أضعافا بعدها، حين يغادر عريس الأحلام بيتنا بخفّي حنين من دون رجعة، ولا شيء على لسان أبي إلا أن “المكتوب لم يكتب بعد”.ليس امتعاضي من صرف أبي للعرسان اعتراضا على قضاء الله وقدره ما دام الزواج قسمة ونصيب، وإنما نبذٌ لعقليته المتزمّتة التي ستجعل العرسان يعزفون عن طلب القرب منه مادام غير آبه بمستقبل بناته الذي جعله مربوطا بشروط واهية.يحزّ في نفسي مثل هذا التصرّف النابع من شخص.. الأجدر به أن يحرص على مستقبل بناته، وليس أن يتمادى فني خلق الشبهات حولهن إلى جانب القيل والقال الذي لا يرحم، كما أنني أفسّر في بعض الأحيان تصرّفات والدي على أنها نابعة من خوفه علينا وحرصه على تأمين مستقبلنا إلى جانب رجل صالح في زمن غاب فيه الرجال، لكن إلى متى يستمرّ هذا الوضع؟، وهل محكوم عليّ الانصياع لرغبة والدي والانتظار إلى أجل غير مسمّى؛ أجل سأكون فيه في خانة العوانس ومن فاتهن قطار الزواج، فماذا أفعل سيدتي؟، وما السبيل لأخرج من محنتي التي باتت تهدّد علاقتي بأعزّ مخلوق لي في هذه الدنيا.الحائرة نرجس من العاصمة
الرد:
أختاه، أصبح من الصعب جدّا على الفتيات في زمننا هذا إيجاد عريس مناسب لهنّ والذي يُرضي غرورهن ويكون في المستوى الذي يرقى لعائلاتهن، ولست أظن أن والدك من النوع الذي يريد إبقاءك وأخواتك إلى جانبه، بقدر بحثه عن رجل مناسب، والذي يحملكنّّّّّّ على أكف الراحة في دنيا السعادة والأمان.لا يختلف اثنان أن العنوسة باتت كابوسا يهدّد فتياتنا نظرا لعدّة مشكلات استبدّت في مجتمعنا من غلاء المهور من جهة، وجشع بعضهم من جهة أخرى، سامحهم الله، والذين يرون في الزواج صفقة ينالون أو يحققون من خلالها مآربهم التي تتنافى مع المبدأ الأساسي لهذا الرباط المقدّس والمتعارف عليه لدى الجميع، لكن والدك، أختاه أخطأ، حيث إنه لم يحدّد على الأقل مواصفات العريس الذي يراه جديرا بمصاهرته، وأهلا بأن يُسعد بناته الذي سيُخسره حبّه الكبير لهن مستقبلهن وكيانهن، لدرجة أنه جعلكن في مفترق الطرق، فلا أنتن عرفتن ما يخالج وجدانه، ولا أنتن تذوقتن طعم السعادة والهناء إلى جانب زوج محترم وبسيط.وعوض التذمّر أختاه أو الامتعاض، أنصحك أختاه بمفاتحة والدك بالأمر ووضع النقاط على الحروف معه، حتى يتبيّن لك وأخواتك السبب الكامن وراء رفضه لكل من يتقدّم إليكن، حتى ترتحن وتعرفن ما لكن وما عليكن معه من واجب الطاعة أو الرفض، ثم ليس من اللائق أن نقف حيال من ربّانا وسهر على راحتنا مثل هذا الموقف المعادي، فما من بنت تقف ضدّ والدها مهما بلغت رغباتها وطموحاتها، حتى ولو كلّفها ذلك حياتها وكل مستقبلها، فهل خلت نفسك أختاه تتزوجين من دون رضى تاجك في هذه الدنيا، أب شرفك من شرفه ولا همّ له سوى أن يراك مستقرّة إلى جانب من يعي قيمتك ويضمن لك السعادة الحقيقية، لأنه ما من أب على وجه الأرض يقبل على ابنته الهوان أو الذلّ على يد أي رجل ولو كان هذا الرجل زوجها.أنصحك في المقابل أختاه، أن توكلي مسألة مصارحة أبيك بهذه المسألة لأحد من معارف العائلة ممن لديه القدرة على فهم ما يدور في بال والدك، فقد يستطيع التأثير عليه والتغيير من حدّة طبعه، كما لا يفوتني أن أنصحك بطلب المساعدة من والدتك، كونها الأقرب إليه وكونها بحنانها وعلاقتها المتينة به ستعرف منه السرّ الدفين الذي اضطرّه إلى رفض العرسان الذين تقدّموا إليكن. من الجميل أن تكوني راضية بمسألة القسمة والنصيب، والأجمل أيضا أن ننال رضى ذوينا في أي مسألة نقدم عليها، فلا تأخذي أختاه موقف والدك على محمل العتاب والمبالغة، وأدركي أن الفرج على يديه “جلّ وعلا” وما من أحد إلا ويأخذ نصيبه، فلتحمدي الله أنه حباك بأب يحرص على مستقبلك أكثر منك، ولتدعي الله أن يحفظه لك ويطيل عمره.
ردت نور